جيشنا تاريخ مجد وبطولة وإيمان والدماء هي وديعة الأمة متى طلبتها وجدتها
اياد موصللي
الأول من شهر آب 1945 هو التاريخ المدوّن لمولد الجيش اللبناني.. فيكون العمر الرسمي للجيش اليوم هو أربع وسبعون عاماً.. لكن العمر الحقيقي للجيش هو من عمر هذا الوطن من عمر وقفات العزّ التي وقفتها أمتنا في تاريخها وسجلات البطولة التي خاضها بشكل رسمي ونظامي ولقنت المعتدين دروساً في البطولة المؤمنة.. الأمة كانت كلها زند وسيف وترس في مجابهة العدو الخارجي وعدو القانون.
مواقف البطولة ملأت التاريخ والغزو الأجنبي. وما رسمته ضدّ بلادنا دول العالم من البيزنطيين الى الفرس فالأتراك والافرنسيين. لقد شاهد أجدادنا الفاتحين الأولين اما نحن فقد وضعنا حداً للفتوحات.
في التاريخ يبرز جيشنا حاملاً بوجدانه بطولات الأجداد التي مارسوها وصمدوا وصدّوا الغزو الإغريقي ووقفوا بوجه قائده الاسكندر المقدوني وابراهيم باشا المصري والجنرال غورو.
جيشنا هو صورة وضاحة لأمتنا وقوّتها المخزونة. تلك القوة التي لو فعلت لغيّرت مسار التاريخ.
جيشنا الذي حارب ضدّ العسكر العثماني في مجدل عنجر وانتصر بعدده القليل 5000 جندي على جيش مؤلف من 12000 جندي وأسروا قائده حاكم دمشق واصبح هذا النصر أغنية اطفالنا.. «بيّي راح مع العسكر حارب وانتصر بعنجر…»
جيشنا اليوم هو الجيش الذي تأسّس بعد الاستقلال في 1/آب/1945 وخروج الجيش الافرنسي من لبنان وأصبح خاضعاً لسلطة الحكومة الوطنية. وهو يحمل الإرث التاريخي لأمته.
شارك الجيش في حرب فلسطين عام 1948 وخاض معركة المالكية بقيادة النقيب محمد زغيب الذي استشهد في ما بعد وقد اطلق اسمه على عدد من الثكنات في صيدا والجعيتاوي ببيروت.
وحافظ الجيش على الأمن في الداخل، كما حافظ على الحدود امام التحرّشات الاسرائيلية. وقضى على العصابات والميليشيات التكفيرية التي احتلت جرود عرسال وشنّت العدوان على القرى المجاورة وحرّر جميع المراكز والممرات الحدودية.
جيشنا وإعلامنا كلاهما وجدا من أجل حماية الوطن وحفظ سيادته.. الجندي سلاحه البندقية والصحافي سيفه القلم.. وكلاهما يستعمل سلاحه بدقة وأمانة وإيمان فلا الجندي يخطئ بتوجيه سلاحه لأنه انْ أخطأ دمّر وهدم.. ولا الصحافي يخطئ في ما يكتبه لأنه إنْ فعل شوّه صورة الوطن وهيبته..
فالجندي هو صوت وصورة.. يجابه متاريس الغدر والخيانة.. مؤمناً بأنّ الدماء التي تجري في عروقه هي وديعة الأمة فيه متى طلبتها وجدتها…
الجندي ابن بلادي هو نسيج الآلهة وهب الروح لعزّ أمته ووطنه، ساهراً الليالي يده على الزناد ليهنأ أهلنا ويطمئن أطفالنا ويرقدوا آمنين.
أيها الجندي الحبيب..
أحببت الأرض التي تمشي عليها. سرّ في دربك، فأنت لا تعرف سواه درباً الصبر والثبات، الشجاعة في الهجوم كما خلف المتراس، شجاعة المقاتل وشجاعة المواطن المتخلق بالعفة والنخوة والنجدة وعشق الأرض والعطاء من أجلها سلماً وحرباً. المنتصر على أهواء النفس ومذلة الولاء للساسة والزعماء، المترفع على مغريات العيش المؤمن بأنّ مغانم الحياة هي التضحية حتى الشهادة وسحق للأنانية وحب الذات.
شعر المواطن بالأمن والطمأنينة نتيجة سهر الجيش والقوى الرديفة، لقد وأد الجيش جميع محاولات زعزعة الأمن والنظام وقضى على أربابها وخاض القتال في كلّ مكان ظهر فيه تمرّد وعصيان. وشهدنا بطشه بالجماعات المسلحة المتشدّدة في أفكارها الدينية التي ظهرت في منطقة الضنية عام 1999 2000 بعد ان تعدّت على ثكناته وقضى عليها خلال أربعة أيام وقدّم عدداً من الشهداء.
ووقف الجيش في وجه العدوان الإسرائيلي عام 2006، ذلك العدوان الآثم، حيث كان العدوان الصهيوني جواً وبراً وبحراً، وبالإمكانات المتوفرة وبالتعاون مع المقاومة الوطنية.. وسجّل الانتصارات وادّى دوراً فاعلاً في الجبهة الداخلية بتقديم المساعدات للنازحين من مناطق العدوان.
ولعب الجيش دوراً بارزاً في القضاء على زمر الشر والغدر في منطقة مخيم نهر البارد شمال لبنان. تلك المعركة التي بدأت في 20 أيار 2007 نتيجة قيام جماعة مسلحة تنتمي لحركة فتح الإسلام بهجوم على مراكز الجيش في مخيم نهر البارد. واستمرت تلك المعركة ثلاثة أشهر أنهى فيها الجيش الوجود المسلح لهذه المجموعة الإرهابية وذلك في 2 أيلول 2007.
فإذا نظرنا الى جيشنا ونقاء إيمانه وصفاء انتمائه وجدنا أمامنا جيشاً قوّته ليست في عتاده ولا بعديده القليل.. ولكن في وضوح رسالته المهنية ونظافة القيادة التي تسير به الى مراقي المجد.
بالسهر والعناية والإيمان والانتظام أصبح لنا جيش أنشودته الدائمة بلادي بلادي فداك دمي.
قضى على محاولات زعزعة الأمن بالغدر الذي قامت به حفنة منحرفة.. فجيشنا هذا الجيش الذي هو نسيج الآلهة وهب الروح والذات وسهر الليالي ويده على الزناد ليحفظة للبلاد عنفوانها وعزتها وكرامتها.
كم أنت عظيم يا جيشنا يهتف باسمك أطفالنا وتهفو نحوك قلوبنا وتدمع العين بابتسامة الفرح عند رؤياك نصلي لك بترانيم الحب.
ما أعظمك يا جندياً من بلادي ستكون مدرسة وكتاباً للجيل الجديد.
لقد غيّرت الكثير من الصور وبدّدت الكثير من رواسب النفوس ورسمت أمامنا افقاً جديداً لمستقبل يلقانا بإشراقة فجره.
ما فعلته اليوم هو من خصال العظماء لأنه صبر على جراح وكظم لغيظ وعفو عند المقدرة. أخلاق تعلمتها في مدرسة الرجولة مدرسة الجيش.
انتصرت على النفس وأنشدنا جميعاً ترانيم الحب لك:
رب حققت أمانينا
جمالاً وجلالاً
ونثرت الخير فيهم
يميناً وشمالاً
وتجليت عليهم
صليباً وهلالاً
فأحفظهم ربي
للوطن رجالاً