الراعي في افتتاح منتدى بكركي الاجتماعي الاقتصادي: الهوية اللبنانية مهدّدة بسبب انتهاك الدستور والأزمة الاقتصادية الخانقة
حذر البطريرك الماروني الكردينال بشارة بطرس الراعي من أنّ الهوية اللبنانية مهدّدة بسبب انتهاك الدستور وإدخال أعراف جديدة، وبسبب الواقع السياسي الجديد والأزمة الاقتصادية الخانقة.
وخلال كلمة له في افتتاح منتدى بكركي الاجتماعي الاقتصادي وجّه الراعي تحية ترحيب وتقدير للقادمين من لبنان وبلدان الانتشار لتلبية الدعوة بفرحٍ للمشاركة في هذا المنتدى وتفاعلهم مع موضوعه العام، وقال: «معاً نشدّد جذور شبيبتنا، لا سيما وأنتم تلحظون بكلّ أسف أنّ الجماعة السياسية المسؤولة في دولتنا لا تعير شبابنا أيّ انتباه، وكأنها غير معنية بمستقبلهم، بل تقفل أبواب آفاق انتظاراتهم وتطلّعاتهم، وتفتح لهم واسعاً باب الهجرة، إذ 40 منهم عاطلون عن العمل ونتساءل هل يدرك المسؤولون السياسيون أنّ أمة من دون شباب مثقف ومبدع لا مستقبل واعداً لها؟».
وتابع: «أنتم هنا اليوم وغداً لكي نفكر معاً ونعمل معاً ونخطط معاً من أجل تثبيت أجيالنا الطالعة في وطننا الأم الذي نحن على مشارف بداية المئوية الأولى لإعلانه دولة مستقلة ذات سيادة محدّدة الحدود: دولة التعددية الثقافية والدينية والسياسية ضمن وحدة وطنية، دولة ديمقراطية تعترف بجميع الحريات المدنية العامة وتقرّ بشرعة حقوق الإنسان، دولة العيش المشترك يشارك فيها المسيحيون والمسلمون في الحكم والإدارة بالمناصفة والتوازن، عملاً بنص وروح الدستور والميثاق الوطني لعام 1943، المثبت بوثيقة الوفاق الوطني في مؤتمر الطائف سنة 1989. كل هذه الأمور تميّز لبنان عن كل بلدان الشرق الأوسط، وتجعله نموذجاً وصاحب رسالة».
أضاف: «غير أنّ هذه الهوية اللبنانية مهدّدة اليوم بسبب الواقع السياسي الجديد المتأزم الذي ينتهك الدستور والميثاق، ويدخل أعرافاً وممارسات تبدّل شيئاً فشيئاً وجه لبنان السياسي والاجتماعي. وهي مهدّدة بسبب الأزمة الاقتصادية والمعيشية الخانقة التي تقحم اللبنانيين ولا سيما المسيحيين منهم على الهجرة، وبخاصة خيرة شبابنا المتخرّجين من الجامعات، فيما يتثبت فيه مليونا نازح ولاجئ من سوريين وفلسطينيين، بسياسة دولية هدامة».
ولفت الى أنّ «المؤتمر الاجتماعي – الاقتصادي الثاني الذي يجمعنا في هذا الصرح البطريركي، يضعنا أمام جميع هذه التحديات. فأشكر لكم مشاركتكم فيه، مع تقديري لدخولكم في عمق أبعاده. مع أطيب التمنيات والشكر لإصغائكم».
من جهته اعتبر نائب رئيس «المؤسسة البطريركية العالمية المارونية للإنماء الشامل رئيس جمعية مصارف لبنان الدكتور سليم صفير أنّ «لبنان أمام تحدّ جديد سياسياً اقتصادياً واجتماعياً».
وقال في افتتاح المنتدى: «الأهمّ اننا بوحدتنا نستطيع ان نحوّل هذه التحديات لفرصة جديدة من النهوض والازدهار».
