الغجرية جاهدة وهبة تحيّك بصوتها أرض الأشرفية…!
جهاد أيوب
جاهدة وهبة تستقبل، تُحيط الجميع بعاطفة شاعريّة وجدانية، تضحك هنا، وتبتسم هناك… مرتدية عباءة غجرية حمراء زادت من بريق الحضور بريقاً وحضوراً، ومطرّزة ببقايا الأحلام العربية المرتحلة إلى ماضٍ تغيب عنه الشمس، أعادته هذه الغجرية مع ابتسامة الطفلة الباحثة عن عيون الأصدقاء لتبوح معهم عن حكاية سرقت، عن عناق بين حبيبين لم يستمرّ، عن مستقبل الفنّ في أوطان تغتال أشجارها واقفة، عن جاهدة وهبة في ألبومها الجديد «أرض الغجر».
اللقاء الأمسيّة في «متحف سوق سرسق» في الأشرفية، الكلّ ينتظر صاحبة الدعوة وجديدها في الغناء، الحديث طال في باحة غلب عليها التعارف والثرثرة والتقاط الصور، وتجوال مطربة مجاهدة في فنّ يكاد ينقرض من زحمة الهزيمة الجماليّة، مطربة تشعرنا أنها لم تتعب ولم تكبر وفي بداية المشوار الصعب… هي جاهدة وهبة ترحّب بالأحباب وبالزوّار…
هناك طلب من الجميع إلقاء نظرة على متحف بعلبك لتستقبلك لوحة فوتوغرافية للأسطورة صباح مع روميو لحود وشوشو في «مهرجان أيام العزّ»، وبالقرب ما كتب عن حفلة الراسخة أم كلثوم ونشاطات إبداعية من الصعوبة أن تُعاد… وكيف ستعاد وكل ما فينا لم يعد فينا!
ما أروع مفردات جاهدة حينما صعدت المسرح تخاطب جمهورها بدموعها، تسرق لحظاتهم لتعبّر عن وجدانها بعاطفة مغروسة بصوتها وبفرادة العشق، تأخذ تنهيدة عميقة، ترمي السلام على محبين شاركوها خبز أرض الغجر، وتعيد التحية مع ابتسامة «شو بحبكم»، وتتذكّر جهود أسرتها من تاج والدتها، وحنين والدها وقلق شقيقتها.
تأخذنا جاهدة إلى نهر من مفردات العرب لم نعد نعرف روحها وبوحها، وتنادينا مع جرس النطق إلى مبدع شغفه فنّ العود، إلى قيمة اسمها شربل روحانا.
في «أرض الغجر» وعلى المسرح مباشرة حالة سحرية من حياكة المكان والسمع والذوق… اليوم جاهدة أكثر تألقاً، وطفولة، وضحكاً ونقاوة صوتية فائقة ومشاكسة، غنت أكثر نضجاً وأكثر ثقة وأكثر راحة… عمل إيقاعي مشرقي خاطف، ويا ليت جاهدة لم تتعمّد الصمت، ويا ليت شربل لم يوقف عصا عزفه.. كنا كل الشوق إلى مزيد من شرب الجمال، وسكب الإبداع المباشر، وخطف بعض من أحلامنا في أذن تتعطش الجمال!..
شربل روحانا حالة خاصة من التواضع، والعزف القيمة، وجاهدة تلعب في صحراء كي تبيعنا اخضراراً!
عرض في الأمسية فيلم «تانغو الثورة» إخراج إيلي كمال، وبطولة راقصة من مازن كيوان وندى بو فرحات، ومن موسيقى جاهدة وهبة.
مدة الفيلم 13 دقيقة أصابتنا بملل الوقت كما لو كان ساعات، الفكرة جميلة ولكن قدّمت ونفذت بتكرار عشوائي، وبأداء تمثيلي راقص من قبل ندى دون روح الراقصة، وخارج الإقناع التمثيلي، همّها فقط إبراز الشهوة والغريزة وتعرّي جسدها إقحاماً..
مازن كيوان أكثر إقناعاً وثقة، يلعب بمسؤولية في ملعبه… كان بالاستطاع اختزال المشاهد الراقصة، وفرض الإحساس الراقص وليس إحساس التمثيل الهرم!