سهام حرب… زميلة الغربة وباقات المساعدة!
جهاد أيوب
سهام حرب شريكة الغربة بكل ما حملت…
سهام حرب صحافية متمرّسة، ولا تعمل إلا ما هي ترغب وتؤمن وتقرّر، ولا تقوم بحوار إلا إذا رأت أن هذا يستحق أن تقابله… مزاجية ولا تزعج من حولها، وحاسمة دون الإصابة بعقدة الذات، ومتجاوبة دون غرور المهنة والانتشار، وواثقة بطفولة ذكيّة، وحاسمة مع غرور يفرض قناعاتها بما ترغب أن تكتب تغطي أمسية عكس كلّ من عمل في قسم المجتمع والتحقيقات!
سهام حرب أنيقة المواقف، أنيقة المظهر، أنيقة العطر الباريسي، أنيقة التصرّف والمكتب ومع قسم الإخراج، والأنيقة في كتابة أوراقها المقدّمة إلى قسم الصف!
سهام حرب المندفعة لمساعدة هذا وذاك دون عنصرية مناطقية أو طائفية… سهام حرب أول من تفرض علينا أن نقوم بفعل الخدمات لمن يستحقها في الغربة… هي التي تبادر، تعمل، تجمع، وتقدّم الهدية لمن يحتاجها دون منّة، ودون التشهير.
سهام حرب ترفض أن تكون انفلاشية في علاقاتها رغم معرفتها بالكلّ، والكلّ يعرفها، عفواً الكل يرغب بأن يتعرّف عليها كي تقدّمه شخصية مختلفة في صورة مغايرة في خبر يليق به!
سهام حرب التي جعلت من صفحات المجتمع منافسة للصفحات الرئيسية في الجريدة… نافست بهدوء، تفوّقت بثقة، وصادقت عملها. محرّكها قلمها بأناقة حتى لو جابهت مَن هم من حولها، ويجاريها غيرة من نجاحها وما أكثرهم وأكثرهن !من يمنعها بأن تشعل النار؟ ولكنها أكبر من كل التصرّفات المريضة. تجدها حاضرة إن طلبتها، تجدها قبلك إن أخبرتها عن محتاج أوقعته الغربة بالعوز، تجدها حاضرة دون أن تطلب منها.
أناملها بيضاء، واتصالاتها لخدمة الزملاء لا تغيب عنها الشمس، أما فكرة تكريم من عمل معها أو بجوارها فهي عادتها التي جعلتها موضة، قلدها الكلّ… والكلّ من بعدها!
سهام حرب ناعمة البوح، التصرف، العمل، خاضت بالأدب كما تشتهي، وكما تفكر، وكتبت سجلات تاريخية كويتية كما تؤمن، وتجد محتواها محاورها شخصية «الكلاس»، ولا ترغب بالنزول إلى «دون» لا في الصداقة، ولا في العمل، ولا في الكلمة.
هي متطرفة إذا أحبت، صادقت، جعلت من الموظّف زميلها، وترفض أن يتصرف بغباء القيمة، تنزل إليه وترفعه إلى مستوى عمل الصحافة، وعملها، وشخصيتها في العمل!
خدمت، ساعدت، وغدروها، وطعنوها، وتآمروا عليها، ومع ذلك لم تمنن، ولم تجاريهم بقذاراتهم، بل تخطيهم بالنسبة لها شعارها الأهم، ولكنها لا تعيد فتح النافذة لهم… تتعلم من تجاربها بعد أن تحيك دائرتها. سهام حرب خلال مشوار غربتي كانت الصديقة الوفية، المرنة، فتحت بيتها، وشاركتني صداقة أسرتها، وكانت وفية، مبادرة، تسأل ولا تطعن، تجيب ولا تستغيب، تشاركها الرحلة ولا تخجل من الرفقة معها، وتحاورها في الثقافة، الفنّ، المجتمع، الإعلام، الجريدة باتساع آفاقها، وإصغاء وتقنية عالية بفهم دورها.
كم هي طفلة في استيعاب ما يقال بحضورها، وكم هي حاسمة في استيعاب ما يُحاك من حولها وحولها.
أكثر من عشرين سنة لم أقابل صوتها الناعم، ولم أسمع عطرها الجاذب، وأشتم عبق أناقتها، وأرسمها في بصري… أو أستفيد من ذوق اختياراتها للمواضيع التي تكتبها، وبالأمس جمعتنا بيروت من جديد، وطال الحديث، وهدية الزمالة والصداقة.
ظروف الغربة، ظروف الوطن، ظروف حياة كهذه تغتال اللحظات الجميلة، وظروف تكون شريكة في اغتيال سعادة من تحب زمالتهم، وهذه الظروف أبعدتنا، ولكنها لم تسرق أخبارنا بالاطمئنان والدعاء.
في الغربة تعرّفت إليها، متوهّجة، أنيقة المظهر والمفردات والتصرّفات، تنطق الأسماء بطريقة تجعل من أبشع الأسماء أجمل ما يكون، لديها تفرّدها في نطق الأسماء، تخرج من فمها مغناجاً منمقاً مع واحة من دلع بنات بيروت الصافيات… كم كنت أعشق مناداتي من صوتها المختلف، ومحياها الثري بالتوازن والاتزان والرقي..
كانت ترغب بالانتقال من جريدة «صوت الكويت» قبل أن تقفل نهائباً، سعت بالبحث عن فرصة عمل أفضل، وكانت جريدة «القبس» حلم من يبحث عن الأمان والاستقرار الوظيفي… يومها شجعتها أن تكون زميلة ولا ينقصها القيادة.
كم يحلو أن نفتخر بأن تكون سهام حرب زميلة مهنة المتاعب.
كم يسعد الصحافي مشاركة نصيحة، تغطية، مناقشة من سهام حرب.
كم يكبر الزميل حينما يمارس مهنة المتاعب مع أمثال سهام حرب.
كم كانت الصحيفة مختلفة حينما كانت تعمل بين صفحاتها سهام حرب.
كم ذاكرة الغربة تتألّق كلما فتحت صور أحمد طقشة، وأحمد صفاوي، ودرويش برجاوي، وأنطوان بارا، وزكريا محمد، وحنان الزايد، وأحمد شمس الدين، وفريال العطار …والأهم صور صفحة سطر قصيدة سهام حرب… وليس عيباً أن نكتب مواصفات من نحترمهم في مهنة غاب عنها الاحترام، وأصبحت الزمالة شوكة سامّة… علينا أن نعتاد البوح والكتابة لمن يستحق، وسهام حرب تستحق الزمالة والكتابة… وأن نشكرها لمواقفها المضاءة في تعب الغربة.