مواجهة بين أهالي العسكريين والمشنوق في الشارع وجنبلاط يحمل «قميص العائلات»: الدولة تفقد أعصابها!
لم يقتصر تصعيد أهالي العسكريين المخطوفين على الشارع بل امتد، مواربة، إلى الحكومة، بعد فض اعتصامهم في الصيفي عنوة، والموقف العنيف لوزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق الذي رفض بشدة اقفال الطرق وأشار إلى أن الخاطفين هم الذين يحركون الأهالي مؤكداً أننا لن نستسلم لمزاجهم. ليرد عليه النائب وليد جنبلاط حاملاً «قميص العائلات المفجوعين بأبنائهم»، داعياً وزير الداخلية إلى التواضع، وواكبه وزير الصحة وائل أبو فاعور بموقف أعنف.
وبين الضفتين، استمر تلاعب الخاطفين بالأهالي، إذ بعد ساعات على فتح طريق الصيفي، عاد الأهالي مساء إلى إقفالها بعد تهديد «جبهة النصرة»عائلة البزال بقتل ابنها علي بعد ثماني ساعات، مطالبين بإطلاق جمانة حميد.
وكان الهرج والمرج ساد منطقة الصيفي بعد اقفالها من جانب اهالي العسكريين واعتصامهم في وسطها، لكن سرعان ما عمدت القوى الامنية الى فتح الطريق بالقوة، وقامت سيارات الدفاع المدني برشّ الأهالي بالمياه لتفريقهم فنُقِلت والدة العسكري المخطوف خالد مقبل إلى المستشفى بعدما أغمي عليها نتيجة التدافع، فيما تعرض عدد من الصحافيين لاعتداءات من جانب بعض القوى الأمنية.
وإثر هذا الحادث، طالب الأهالي وزير الداخلية نهاد المشنوق بـ «الاستقالة لأن القوى الأمنية تجاوزت الخطوط الحمراء في الاعتداء على النساء والشباب».
ونقل عن أهالي العسكريين تأكيدهم أن الشيخ الفار مصطفى الحجيري طلب منهم أن يتصل به الوزير أبو فاعور، فيما قال والد المخطوف محمد يوسف أنّ «الأهالي يبحثون الخطوة المقبلة للتصعيد وفهمنا من الشيخ الحجيري أن تهديد «النصرة» لا يزال جدياً».
وبعد فض اعتصامهم وعودتهم الى ساحة رياض الصلح، أصدر الأهالي بياناً حمّلوا «الدولة بحكومتها المسؤولية الكاملة في حال تمت تصفية اي جندي مخطوف، واعذرونا، إذا فلت الأمر من أيدي الاهالي لأننا مستعدون أن نموت ولا نرى أحداً من أبنائنا يموت». وقالوا: «كنا نبلغ السلطات الأمنية بأي تحرك ولكن بعد اليوم لن نبلغ أحداً بأي تحرك وسيكون مفاجئاً لهذه الدولة ولهذه الحكومة».
وأكّد وزير الداخلية نهاد المشنوق من جهته، أن «التصعيد الذي قام به أهالي العسكريين المخطوفين لن يؤدي إلا الى تعطيل البلد، ونحن سمحنا لهم بالاعتصام في ساحة رياض الصلح ولديهم منبر ديمقراطي إعلامي وهذا امر متاح، ووسائل الاعلام لم تقصر في أخذ كل التصاريح والمساعي منهم»، مؤكداً أن «الطرقات لن تقفل بعد اليوم لأنها ليست الحل لعودة العسكريين».
وأوضح في تصريح من السراي الحكومية أن «الحكومة لم تقصر من اللحظة الأولى في إجراء التفاوض وفق قواعد وأصول أقرت في مجلس الوزراء، وهي تقوم بواجباتها وتواصل المفاوضات، وبيان الخاطفين قصده تسكير المدينة والبلد، وتعطيل عمل الناس لا يفرج عن المخطوفين وهذا التصرف يخدم الخاطفين، ونحن لسنا حزباً او ميليشيا مسلحة لنقرر ان نبيع ونشتري رهائن». وأكد انه «اذا كانت استقالتي تحرر المخطوفين فأنا حاضر، ونحن لم نعمل عند الخاطفين، فهم مجموعة مجرمة تريد تخويفهم عبر ارسال تعليمات لهم حيث يجب ألا يلتزموا بها لأن القصد منها تخريب البلد واغلاق الطرقات وتعطيل أعمال الناس». وشدّد على أننا «لن نستسلم لمزاج الخاطفين بتعطيل البلد وتسكير الطرقات».
