أكّالون…نكّارون!!
أتدرون عمّن سأتحدث… إنّهم الرماديون… هم فئة من البشر لا يقبلون ولا يرفضون.. يخوضون الحياة كضيوف في حفل تنكّري، فتراهم مفخّخين بالأقنعة، ولا ينسون البالين، لأنهم فشارون، مفرقعون، فبئس الممثلون!! يتحيّنون كلّ فرصة للإساءة ويسيئون، وأسوأ أنواع التهم بمن فيها يلصقون. يغيّرون أقوالهم لو اتضح لهم خطأ ما خشية أن يقال متلونون. على الملأ كلامهم ينضح بالحكمة، فيما لو اطمأنوا لبياض المكان من البشر يسيئون ويستكلبون. متفاخرون بحشر معلومة عن قرابتهم بشخصية ذات حيثية بلا داعٍ. يستخدمون طريقتهم هذه للتعكّز على نجاحات الآخرين فهم قوم منحطون. حاشاهم أن يسرقوا، لكنهم نهاراً ينصبون، وبرذاذ الدمع يتسولون، فيما بالعتمة يتحايلون، وعلى كل الموائد يهيمون ليطعموا. أفاً لهم فهم يعضّون، ثمّ يحلفون أنهم كانوا يقبّلون، وبابتسامة ماكرة ينزوون. يحبونك حدّ الهيام عندما تكثر أموالك ويصطفون جنبك ويتهامسون. وحين تقل أموالك وتضطر للمساعدة عنك سيعرضون. إن خاطبوك وحيداً، فمعك معك لا ألطف ولا أحن، وإن جمهرة وحشراً، فما أكلنا معاً خبزاً ولا زيتوناً. ما أصعب توصيفهم. يتوغلون ويبهرونك برقراقهم كالجدول، ثمّ إذ فجأة وبمجون يموجون ويعصفون. يكسرون وينصبون ويرفعون، وكنت تحسبهم سكوناً. إن صاحبوا المصلّين يصلوا، وإن صاحبوا المغنين يغنوا. ظلمهم متكاثف، فبالنيات يتلاعبون، كصْبية يتقاذفون كرات الثلج بالضباب، فيصيبون ويدمّرون، ثمّ كلصّ مراوغ ينتصلون ويتملصون كونهم رماديين. من سيماهم أنهم يوبخون، كما ويهمزون وبفم علقم يلمزون، ثمّ يدّعون أنهم يمزحون. قاتلهم الله وقاتل مزحهم المجنون. وماذا أحدثكم عن صوتهم ونغماته، فناعم في رواق السلطة، وغليظ في الأماكن العامّة، أمّا مع الفتيات ولكأنه عزف مفتون، وفيما لو كشفتهم نسوتهم، يلعقون دمعتهم من غلتهم كأنين ناي حنون. أراهم متلوثين ملتاثين، ثمّ أنهم رماديــــون جداً، ما أشدّ قلوبهم قتامة هؤلاء الرماديين. ابحث عنهم فستجدهم في كلّ مكان، في حارتك، في وظيفتك، على الملأ يتصدقون، فيصيبون ويدمون، ثمّ بالرقاب يسلمون، وبضمير ضامر عن الحقّ بالطرف يغضون ثمّ يهجعون. إنهم مسلوبو الضمير، ومسلوبو الشرف ومحال أن يوماً أن ينتصروا…
صباح برجس العلي