المؤرخ الرفيق مفيد عرنوق أحد أبرز من اهتم بالأساطير السورية

عرفته جيداً وكنتُ ارتاح كثيراً لتعاطيه الأخلاقي، ولسوية التزامه الحزبي الصادق. كثيراً ما كنتُ التقي به في بيروت، وقد كان استقر فيها وأنشأ علاقات جيدة مع الهيئات الثقافية.

هذه المعلومات عن الرفيق المؤرخ مفيد عرنوق تضيء على سيرته، انما نحن ندعو الامين مخايل شريقي الذي اقترن من الرفيقة الاديبة اناة عرنوق 1 ورفقاء من الكيان الشامي عرفوا الرفيق مفيد، ان يضيفوا ما يغني سيرته ومسيرته

من المعلومات المدونة بخط يدهِ اخترنا التالي:

تلقيتُ علومي الابتدائية والثانوية في مدرسة طرطوس، التي أصبحت أثناء دراستي تابعة للبعثة العلمانية الفرنسية.

تخرجتُ عام 1931 حاملاً إجازة بكالوريا قسم ثاني فلسفة، وقد درستُ بعدها سنة كاملة لدى الكلية اليسوعية في بيروت، في فرع الاقتصاد السياسي.

وفي 1936 تمَّ تعييني كموظف في إدارة حصر التبغ والتنباك في اللاذقية، كما أنني في نفس السنة انتميتُ إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي، ومنذ ذلك الحين إلى تاريخ هذه السيرة، لم انفك عن خدمة العقيدة القومية الاجتماعية بكل ما لدي من نشاط.

أولاً: عضو عامل في الحزب السوري القومي الاجتماعي منذ عام 1936.

ثانياً: ناظر إذاعة في منفذية اللاذقية التي كان يرأسها الرفيق عزيز ارناؤوط وقد استمرت هذه المسؤولية حتى عام 1955.

ثالثاً: رئيس المكتب السياسي في سوريا الشمالية تابع إلى «الأمين» نعمة ثابت رئيس المكتب السياسي الأعلى.

رابعاً: عضو في اللجنة الثقافية التي كان يشرف عليها «عميد الثقافة» فايز صايغ، في فترة غياب حضرة الزعيم في المغترب.

خامساً: رئيس تحرير مجلة القيثارة في اللاذقية بموافقة عمدة الثقافة، وكان الهدف من هذه المجلة جمع شمل القراء الناشئين وتشجيعهم، وقد استمر صدورها سنة كاملة، توقفت بسبب العجز المالي.

سادساً: بدأتُ الكتابة في التراث منذ العام 1946 حتى الآن.

وما عدا المقالات والمحاضرات التي أُلقيها حتى الآن، أصدرتُ الكتب التالية:

ألحان الوجود: ترجمة ديوان شعر غبريا ميسترال التشيليّة، لِما وجدتُ فيهِ من نفحة أدبية قلَّ نظيرها، شعرت أن الجيل الجديد بحاجة للاطلاع عليها.

كتاب التوراة والتراث السوري.

أضواء على الصراع العربي- الإسرائيلي.

ترجمة قسم من أعمال الكاتب السوري الشهير لوقيان السميساطي.

ترجمة كتاب الصهيونية العالمية للكاتب «بيير هابيس».

اللآلئ: حول الأدب الكنعاني الاوغاريتي رأس شمرا .

نقطة في حلم خواطر .

ولدي مخطوطتان تحت عنوان:

الأيديولوجيا اليهودية في شقيها التوراتي والصهيوني.

ترجمة كل الأساطير السورية.

كما أن لدي مشروعين للكتابة وهما:

تاريخ لواء الاسكندرون وقد انجزت نصفه وهذا التاريخ يمتد من 4000 قبل الميلاد حتى 1938 بعد الميلاد.

التاريخ يبدأ بسوريا.

منحه وسام الواجب:

بتاريخ 19/3/1997 أصدر رئيس الحزب الأمين علي قانصو المرسوم رقم 52/65 الذي قضى بِمنحِ الرفيق مفيد عرنوق التابع لمنفذية دمشق، وسام الواجب.

نشرَ الصحافي هاني الخير في قسم شؤون ثقافية في جريدة الثورة مقالاً بعنوان: «المؤرخ مفيد عرنوق، وكلماته الأخيرة» جاء فيه:

كيف بدأ اهتمامك الشخصي بالموضوعات التاريخية؟

كنتُ في العشرين من عمري وربما أصغر بثلاثة أعوام، لم أعد اتذكر بدقة حين شاهدت في طرطوس بعض علماء الآثار من الجنسية الفرنسية في زمن الانتداب، يحفرون مساحة من الأرض بهدوء وروية، وبحذر شديد، بعد ذلك شاهدت العديد من القبور والنواقيس المزينة بنقوش بديعة وبكتابات غريبة لم أكن أعرف معناها آنذاك، فاسترعت هذه الحالة انتباهي واثارت فضولي ومشاعري، بخاصة أن أحد خبراء بعثة التنقيب تحدث أمامي بلغة مبسطة عن أهمية هذه الاثار، فأمطرتهُ بوابل من الأسئلة على مدار الأيام التي تلت هذا الاكتشاف الجديد، وهكذا بدأت بكتابة موضوعات في الصحافة اللبنانية عن الآثار السورية المكتشفة حديثاً وتحديد خصائصها.

دورك في اصدار مجلة القيثارة؟

كنتُ واحد من أسرة تحرير مجلة القيثارة التي صدرت في اللاذقية لعام 1946 ميلادية واُسندَ إلي وظيفة سكرتير تحرير، وكانت هذه المجلة تهتم بالشعر الجديد والأدب الحديث.

بعد احتجاب مجلة القيثارة ماذا فعلت؟

تفرغت لكتابة التاريخ السوري القديم وكذلك التاريخ اليهودي، واكتشفت بالدليل القاطع، بأن التوراة منسوجة عن الأساطير الكنعانية، مع بعض التحريف المقصود أحياناً والحشو الزائد أيضا.

منهجي، ما قالهُ الكاتب السوري لوقيانوس السوميسطاي من أراد أن يكتب التاريخ عليه أن ينسى هويته وجنسيته ويهمل عواطفه الذاتية وبذلك تكون كتابة المؤرخ نزيهة. هذه النصيحة الغالية والثمينة عملت بها طوال حياتي.

الرفيق مفيد يحاضر في نادي الوفاء الدمشقي:

من غير الممكن تغطية كل الأنشطة التي قامَ بها الرفيق المؤرخ مفيد عرنوق. أحد هذه الأنشطة كتبت عنه مجلة «صباح الخير- البناء» ومما قالته:

أحيا نادي الوفاء الدمشقي أمسية ثقافية ألقى فيها الأديب والبحّاثة التاريخي الأستاذ مفيد عرنوق بحثاً بعنوان «العهد السومري، تاريخه، وحضارته».

حدد الأستاذ عرنوق العصر الذي يتحدث عنه منذ الألف الرابع ق.م إلى منتصف الألف الثالث منذ فجر المدونات، وهو التراث الذي ارتسم فوق الأرض السورية، التي وصفت بالهلال الخصيب نسبة إلى شكلها الجغرافي وخصوبة أرضها، والتي كانت وحدة جغرافية حضارية مزّقتها معاهدة «سايكس-بيكو» بعد الحرب العالمية الأولى إلى عدة كيانات، هي: العراق وسوريا ولبنان والأردن وفلسطين، كما تم فيما بعد سلخ كيليكية ولواء الاسكندرون عنها، وامعاناً في التمزيق سلّطت الدول العظمى اليهود على الأرض السورية، وأقاموا فيها عنوةً «اسرائيل»، وكل ذلك للسيطرة على هذهِ البقعة الخيّرة لموقعها الاستراتيجي وثرواتها الطبيعية الهائلة.

ثم تحدث عن الحضارة السورية وبروزها بعد العام 1850 ميلادية، بفعل اللقيات الأثرية التي أدهشت علماء الآثار والتاريخ مما حدا بأحدهم «أندريه بارو» للقول: «كل انسان في العالم له وطنان، الذي يعيش فيه وسوريا».

ثم تطرق إلى القول بأنه ينبغي منا أن نقرأ تاريخنا بوعي وإخلاص، للكشف عن أصوله وعراقته حتى يكون لنا حافزاً على السير الحثيث في مضمار الحضارة العالمية، التي نحن أصلاً ينبوعها الصادق كي تعود إلينا الثقة بالنفس والكبرياء القومي الذي هو عنوان كل تقدم وازدهار.