وجاء في كلمته: «للسنة الثانية على التوالي، تفتح بكركي قلبها لستستضيف مجموعات كبيرة من اللبنانيين مقيمين ومن بلدان الانتشار، لبّوا دعوة المؤسسة للحضور للبنان، والمشاركة مع اخوانهم اللبنانيين، بإطار المنتدى الاقتصادي – الاجتماعي العالمي الثاني تحت عنوان: «معا نجذر حضور شبابنا».
أضاف: «مؤتمرنا هذه السنة يأتي بإطار برنامج طموح، قرّرته المؤسسة واندفعت فيه، العام الماضي ليكون عامل تواصل بين لبنان وأبنائه المنتشرين بكلّ العالم. ولهذه الغاية اشتغلنا على مستويين، عام وخاص:
أولاً: بالنسبة للتوظيف في القطاع العام، اشتركنا مع جامعة سيدة اللويزة بتأسيس مركز تدريب وتحضير متخصص بتأهيل الشباب لمباريات مجلس الخدمة المدنية للتوظيف.
ثانيا: بالنسبة للقطاع الخاص نعمل على عدة مستويات، بداية سنستعرض المشاريع الجديدة:
– إقامة برنامج التبادل الشبابي بين لبنان وشبابه المنتشر. واول خطوة كانت مع جامعة Sydney of University Western بحيث زارت مجموعة طلابية، لبنان لفترة شهر، لتعميق التبادل وسنعرض عليكم وثائقي عن هذا العمل خلال المؤتمر، ونأمل توسيع اطار هذا البرنامج الى شبابنا المنتشر بكل انحاء العالم.
– توفير مساعدات مالية لتجهيزات طبية في بعض مناطق الاطراف، ومساعدات مالية لزيادة إنتاجية بعض مؤسساتنا الرهبانية من اجبان وألبان ومخللات وتوفير فرص عمل في الأطراف.
– الاتفاق مع وزارة التربية على تخصيص اطلاق برنامج «ماهر»، من خلال تخصيص مختبرات «الصنايع»، لتوفير التدريب المهني والتقني لشبابنا لتسهيل حصولهم على وظيفة.
– توفير دعم مادي لترميم احد أديرتنا الاثرية، ودعم مالي آخر الى احدى مؤسسات التوظيف العام.
بالاضافة الى المشاريع التي ابتدأنا بها في السنوات الماضية والتي تطورت ونما نشاطها، نذكر منها:
– مكتب التوظيف في المؤسسة على اتصال مباشر مع المؤسسات الخاصة لتأمين حاجات معينة لموظفين من ضمن «داتا» خاصة بنا.
– «معهد التدريب التمريضي» الذي أنشأناه مع مستشفى «اوتيل ديو» يؤمّن وظيفة مساعد ممرض بالمستشفى من بين المتقدّمين على دوراتنا.
– دورات تأهيل الشباب على الكمبيوتر وتطوير اللغات لتحسين كفاءاتهم وفرصهم لنيل الوظيفة، يتم بالتعاون مع الجامعة الاميركية للعلوم والتكنولوجيا AUST».
أضاف صفير: لا أخفي عنكم انّ اليوم لبنان أمام تحدّ جديد سياسياً اقتصادياً واجتماعياً، لكن الاهمّ اننا بوحدتنا نستطيع ان نحوّل هذه التحديات لفرصة جديدة من النهوض والازدهار، فركائز الاقتصاد موجودة والطاقات البشرية تجعل من لبنان مكاناً فريداً في العالم وكلّ مرة تمتع لبنان بالحدّ الادنى من الاستقرار الامني والسياسي استطاع الاقتصاد ان يحقق نموا وبسرعة كبيرة.
المطلوب اليوم، ان نتوقف عن الاحتجاجات غير المجدية والمواقف السلبية والانطلاق بمسيرة تحوّل إيجابي وبناء من خلال تشجيع مبادرات لخلق فرص عمل جديدة لشبيبتنا، تجدّد الأمل بنفوسهم وتشجعهم للبقاء بلبنان».
وقال: «عندنا وطن جميل، يدا بيد نحافظ عليه فليكن شعارنا الايمان والوحدة والانتاج الفكري والعلمي، ولنحافظ عليه سوياً ونؤمّن لأولادنا مستقبلاً أفضل…»