فتح النقاش هو أهمّ ما تحقق

ـ أظهرت الكلمات النيابية التي تناوب عليها عدد لافت من النواب في خلال مناقشة الموازنة تجاوز الخط الأحمر الذي كان من المحرمات طوال سنوات مضت عدنما كان مسموحاً الاتهام المباشر للقادة السياسيين بالمحاصصة وتحميلهم مسؤولية الفساد والهدر، لكن كان ممنوعاً أيّ تلميح لاعتبار الإصلاح المالي مشروطاً بمناقشة دور مصرف لبنان المتضخم في الاقتصاد والمال والنقد حتى صار بمثابة الحكومة المصغرة.

ـ الدعم الدولي لقيادة مصرف لبنان بالتوازي مع تنامي كتلة الدين الداخلي والخارجي وما تفرضه الديون ومستويات التصنيف اللاحقة لها من موقع قوة للمصارف اللبناية من جهة والمؤسسات الدولية الدائنة من جهة ثانية ومؤسسات التصنيف الإئتماني المالية من جهة ثالثة وكلها تنعقد خيوطها عند مصرف لبنان جعل كلّ بحث مالي وإقتصادي بحثاً على القشرة ما لم يبدأ نقاش وطني حقيقي لتصويب مكانة مصرف لبنان في معادلة الدولة.

ـ يجاور مصرف لبنان عدد من الجزر التي تعيش في فضاء خاص مالي وقانوني وإداري أهمّها مجلس الإنماء والإعمار الذي يقود الإنفاق الإعماري والتنموي ويشكل الباقي مجرد تنفيعات خدماتية للسياسيين لضمان تغطيتهم دور مصرف لبنان كقيادة حقيقية للسياسة المالية التي جعلت لبنان رهينة للديون، ودور مجلس الإنماء والإعمار كقيادة للإنفاق الإستثماري الموجود فعلياً خارج الموازنة، ومصادر التمويل الداخلي والخارجي تشكل القطب الثالث في هذه المعادلة المحكمة لفرض شروطها حيث لا يمكن الحصول على تمويل لمشاريع لا تمرّ عبر مجلس الإنماء والإعمار ولا بحث خارجي بالوضع المالي والحلول المالية إلا تحت قبة مصرف لبنان.

ـ النقاش المطلوب ليس عدائياً ضدّ مصرف لبنان ومجلس الإنماء والإعمار أو ضدّ القطاع المصرفي، بل هو ضرورة لتصويب مسار خطير ينذر بالسقوط ما لم يتمّ التعامل مع الوضع الراهن بصفته وضعاً شاذاً بمفهوم بناء الدولة ومؤسساتها وأهمّ ما جرى في جلسات الموازنة أنّ النقاش قد بدأ…

التعليق السياسي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى