تحية لجندي بطل في عيد الجيش..
أسامة ضاهر قنّاص المفخّخات برشاش بي كيه سي لـ «سانا»: الشهيدان خزام وزهر الدين أنبل ما رأيت من رجال
بجسده النحيل وصلابة وجهه لمع كبطل من أبطال الجيش العربي السوري في مواجهة إرهابيي «داعش» متنقلاً خلال خمس سنوات على جبهات دير الزور أقصى شرق البلاد، لم يعرف الخوف والتردّد.
الجندي الاحتياط أسامة ضاهر يواجه برشاش /بي كيه سيه/ عربة مفخخة يقودها انتحاري داعشي على تخوم وحدته خلال فترة الحصار على دير الزور، كما يروي «على بعد متر كان انتحاري بعربة مفخخة يتقدّم نحونا.. صوّبت الرشاش نحو العربة فلم يعُد لدينا خيارات في استخدام السلاح نتيجة الحصار.. وسط ذهول رفاقي.. سدّدت على المنظار الزجاجي للعربة وأطلقت فجاءت الرصاصة في الهدف وهشّمت الزجاج وانحرفت العربة باتجاه مسرب مزروع بالألغام وانفجرت المفخخة وقتل الإرهابي». ومن انفجار العربة نالنتي شظية غير قاتلة في خاصرتي.. هذا كان أصعب موقف في المواجهات مع الإرهابيين، يضيف البطل أسامة.
في نهاية 2012 استدعي أسامة إلى الخدمة الاحتياطية وكانت وجهته الأولى أطراف دمشق الجنوبيّة وبعد أقلّ من شهر أصيب بأربع رصاصات «ثلاث استقرت بالصدر وواحدة في الظهر»، ولحسن الحظّ لم تتسبّب بأذيّات كبيرة و»غادرت المشفى وقطعت نقاهتي رغم نصيحة الطبيب والتحقت بزملائي»، يتابع أسامة كلامه ليتوجّه بعد أيام مع مجموعته إلى دير الزور.
وهناك أمضى أسامة خمس سنوات متواصلة شهد وخاض أشرس المعارك ضد إرهابيي داعش الذين انتشروا في القسم الأكبر من المدينة وريفها وردّهم مع رفاقه عن أسوار مطار دير الزور.
يستحضر أسامة رفاقه وقادته في تلك السنوات وعلى رأسهم اللواء الشهيد عصام زهر الدين.. ويقول «كان أباً وأخاً لنا قبل أن يكون قائداً عسكرياً.. كان لا يقبل أن يتقدّمه أحد في المعركة»، ومصدر شجاعة للمقاتلين.
ومن الضباط الذين طبعوا بذاكرة أسامة العميد الشهيد علي خزام فيقول: «كنتُ معه قبل استشهاده في حي القصور ترك بصمة قوية. هو من أنبل وأكرم الرجال وأشجعهم.. لا يقبل أن يدخل عسكري قبله في الهجوم.. كنا نستمدّ منه الشجاعة».
مع اشتداد المعارك في دير الزور ومحاصرة المطار كان يمكن لأسامة تولّد بلدة رأس العين اللاذقية أن يتسرّح من الجيش في عام 2014 بموجب مرسوم يُعفي أحد الأخوين الموجودين في الجيش لكنه آثر البقاء ومواصلة القتال على جبهات دير الزور مع رفاقه من القوات المسلحة والكثير من أبناء المحافظة الشجعان، كما يصفهم.
يقول: «انضمّ إلينا أكثر من شاب ورجل من عشيرة الشعيطات كانوا مقاتلين أشداء ضد إرهابيي داعش.. وعلى جبهة المقابر عندما كنتُ برفقة أحد شبان الشعيطات واسمه محمد الدعلج أصبنا بشظايا من طائرة مسيرة بعد رميها قنابل متفجّرة».
فكّ الطوق عن دير الزور كان من أروع اللحظات التي افتقدها أسامة، لأنه كان قد تسرّح من الجيش قبل شهرين من ذلك لكنه عاش اللحظة، فيقول: «شعور عارم بالفرح منحني انتصار زملائي تمنّيت لو كنت معهم في تلك اللحظات».
وعن سنوات القتال والحصار في دير الزور، يكاد لا يذكر أسامة الصعوبات رغم كل ما عانوه من نقص في الطعام والدواء والسلاح ويقول: «كنا نتدبّر أمرنا.. لم يحدث أن انقطعنا من الطعام على الأقل كان الخبز متوفراً بشكل دائم»، بل يستهويه الحديث عن القتال أكثر فيقول: «كنا على بعد خطوات من إرهابيي داعش وأحياناً يفصل بيننا بناء فقط وكنا دائماً مؤمنين بالدفاع عن بلدنا والحمد الله هزمناهم».
أول إجازة يحصل أسامة عليها كانت بعد سنة ونصف السنة من التحاقه بالجيش وأشدّ ما كان يؤثر به خلال الحصار في دير الزور هو والدته «التي كانت تبكي كلما سنحت لي فرصة الاتصال بها على قلتها».