جبران وقنديل النسيان
برزت أسماء كثيرة من بداية الأزمة السورية وإلى الآن كلها تصبّ في مصلحة قضايا الوطن السوري خاصة والعربي عامة..
كل نفس كتبت وسطرت وعبرت بالعمل أو بالكلمة أو بالفكر ميداناً أو إدلاء أو إيماء أو إيحاء وهي تؤكد وتصور عملاً معيناً أو حالة معينة أو مشكلة معينة في فجوة مجتمعية سواء أو سياسية أم اقتصادية أم تجارية أم صناعية.. هي نفس شريفة نظيفة،
هي نفس أحسّت بملء قلبها وروحها ووجدانها من قلب الحدث تخرط أبعاده لإنقاذ جيل قادم غير متأثر بأزمة طالت سنواتها مؤثرة على جيلها الذي تصادم بواقع فرض عليهم بعضاً من عواقبها الخطيرة؟!
برأيي هو أبلغ الحب لأرضه، لوطنه، هو ذلك الإنسان الأرضي المفعم بخير الأرض بنور الأرض ببهجة الأرض..
وبأن هذا الحب له مطلق الحرية في نسيان ما مضى لأنه لحظة فرح رجوعه أبلغ من أن يتذكر ماضياً أليماً وأي عناء وألم..
فكل حدث يتعلق بماضٍ يمر من ذاكرة «قلب» لينتجه إما ألماً وإما أملاً..
ومن هنا وجد «جبران خليل جبران» في النسيان شكلاً من أشكال الحرية، وهو بمثابة قنديل ينير مستقبلاً أراد به النور والفرج على الحياة..
هذا القنديل سينير للنفس البشرية القادمة أوسع خطاب وجداني..
هو خطاب الروح لعمق الروح..
خطاب العقل لأصحاب العقول..
خطاب القلب لواسعي القلوب..
خطاب الولاء بالدماء لوطن المجد والبناء..
سيكون تعزية شاملة في كلمة حق تُقال في كلمة حب يصدح عبيره لارتقاء القلوب الى تسامح ومحبة سامية..
لأن صانع هذا الوجود أحبّ حتى الظالم، أحب حتى أعدائه، ولكن لا لننساهم بل لنتناسى عملهم ويكون لهم درساً عظيماً أبلغ من أي عقاب لمن يشاوره ضميره؟!
وهنا نستطيع أن نتناسى، فنغفر للألسن لغوَها كما نغفر للحديد صدأه وللنحاس زنجاره..
هذه الحالات وأشكالها وخاصة حالة أولئك الذين يتقنون الكراهية المبنية على صدام المصالح، صدام التيارات،
صدام عديم القرن مع وحيد القرن..
ثم إذا وجدنا الحرية الفارجة في النسيان، فكيف سنجد ذلك في التناسي إلا أن يكون حرية مكبوتة..
هنا نقف لنقول لن يكون النصر إلا للإنسان الفطرة، الإنسان الرحمة، حيث تفيض أخلاقه حباً ونبلاً لطالما كان قد تناسى لا مخيراً – ألمه وشقاءه عندما وصل ظامئاً نبع الرخاء والنقاء والنعمة.
د. سحر أحمد علي الحارة