الشاعر علي عباس لـ«البناء»: حينما يكون المبدع صادقاً لا متملّقاً يُبدع… والمقاومة حالة وجدانية إنسانية والانتماء إليها شرف…!

حاورته: نجاة حجازي

شاعر موهوب مرهف، ابتعد عن المبتذل والمألوف سالكاً صراط العاشقين بالتزامه الفكري الواضح، مرتفعاً بعشقه إلى أسمى المناهل التي لا تقبل الشكّ أو الاجتهاد. لا ترتوي كلماته الصادقة الحالمة، الفيّاضة التعبير بقوة مكامنها وهو يجنّدها سلاحاً في سبيل هذا الالتزام. في جماليّة لغته المكثّفة بالرموز والدلالات الروحيّة الشفافة النابعة من عمق أسارير وجدانه تخلق وقعاً موسيقيّاً يطرب القلب قبل الأذن ولا يعرف الملل.

الشاعر علي عباس، شاعر المقاومة والكلمة الحقّ بوجه الطغيان والظلم، البناء التقت عباس وكان لها حوار على نغم الشعر والقصيدة معه، ننقله إليكم.

من أين بدأت فكرة إنشاء جمعية «إبداع» وما الأهداف التي حملتها؟

ـ …في الكثير من اللقاءات العفوية كان السؤال أين جيل الشعراء الشباب؟ ولماذا لا يكون هناك رابط فعلي بينهم؟ أسئلة ليست بالقليلة وأجوبة متفاوته من هنا بدأ التفكير الجديد بإطلاق كيان ثقافي يعمل على اكتشاف وتنمية المواهب الأدبية والفنّية لدى الشباب… رغم أن التسمية لم تكن عائقاً فاستقر الرأي على تسمية إبداع .

كيف تعرّف العلاقة بين المقاومة والفنّ؟

ـ المقاومة عقل وفعل إبداعي وناسها وحرّاسها مبدعون في التزامهم الفكري والعاطفي والوجداني، وبما أن الفنّ نعمة إلهية إنسانية فلا بدّ من لقاء الأرواح والعقول في جماليّات الحرف واللون والضوء .

هل الفنّ قادر على الجمع بين موضوعات المقاومة وتجسيدها في عمل فنّي واحد يحمل الدلالة ذاتها ويحقّق الغاية من الإبداع؟

ـ المساحة الطبيعية والمعنوية للمقاومة رسمها مبدعوها في كل المراحل والمواجهات والفن انعكاس الضوء والظلّ لكل إرادة حرّة وصادقة وصابرة. والمقاومة كفعل متقدّم قد يتأخر عن الفنّ قليلاً مرافقتها في ساحة ونزال، لكن يمكن للفنّ أن يستعيد دوره في التقدّم نحو إبراز إبداعات المقاومة بما ينسجم مع تضحياتها وبطولاتها.

هل من عمر محددّ يمكننا من الالتفات إلى عنصر الموهبة لتعلّقها بتطور الذكاء لدى الفرد أم أنها قدرة فطرية خاصة قد تبرزها ظروف معينة؟

ـ الموهبة صنيعة الله في الخلق كما الكثير من «جينات التفوّق» تنمو وتتطور أو تذبل وتعدم وفق الظروف التي تحيا فيها، وهي مسؤوليات متشعّبة من الإنسان نفسه والبيئة سواء كانت في المدرسة أو العائلة ورعايتها مسؤولية مشتركة وأي إهمال يمكن أن يعرّضها للفناء أو الخطر.

ما صحة أن الروتين قد يقتل الموهبة أو يضيّعها؟

ـ في البدايات تحتاج الموهبة إلى الكثير من الصبر والتأني في التعلّم والتعرّف والمتابعة، ويمكن أن تمرّ في حالات متكررة ولكلّ موهوب شخصيته وقابليته. الموهبة بحاجة دائماً للعناية والرعاية ولا عمر محدّد للاعتناء.. كثيرون من الشعراء والفنانين لم تكن أعمالهم في آخر سنوات حياتهم ذات القيمة الإبداعية التي مرّت بها تجاربهم في سنوات سابقة.

ما سبب تملّك الحيرة لبعض الأشخاص في اختيار مسلك محدّد في مسار حياتهم، ظنّاً منهم أنهم لا يبرعون بشيء؟ هل هذا مرده إلى ضعف وتقصير من الفرد نفسه في كيفية استخراج مواهبه المدفونة فتجده يتخبّط متنقلاً بين الخيارات وقد تتذيل بالفشل. ما هي المفاتيح التي تساعد في الوصول للموهبة غير المكتشفة لديهم؟

ـ الناس أعلم بأنفسهم من غيرهم.. وكيف وحال الذين أكثر رهافة. أعتقد أن الاستعجال والغرور من العوامل الرئيسية للتيه والضياع والتشرّد الفكري وبالتالي استنزاف الموهبة الحقيقة واضمحلال رسمها حتى لا يبقى إلا اسمها ..

كيف تسهم الدورات والورش التأهيلية في إبراز المهارات وتنميتها وهل تدعم الموهوب الذي يعاني نقاط ضعف ما؟

ـ أي مجال من مجالات التعلّم هو فرصة حقيقية لكلّ إنسان وبالأخصّ للموهوبين، والعلم لا يقف على عتبة أي زمن، الدورات والورش والأمسيات والمعارض والمؤتمرات فضلاً عن القراءة والمتابعة لكلّ نشاط ونتاج يمثل حضوراً في ميادين الفنّ والأدب. المشاركة في العقول مصداقها التعلّم من تجارب الآخرين.

ما هي الأسس التي ترتكز عليها عملية دعم المواهب حتى تتحوّل مهارات ومن ثم قدرات إبداعية؟

ـ أن نعرف الموهبة التي نملك بدقة، الصبر والتواضع في التعلّم والتنبّه للوهم .ليست كل فرصة تناسب كل موهوب وليس كل موهوب تناسبه كل الفرص. اعقلوا ثم توكلوا، الدقّة بالاختيار، والدقّة في الخيار.

متى يبرع المبدع في توظيف أي فنّ من الفنون الأدبية في مفهوم المقاومة يتناسب مع طبيعة العمل ليقدّمه كأنموذج حقيقي يمثّل الواقع؟ هل يضعف العمل بتقليد سلوك من يشبهونه في المجال نفسه؟

ـ حينما يكون المبدع صادقاً لا متملّقاً.. المقاومة حالة وجدانية إنسانية إبداعية والانتماء إليها «شرف» سواء من باب الجهاد أو العلم أو الاسترزاق، كلّما اقتربنا من شغاف وعقل المقاومة شعراً أو نصّاً أو لوناً أو أي مجال إبداعي نكون أكثر صراحة وصدقاً، والتعلّم من أي تجربة ليس عيباً.

«صراط العشق»، «على الجمر» و»اشتياق»، ما صلة الوصل التي تجمع بين دواوينك المميزة؟

ـ التزامي الفكري والسياسي والثقافي والعاطفي الذي لا يتجزّأ.

كيف تصف شعورك في كلّ مرة مع كل هذا التفرّد الذي يشعّ بالصدق والعفوية في طريقة تقديمك للأمين العام السيد حسن نصر الله؟

ـ «تمام الغرام».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى