نقاط على الحروف المادة 95 والمرحلة الانتقالية
ناصر قنديل
– من المهم أن يكون موقف التيار الوطني الحر المؤيد من رئيس الجمهورية في قضية الفائزين في مباريات مجلس الخدمة المدنية، قد تبلور بصفته اجتهاداً في فهم المادة 95 من الدستور وصرف النظر عن خوض النقاش على خلفية مواقف سابقة تطلب تعويضاً للخلل الذي رافق تطبيق الطائف قبل مشاركة الحزبين المسيحيين الرئيسيين في السلطة، عنوانها فتح المجال لتعيينات تطال المسيحيين بداعي تصحيح الخلل في التوازن الطائفي في مؤسسات الدولة والمقصود الوظائف ما دون الفئة الأولى. وقد حدثت واقعياً بعض عمليات التوظيف في أسلاك أمنية وعسكرية تحت هذا العنوان.
– اختيار النقاش من قلب الدستور، ومن داخل مسار اتفاق الطائف تطوّر مهم في موقف كل من التيار والرئيس، لأنه يبعد شبح الخوف من الدخول في إعادة مناقشة قواعد الوفاق الوطني، وهو ما يمكن أن يعطل الدولة، ويشل الحياة السياسية ويفتح باب أزمة وطنية أما النقاش من داخل الدستور والطائف فهو أمر مشروع وقابل للحل دون تشنجات، خصوصاً أن هناك الكثير من الوثائق التي يمكن فتحها والعودة إليها، كما الكثير من المشاركين في اتفاق الطائف أحياء يمكن العودة لشهاداتهم.
– في البعد الدستوري للمسألة، يقع التيار في خطأ عدم التمييز بين كون نص الدستور وكل مواده قائم على خلفية مدنية، لا تعتمد التنظيم الطائفي إلا في أحكام خاصة ضيّقة ومحدودة، وبالتالي في كل ما لم يأتِ نصّ خاص على ذكره، كتوزيع المقاعد النيابية مناصفة بين المسلمين والمسيحيين أو المناصفة في وظائف الفئة الأولى، فهو يعني اعتماد المواد الدستورية الواضحة النص، باعتبار المواطنين متساوين أمام القانون، أو باعتبار الوظيفة العامة وتولّيها مشروطين بالجدارة والأهلية دون أي شرط آخر، أما عدم التمييز الآخر فهو بين المرحلة الانتقالية والخطة المرحلية، فالخطة المرحليّة لإلغاء الطائفية تضعها الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية، ولا يعرف أحد ماهية نصوصها قبل وضعها، لكن تسبقها مرحلة انتقالية بين وضع الاتفاق قيد التطبيق وإنجاز الخطة المرحلية، تحصر التوزيع الطائفي بوظائف الفئة الأولى، وليست المرحلة الانتقالية هي تلك التي تلي ولادة الهيئة وخطتها المرحلية.
– في البعد السياسي يعرف الذين عاصروا مناقشات الطائف وتفاصيله أن ثمة إصراراً حكم المناقشات حول إلغاء الطائفية بمهلة زمنية، كانت مطروحة خلال عشر سنوات ثم خمس عشرة سنة، ثم تركت للهيئة، وقد تسنى لي أن أكون من بين هؤلاء الذين رافقوا وشاركوا في المناقشات في اتصال يومي مع عدد من النواب المشاركين يومها بمناقشاته، ونقل نتائجها التفاوضية لدولة الرئيس نبيه بري، وخصوصاً النائب الراحل الدكتور علي الخليل والنائب زاهر الخطيب، وأذكر جيداً أن المادة المتصلة بمجلس نواب خارج القيد الطائفي ومجلس شيوخ كان التوافق أن يتمّ السير بهما بعد أول مجلس منتخب على أساس المناصفة وتشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية، ومثله كان إلغاء طائفية الوظيفة ما دون الفئة الأولى قدّم كتطبيق فوري للاتفاق كإثبات حسن نية بالسير في خيار إلغاء الطائفية كهدف وطني متفق عليه.