اننا نقرأ اليوم تاريخ السومريين والاشوريين والأكاديين والبابليين والكلدان والكنعانيين والفينيقيين والآراميين وغيرهم، وكأنهم أمم مستقلة، بينما جميع هذه الأقوام تُشكّلُ في تاريخها سياقاً واحداً متحركاً في الزمن، ألا هو خط التاريخ السوري، وتُشكّلُ المجتمع السوري في دورة حياته الاجتماعية والاقتصادية الواحدة.

والسومريون الذين نحن بصدد دراسة الحضارة السورية التي قامت معالمها في عهدهم لم يأتوا من الجزيرة العربية وإنما على ما يُرجّح من شواطئ بحر كاسبير، أي القفقاس، ولم يجلبوا معهم أي نوع من أنواع الحضارات أنما دخلوا بلاد الرافدين، واندمجوا مع أقوامها، وانفعلوا لبيئتها، حتى انصهروا تماماً وأصبحوا سوريين، شأنهم شأن الفلسطينيين مثلاً، ومن ثم تبنّوا الحضارة السورية التي سبقتهم لعدة آلاف من السنين، أي منذ الألف التاسع قبل الميلاد.

وعندما بدأت المدونات، اوصلت إلينا الحضارة السورية وكأنها في القمة. وما يقال عن العهد السومري ينطبق تماماً على العهود الأُخرى، من آشورية وأكادية وبابلية وغيرها، أن جميع هذه العهود تشكل الخط التاريخي السوري المتطور في سياق الزمن.

نتحدث اليوم عن مهد الحضارة السورية التي أدهشت جميع العلماء، وأعطت العالم كل علم وفن وفلسفة، وسنتناول بالشرح أهم المنجزات الحضارية السورية التي دونت في العهد السومري، دون الدخول في تفاصيل هذه المنجزات لعجز الوقت.

وفاته:

وافت المنية الرفيق مفيد عرنوق بتاريخ 23/12/2003 وفي 29 منه شُيّع في مدينة طرطوس وسط حضور حزبي وشعبي كبير.

مثّل مركز الحزب الأمين عصام المحايري، الذي ألقى كلمة تأبينية في المناسبة، جاء فيها:

« نحنُ نفتخر بأننا رفقاء مفيد عرنوق، هذا الرفيق الذي وقف ثابتاً في خضم العواصف والمِحن التي أطبقت على الحزب، محاولة تشويه حقيقته ومبادئه وآماله وأمانيه.

في تلك الظروف وقفتَ صامداً تتكسر العواصف على صخرة عطائك.

تشبَّـثـتَ بحقيقة الأُمة وأضأت على تراثها لتؤكد حقيقتها وهويتها وقدرتها على الصمود والمقاومة، وها هم أطفال فلسطين وشباب العراق، يؤكدون بدمائهم ما برهنت على حقيقته وصوابيته.

نرنوا بأنظارانا لنلقي تحية الوداع، ونحن نتذكر مسيرتك الحافلة بالعطاء والتحديات التي نعتز بها، اعتزازنا بالحزب الذي اتخذت منه عائلة لك.

أعطيت بصمت، بإيمان، بمثال من المناقب التي تمثّلتها، فتحولتَ إلى قدوةٍ ومفخرةٍ لنا جميعاً «.

كان للحزب وجوده المتقدم في عائلة عرنوق، وفي البلدة التي عُـرفت باسم «متن عرنوق / طرطوس»، عرفتُ منهم:

1 – الرفيق ادوار عرنوق: والد الرفيقة الأديبة إناة عرنوق شريقي، وقد كنتُ كتبتُ عنها، للاطلاع الدخول إلى موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info

2 – الرفيق الضابط الأمين معين عرنوق: أوردت عنه في أكثر من نبذة، للاطلاع أكثر زيارة الموقع المشار إليه آنفاً.

3 – الرفيق المحامي رزق الله عرنوق: المقيم في طرطوس، تولى أكثر من مسؤولية في منفذية طرطوس منها مسؤولية منفذ عام، وابنيه الرفيقين نغم ورغد.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى