قالت له
قالت له: بين النسيان والتذكّر يتشكّل وعينا كبشر فكيف يحضران في الحب؟
قال لها: تبقى صورة الحبيب كما رسمناها في مخيلة الشوق الأول مصدر الحنين والرغبة بنسيان اللحظات العاصفة والقاسية حاجة كي نستمر
قالت: وهل تتوازن الصورتان؟
قال لها: عندما تتوازنان يبدأ الحب بالترنّح ويصير الاستمرار نوعاً من العادة وتصبح الذاكرة والنسيان تفاصيل، وعندما يفقد الحب الحرارة ويصير فعل العقل وحده يصبح أقرب لعلاقات العمل ولا يبقى حباً.
قالت: إذن تبقى صورة الحنين طاغية فيبقى الحب.
قال: ويسعف النسيان الذاكرة في طمس اللحظات القاسية فتطغى بقوة الحب.
قالت: وهل يمكن تشكيل الذاكرة إرادياً؟
قال لها: مستحيل أن يحدث ذلك، لكن اللاوعي فينا يقرر بقوة درجة التمسك بالحبيب دفع الذكريات المؤلمة إلى مناطق خلفية وترتيب متأخر فلا تحضر على السطح متى استحضرنا صورة الحبيب وتذكرناه وإن حصل ذلك وحضرت تلك الصور القاسية فهذا معناه أن الحب يفقد قوته السحرية. وهذا هو أهم ما فيها.
قالت: وهل لديك تفسير كيف يحدث ذلك؟
قال لها: إن صورة الحبيب متألماً وصادقاً في تجاوز اللحظات القاسية تبقي عليه بصورة الطيب والحريص والمخلص وصورته المعاكسة أي المتعالي والمتمسك بما قال أو فعل وغير النادم على التوتر والانفعال والغضب يبدأ باستبدال مكانة الحبيب الطيب بالمتذاكي والمتلاعب. وهنا يبدأ الحب بفقدان سحره.
قالت: إذن أن تقول إننا كلما كنا نمضي من أزمة عاصفة ونجلس نستذكرها ونبكي أحياناً ونتبادل التسامح والمغفرة من بعضنا كنا من حيث لا ندري نبني الذاكرة التي تحمي استمرارنا حبيبين يحضر في ذاكرة كل منا عن الآخر صورة الشوق الأول وليس صورة الغضب الأخير؟
قال لها: أنت بارعة في صياغة المعادلات التي يمكن أن يتعلمها الآخرون منا، كما تعلمنا نحن من الآخرين حرصاً منك على فكرة الحب وهذا يزيدني حباً.
فقالت: وأنت بارع في زرع الأمل.
فقال لها: والقبل.
قالت: والعمل؟
قال: تعالي وضمّها ومضيا.