قالت له
-قالت له: أشتاق لاسترجاع تلك اللهفة ودقة القلب وانقباض الأنفاس التي كانت تجتاحني قبل موعد لقائنا رغم أنني أعرف أنني لا أزال أحبك وأنتظر حضورك بكل جوارحي.
-قال لها: أنت لا تتحدثين عن نفسك، بل عن تغير الحالات بين مرحلة كان الحب فيها خوفاً من الخسارة ومرحلة صار الحب فيها أماناً وشعوراً بالاسترخاء. ولكل منها جمالها ومشاعرها. والحب الذي تتحدثين عنه تنقل سريع بين حزن قابض على الصدر وفرح نابض بالابتسامات التي لا نسيطر عليها أما الحب المفعم بالأمان فهو أحياناً حب كسول بارد وباهت لأنه لا يشعر بالخوف ولا بالخطر ولا بالقلق.
-قالت: أيُعقل أن نصير كسالى لأننا مطمئنون؟ فنفقد متعة اللحظة وحرارتها ويسير الوقت بنا رتيباً؟
-قال لها: كتلميذ واثق من الفوز بالامتحان مقارنة بتلميذ قلق من النتائج يتلفت ذات اليمين واليسار باحثاً عن إجابة وعندما يخرجان من قاعة الامتحان أحدهما صامت بسبب ثقته والآخر يحدث هذا وذاك، لأنه يحدث نفسه عن قلقه ويفحص انكشاف أمره في عيون الآخرين والاثنان هما نحن في مرحلتين، واحدة كنا فيها نسعى للثانية، ونشكو تأخرها، لأننا لم نعد نحتمل الانتظار وننتظرها ولما حلت علينا صرنا نشكو منها ونشتاق لاستعادة ما مضى.
-قالت له: وكيف نجمع بينهما؟
-قال: الغيرة التي تشكل مرافقاً مزعجاً للحب هي اختراع البشر للحفاظ على شعلة الاشتياق والقلق، ولكن الغيرة كما الحب مرافق يمنح سكون الحب السخونة لكنه يفتح الباب للتعثر.
-قالت: أنت تمنحني عذراً للغيرة لكنك تتراجع عنه فوراً.
-قال لها: أنا أفهم منطلقات عفوية الغيرة، لكنني إذا خيّرت بينها وبين حب ساكن لأخترت السكون الأبدي.
-فضحكت ساخرة وقالت: ألهذه الدرجة تكرهني؟
-قال ضاحكاً: تريدين الحب بقلق وتريدين الغيرة كي تطمئني.
-قالت: بكل شيء سيئ تتهمني.
-قال لها: إذا فاقلقي أو اطمأني.
-قالت: تعالَ نغنِّ.
-قال: مع فيروز نغني.
-ومضيا معاً متعانقين يدندنان… تعا ولا تجي وأكذب عليي.