في الذكرى الـ70 لاغتياله: نهجُ سعاده السبيل الوحيد للانتصار على الاحتلال والرجعية
طارق سامي خوري
كان فجر 8 تموز 1949 الوميض الأخير من حياة أنطون سعاده، زعيم الحزب السوري القومي الاجتماعي، شديد الحلكة والسواد. ذلك الفجر الذي سجّل وصمة عارٍ على جبين التاريخ مع تنفيذ حكم الإعدام واغتيال أبرز قادة النهضة في بلادنا في القرن العشرين. فجريمة القائد الذي لم يرفّ جفنه وهو يواجه الموت، أنه آمن بأمته وشعبه ووجد له قضية وهويّة موقظاً الروح السورية القومية في نفوس السوريين على امتداد الهلال السوري الخصيب. جريمته أنّه بلور للمسيحيين والمسلمين، وللسوريين عموماً، إيماناً جامعاً عماده الهوية القومية، واضعاً إياه في مواجهة الفكر التلمودي اليهودي القائم على احتلال فلسطين والتأسيس لابتلاع الهلال الخصيب بأكمله في مشروع «إسرائيل الكبرى». سجلّ سعاده في حياته القصيرة الملتهبة وقفات عزّ متكرّرة، من لحظة إسقاطه العلم التركيّ عن سارية مدرسته وهو في مطلع مراهقته، إلى تحدّيه سلطات الاحتلال الفرنسي في مطلع الثلاثينيّات ومن ثمّ إعلانه الكفاح المسلّح ضدّ العصابات اليهودية على أرض فلسطين مع بداية تأسيسه الحزب السوري القومي الاجتماعي في العام 1932.
توّج سعاده معرفته وأفكاره السياسية النهضويّة، بلحظة مواجهة سجّانيه منتصباً، حيث لم يجزع ولم يخَف، وهذا ما يكشف عمق رؤية هذا القائد وصلابته وإدراكه أنّ الدفاع عن القضية يستوجب تضحية المؤمن المخلص بأعزّ ما يملك، وهو القائل «إنّ الدماء التي تجري في عروقنا عينها ليست ملكاً لنا، إنّما هي وديعة الأمة فينا متى طلبتها وجدتها». اليوم، بعد 70 عاماً صاخبة على استشهاد سعاده، والأحوال التي آلت إليها بلادنا من توسُّع المشروع الصهيونيّ ومحاولات إسقاط سورية في أتون الحرب الاستعمارية عليها ومحاولات تقسيمها إلى كانتونات مذهبية وطائفية، وتعميق النظام الطائفي في لبنان والعراق، وإغراق الأردن في مشاريع تحويله إلى وطن بديل للفلسطينيين، ندرك أكثر أهميّة سعاده بالنسبة لنا كأبناء هذا المشرق المتعب، ونفهم أكثر فأكثر الأسباب التي دفعت رموز الرجعية العربية وقتذاك مع سفراء الاستعمار والكيان اليهودي إلى التآمر عليه وتدبير عملية اغتياله. إننا في هذه الذكرى الأليمة والمشرّفة في آن، نجدّد العهد لزعيمنا وقدوتنا سعاده على أننا سنبقى على تعاليمه مؤمنين بوحدة بلادنا وقوّتها المستمدة من التاريخ والمؤسّسة للمستقبل على أساس الهوية القومية، لأنها السبيل الوحيد لمواجهة الفكر التلمودي التوسّعي والعقل الرجعي المتخلّف الذي يحكم مجتمعاتنا ويُغرقها في التفتيت والفوضى والصراعات المذهبية والقبائلية والكيانية.
عضو مجلس النواب الأردني