حزب الله: غايته إضفاء المزيد من التعقيد على الأزمة الراهنة
أثار بيان السفارة الأميركية في ما خص حادثة قبرشمون حملة استنكار واسعة من قوى وشخصيات وأحزاب وطنية وقومية ندّدت بالتدخل الأميركي في لبنان معتبرة أنه أكثر من عدوان على لبنان ويزيد من تعقيد الأزمة.
وفي هذا السياق، أكد حزب الله أنّ «بيان السفارة الأميركية تدخل سافر وفظ في الشؤون الداخلية اللبنانية، ويشكل إساءة بالغة للدولة ومؤسساتها الدستورية والقضائية، وهو تدخل مرفوض في نزاع سياسي محلي وقضية مطروحة أمام القضاء اللبناني القادر منفرداً على القيام بواجباته على أكمل وجه».
ورأى في بيان أنّ تدخل السفارة الأميركية المرفوض في الشكل والمضمون والتوقيت، هو استكمال للتدخل الأميركي المتواصل في الشؤون السياسية في لبنان والمنطقة، ومحاولة لتعميق الانقسام في الوضع الداخلي اللبناني.
واعتبر البيان إدانة صريحة لكلّ أدعياء الحرية والسيادة والاستقلال الذين صمتت أفواههم وانكسرت أقلامهم.
واستنكر «تجمع العلماء المسلمين» بيان السفارة الأميركية عن حادثة قبرشمون، معتبراً أنه محاولة لتسعير الأزمة لأنها مستفيدة من ذلك.
من جهته، دعا التجمع في بيان وزارة الخارجية اللبنانية استدعاء السفيرة الأميركية اليزابيث ريتشارد وإبلاغها اعتراضاً واضحاً واستنكاراً لما صدر عن السفارة، ويطلب منها إبلاغ إدارتها إدانتنا لهذا التدخل المخالف للأصول الدستورية المعتبرة والمناقض للسيادة اللبنانية.
ورأى أنّ «بيان السفارة يضعنا أمام مسؤولية عدم إطالة أمد الأزمة وضرورة انتظام الحياة الدستورية بدعوة رئيس الحكومة سعد الحريري لاجتماع عاجل لمجلس الوزراء، واتخاذ قرار واضح بشأن حادثة قبرشمون، سواء بإحالتها على المجلس العدلي أو عدم إحالتها، لأنه في الحالتين لا بدّ من أن يمارس القضاء دوره في تحديد المسؤوليات ومعاقبة المتورّطين، أما إبقاء مجلس الوزراء معطلاً بسبب هذه القضية فجريمة قد تكون أكبر من جريمة قبرشمون الآثمة».
ورأت قيادتا رابطة «الشغيلة» برئاسة أمينها العام الوزير السابق زاهر الخطيب وتيار «العروبة للمقاومة والعدالة الاجتماعية» أنّ «البيان يشكل أكثر من تدخل سافر في شؤون لبنان الداخلية، وأكثر من وصاية، وأكثر من عدوان، لا سيما أنّ فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كان اعتبر أنّ لبنان اليوم يواجه «استعماراً مالياً».
ورأت القيادتان أنّ «البيان إنما يندرج في سياق الوصاية الأميركية على لبنان التي تتجسّد في فرض الرقابة المالية على حركة الودائع في المصارف اللبنانية في سياق العقوبات المالية الهادفة الى محاصرة المقاومة اللبنانية وبيئتها. واليوم فإنّ هذه الوصاية الأميركية عادت لتتمدّد عبر التدخل بشكل صلف في الخلافات بين الأطراف السياسية اللبنانية من خلال محاولة التأثير على دور القضاء في التحقيق في حادثة قبرشمون، والتحذير من التدخل السياسي في القضاء مما يؤشر بوضوح إلى محاولة تسعير الخلاف الداخلي بشأن الحادثة واذكاء الصراع عبر دعم موقف الأطراف الموالية لها».
وطالبتا «المسؤولين في الدولة اللبنانية باتخاذ الموقف الحازم في رفض مثل هذا التدخل ووضع حدّ له». كما طالبتا وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل بـ «استدعاء السفيرة الأميركية في لبنان وتوجيه التنبيه لها من أجل عدم مخالفة أصول ووظيفة السفارات الأجنبية».
وأكدتا أن «هذا التدخل السافر ما كان ليحصل لولا التهاون والخضوع لحزمة العقوبات المالية الأميركية التي تستهدف تشديد الحصار على المقاومة خدمة لكيان العدو الصهيوني، الذي يسعى للثأر من هزيمته المدوية في حرب تموز عام 2006، وهذا يثبت أنّ النظام المالي اللبناني إنما هو خاضع للوصاية الأميركية ما يتوجب على الدولة، وكلّ الحريصين على السيادة والاستقلال، العمل على تحرير لبنان من هذه الوصاية الاستعمارية، ووضع حدّ للتدخلات الأميركية المستمرة في الشؤون اللبنانية الداخلية».
بدورها رأت «جبهة العمل الإسلامي» في لبنان في بيان أنّ «ارتهان بعض القوى السياسية اللبنانية للخارج ولإدارة الشر الأميركية تحديداً لن يجدي نفعاً، وأنّ دفاع تلك الإدارة عنه وعن الخط والفريق الذي يمثل لن يؤتي ثماره، لأنّ أميركا لا مبادئ ولا ثوابت عندها، بل هي تتعامل مع الآخرين حسبما ترتئي مصلحتها ومصلحة العدو الصهيوني الغاصب».
واستهجنت «بيان السفارة الأميركية حول حادثة قبرشمون وانحيازه لصالح فريق دون آخر»، معتبرة ذلك «تدخلاً سافراً في الشؤون اللبنانية ومحاولة يائسة لحرف التحقيق عن مساره الطبيعي الواضح وضوح العين للجميع بوجود الكاميرات والتسجيلات التي وثقت الحادث المؤسف حين وقوعه»، مجدّدة دعوتها الى «عدم الاستغلال السياسي لتلك الجريمة، وعدم الضغط على القضاء اللبناني المطالب اليوم بحسم الأمور واتخاذ كلمة الفصل لمصلحة العدالة ولصالح أصحاب الحقوق والدم التي طالتهم تلك الجريمة النكراء».