وردّ الأهالي على مواقف المشنوق بالقول: «شكراً لك على ما فعلته اليوم معنا، أنتم جماعة فقدتم الضمير كلياً. ما تقوم به سيئ ومن الممكن أن تندم عليه. انت بعملك تطلب الدم في ساحة رياض الصلح والصيفي وأولادنا أغلى منك».
كما توجهوا الى رئيس الحكومة تمام سلام بالقول: «كل الكلام الذي كنت تعدنا به كله في الهواء، وتبين انك لا تمون على وزير». واعتبروا «ان دولتنا فقدت الضمير».
وكان النائب جنبلاط رد أيضاً على المشنوق من دون أن يسميه، فقال عبر «تويتر»: «الدولة تفقد أعصابها تجاه عائلات المعتقلين بدل التفاوض الجدي ومن المعيب هذا التصرف بحق العائلات المفجوعة حول مصير ابنائها. أهالي العسكريين لا يملكون إلا قميصاً على صدورهم، الغير يقفل الطرقات بالمواكب الأمنية الحقيقية والوهمية فبعض التواضع يا اصحاب المعالي».
واعتبر أبو فاعور بدوره، «انّ الاعتداء الذي تعرّض له أهالي العسكريين المختطفين، معيبٌ بحقّ الدولة، لا سيّما أنّ الأهالي كانوا يهمّون بمغادرة الشارع وفتح الطريق، وبالتالي فإنّ ما حصل غير مبرر إلا لرغبة إظهار القوة الغاشمة والفاشلة في غير مكانها. فيا ليت هذه الشِدّة استُعملت في تحرير العسكريين المختطفين بدل استعمال البطولة الوهمية بحقّ أهاليهم».
وسارعت «جبهة النصرة» إلى استغلال هذه الأجواء، فأعلنت بعد الظهر عبر حسابها على «تويتر» أن «هناك ثماني ساعات فاصلة بين إطلاق سراح الموقوفة جمانة حميد، أو تنفيذ القتل بحق العسكري الأسير علي البزال».
نقابة المصورين
واستنكرت نقابة المصورين الصحافيين الإعتداءات على الاعلاميين. وقالت في بيان «من غير المسموح أن يتصرف بعض ضباط وعناصر قوى الأمن الداخلي كميليشيات و»بلطجية». ما تعرض له صباح اليوم الزملاء الاعلاميون أثناء قيامهم بواجبهم المهني من تعد وضرب وإهانات لا تليق بقوى الامن الداخلي ولا باضباطها وعناصرها»، واضعة «هذه التصرفات «الميليشيوية» بما تحمله هذه الكلمة من معنى امام الرأي العام اللبناني وامام رئيس الحكومة ووزيرّي الداخلية والعدل وكل الذين يعنيهم حرية وكرامة المواطن». ودعت النقابة «المسؤولين وعلى رأسهم وزيرا الاعلام والداخلية الى اتخاذ موقف صارم من هذه الممارسات المهينة»، مشيرة الى «ان النقابة والزملاء الذين تعرضوا للاعتداء سيقدمون شكوى بحق المعتدين أمام القضاء المختص».
ودان وزير الاعلام رمزي جريج ما تعرض له عدد من الاعلاميين. وأضاف: «لا يكفي في كل مرة يتعرض فيها الاعلام اللبناني للاعتداء، الاستنكار الكلامي وحده من دون اجراء التحقيق الاداري والقضائي اللازمين في ما حصل، منعاً لتكرار مثل هذه الحوادث». وطلب من الجميع «اتخاذ خطوات حاسمة تكفل حرية حركة الاعلاميين وتضمن لجميع العاملين في الحقل الاعلامي، من صحافيين ومصورين، الحماية اللازمة لكي يمارسوا مهماتهم بحرية».
قوى الأمن
وأوضحت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي أن فرقها طبقت قرار السلطة السياسية «بفتح الطريق على الآلاف من أهلنا الآخرين المحتجزين في سياراتهم. ودامت المفاوضات حوالى ساعتين ونصف الساعة بغية فتح الطريق سلمياً. وللأسف تم اللجوء الى تفريق أهلنا المعتصمين حفاظاً على مصالح المواطنين».