وداعاً للاتفاق النووي الإيراني
حميدي العبدالله
بات واضحاً أنّ الاتفاق النووي الإيراني في سبيله إلى الاندثار. الانسحاب الأميركي كان الخطوة الأولى، لكن من الواضح أنّ الدول الأوروبية سوف تتضامن مع الولايات المتحدة، لأنّ القناة أو الآلية التي وضعتها للالتفاف على العقوبات الأميركية هي مجرد حملة علاقات عامة وعملية ذرّ للرماد في العيون. فهذه الآلية لا تشمل قطاع النفط والقطاع المالي، ومحصورة في بيع المنتجات الزراعية والصناعية ذات الطبيعة الإنسانية مثل مستلزمات المستشفيات.
وحتى هذه الآلية، التي وصفتها إيران أنها تشبه برنامج الغذاء مقابل النفط الذي فرض على العراق في عقد التسعينات، سوف تتذرّع الحكومات الأوروبية الموقعة على الاتفاق النووي، بأنّ خطوات إيران تنتهك الاتفاق التي تجعلهم في حلّ من الالتزام بها، بل فرض عقوبات جديدة والتماهي مع العقوبات التي فرضتها إدارة ترامب على إيران.
إضافةً إلى ذلك وضع الرئيس الفرنسي شرطاً جديداً للالتزام بالاتفاق النووي والمضيّ فيه، وهو قبول إيران البحث في دورها في المنطقة، وبحث برنامجها الصاروخي، وهي المطالب الأميركية – الإسرائيلية التي رفضتها إيران، واعتبرتها انتحاراً لإيران واستسلاماً أمام الولايات المتحدة و»إسرائيل».
الأمر الأكثر خطورة، هو ما تمّ الكشف عنه من أنّ الاتفاق يتضمّن فقرة تقول إذا ما تمّت إعادة عرض انتهاكات الاتفاق من قبل أحد الأطراف أمام مجلس الأمن وصوّت تسعة أعضاء على أنّ طرفاً محدّداً خرق الاتفاق، فإنه لا يحق للدول، استخدام حق الفيتو ضدّ قرار يعبّر عن رأي مجلس الأمن وفرض عقوبات على الطرف المنتهك للاتفاق.
ويبدو أنّ الوضع يسير وفق هذا السيناريو إذ أنّ توجه الولايات المتحدة لتقديم شكوى إلى مجلس الأمن، أو تكليف بريطانيا بتقديم هذه الشكوى، وفي ضوء موقف الرئيس الفرنسي وموقف ألمانيا وبريطانيا، فإنه لن يكون صعباً على الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين بإعادة فرض عقوبات باسم الأمم المتحدة على إيران، وبالتالي إلزام كلّ دول العالم بهذه العقوبات، أيّ العودة بشكلٍ كاملٍ إلى مرحلة ما قبل الاتفاق. بهذا المعنى، يمكن القول وداعاً للاتفاق النووي الإيراني.