تحقيق تونسي يكشف عن 150 جمعية تدعم الإرهاب
ضبطت وزارة الداخلية التونسية أخيراً قائمة مفصلة بأسماء الجمعيات والتنظيمات والعناصر، التي ثبت تورطها في تمويل الإرهاب، تضم قرابة 150 جمعية وتنظيماً وشخصية، تمّ توثيق وجود علاقة مباشرة بينها وبين الإرهاب في تونس، بعد فتح تحقيق مشترك بين مصالح وزارة الداخلية، والإدارة العامة للجمعيات، والأحزاب، ودائرة المحاسبات، وبقية الهياكل الرقابية، لكشف النقاب عن الشبهات والتهم والوقائع ذات الطابع الإرهابي أو الإجرامي المنسوبة إلى تلك الجمعيات والمنظمات.
وذكرت تقارير إعلامية محلية أن 150 جمعية وتنظيماً باتت تحت المجهر بسبب دعمها للإرهاب والمتشددين، وأن حجم المصاريف التي دفعتها الجمعيات في هذا المجال بلغت ملايين الدولارات وسط اتهامات لبعضها بالتحزب والتشدد الديني.
ويوجد في تونس حالياً 16700 جمعية حاصلة على تراخيص قانونية بالعمل، غير أن أكثر من 700 جمعية تخضع بالكامل لأحزاب إسلامية، منها حركة النهضة وحزب التحرير والجماعات السلفية، وتحصل هذه الجمعيات على دعم مالي خارجي غير مرصود من قبل الأجهزة الحكومية، وتقوم الجمعيات باختراق الفئات المجتمعية الفقيرة والمهمشة والهشْة والمناطق الريفية والأحياء الشعبية المحرومة، إذ تقوم بالترويج للأحزاب التي تقف وراءها.
مصادر تمويل متنوعة
وقال الناطق السابق باسم وزارة الدفاع والعضو القيادي بمؤسسة الأمن الشامل العميد المتقاعد المختار بن نصر، إن مصادر تمويل الإرهاب في تونس كثيرة ومتنوعة، انطلاقاً من الجمعيات الخيرية وكذلك الاتجار في كلّ الممنوعات، من البضائع البسيطة إلى المخدرات إلى الأسلحة، إلى جانب تعامل الإرهاب مع التهريب في علاقة تكامل أدوار بين المهرب والإرهابي. وأضاف مختار بن نصر أنّ من أهم مصادر تمويل الإرهاب هي الجمعيات الخيرية التي يكون هدفها سامياً في العلن، لكن خلفيتها هي تمويل الخلايا الإرهابية، موضحاً أن «عصابات التجارة الموازية ابتداءً من البضائع العادية إلى المخدرات والأسلحة تتعامل مع الشبكات الإرهابية، حيث تتقاطع مصالحهم، فيجد المهرب طريقاً آمناً بدفع فدية للإرهابي الذي يمده بالإمدادات اللوجستية في الصحارى والغابات، على حد تعبيره.
جمعيات إخوانية
أكد القيادي في حركة «نداء تونس» والباحث في الجماعات الدينية ناجي جلول أن عدداً من الجمعيات الناشطة مرتبط بالتنظيم العالمي للإخوان المسلمين وبمشروعه في المنطقة، مشيراً إلى أن بعضها أسهم في الحملة الانتخابية لحزب حركة النهضة الإسلامي، كما أن هذه الجمعيات تقوم بمساعدة المحتاجين من ذوي لون أيديولوجي بعينه.
وقال جلول، إن الخطر الحقيقي هو أن تقوم هذه الجمعيات بتعويض الحكومة في بعض مهامها، وأن تخترق القانون المانع لتمويل الأحزاب بتوفير سند تمويلي لبعض الأحزاب غير خاضع للرقابة، مضيفاً أن هذه الوضعية تهدد سيادة الدولة التونسية، خصوصاً مع ارتباط بعض الجمعيات بجهات خارجية متورطة في دعم الإرهاب.
تجميد
أصدرت وزارة المالية التونسية بالتنسيق مع محافظ البنك المركزي قراراً بالتجميد الفوري للأموال الراجعة للجمعيات والأشخاص والكيانات والتنظيمات التي لها علاقة بالإرهاب.
واستناداً إلى ما صرّح به المدير العام في وزارة المالية علي الورغي، فإنّ هذا القرار سيُتيح للمؤسسات المصرفية وغير المصرفية من شركات تأمين ووسطاء بورصة اتخاذ قرار التجميد، وذلك بعد الإطلاع على القائمة التي تُصدرها الأمم المتحدة لكلّ من ثبت ارتباطه بالعمليات الإرهابية.
يأتي قرار وزير المالية في إطار مجهود الدولة والمجهود الدولي لمكافحة الإرهاب ومنع غسيل الأموال وفقاً لقانون كانون الأول 2003 الذي لا يزال ساري المفعول، وبحسب القانون المذكور فإنّه يجوز لوزير المالية وبعد أخذ رأي محافظ البنك المركزي اتخاذ قرار تجميد أموال الأشخاص أو التنظيمات الذين تبينّ للهياكل المختصة ارتباطهم بالجرائم الإرهابية.
ويعد قرار وزير المالية بالتجميد الفوري للجمعيات التي لها علاقة بالإرهاب خطوة جيّدة لقطع الطريق أمام قوى، بدأت تهيمن على الوضع الاجتماعي في البلاد، على رغم تورطها، بحسب التقارير الأمنية، في دعم الإرهاب وتجنيد المتشددين للقتال في عدد من بؤر التوتر في المنطقة.