ما بُنيَ على باطل فهو باطل
د. سليم حربا
ما بُني على باطل فهو باطل، ومع ذلك فالإرهاب وأفكاره وأدواته وفقهاؤه وسفهاؤه وأنظمته ودوله يتوحدون على باطل، ونحن أصحاب الحقّ والفقه والقانون وحملة مشعل الحضارة والإنسانية، نتفرّق ومازلنا نتخبط حتى في تعريف الإرهاب ولم نتفق على تعريف، ونهرب إلى الأمام في التعامل مع الظاهرة بعيداً عن جذرها وأسبابها وأشكالها، ونحاول اختزال الإرهاب بتنظيم إرهابي بعيداً عن منظومة الإرهاب الفكرية المتطرفة التي تتخذ من نظرية الاستحلال الحضاري منهجاً ثابتاً أي أنّ الصراع مع الكفار هو صراع عقدي محتوم ويجب أن لا يبقى شبر من الأرض ولا إنسان لا يحكمه المتأسلمون ، وبعيداً من أسباب نشوء وبقاء الإرهاب الذي قصّرنا عالمياً في مكافحته في المهد فانتشر وتمدّد، وبعيداً من أشكاله المركبة من إرهاب سياسي واقتصادي وإعلامي ونفسي ومعنوي وإلكتروني ومالي وعسكري وأمني، وبعيداً من تجلياته وكياناته التي تمارس الإرهاب المنظم على عين وأذن العالم ومنظماته وقوانينه الدولية، حتى يكاد العالم ينسى جرائم الصهيونية والنازية، وحتى يكاد يطمس حقّ الشعوب في المقاومة وحقها في تقرير المصير الذي أقرّه الميثاق الأممي في مادته السابعة عندما نصّ على المساواة في السيادة بين جميع الدول الأعضاء، وحقّ تقرير المصير السيادي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي وفق إرادة الشعب. فأين القانون والميثاق من العقوبات الاقتصادية والسياسية ودعم الإرهاب الموصوف والتهديد باستخدام القوة وانتهاك سيادة الدول التي تذكرنا بالعقوبات الأميركية والأوروبية على كوبا والعراق والسودان وإيران وسورية الآن، والتي تصبّ جملة وتفصيلاً في دعم الإرهاب؟ ويفسّر ذلك ما قاله عضو مجلس الشيوخ الأميركي السابق واين مورس: «كل واحد منا نحن الأميركيون لديه التزام شخصي للتغيير بكلّ الوسائل القانونية، لكنّ حكومتنا تقوم بذلك بطرق إجرامية». ويذكرنا هذا بالصمت الدولي المذلّ عن الجرائم التي ترتكبها الدول والأنظمة الراعية للإرهاب بمنظومته، والتي تستخدمه كأداة لحرب الوكالة تحت مسمّى الاستثمار السياسي وكأنها تغتال القانون الدولي والوطني، لتطلق العنان للإرهاب ليغتال الحضارة قديمها وقادمها، فإذا كانت البديهية تقول إنّ الحرب استمرار للسياسة بوسائل أخرى كلاوزفيتز ، فأي سياسة يمتلكها الفكر الوهابي القاعدي التكفيري ومفرداته من «داعش» و«النصرة» والأذرع والأفرع؟ وبأي قانون وضعي أو دولي أو قرارات مجلس أمن 1373 و2170 و2178 يتم دعم هذا الإرهاب والسكوت عن أنظمة ودول تنتهك الميثاق والقانون وتمارس الإرهاب وكالة وأصالة؟ ألا يكفي كل ما حدث من قتل وتدمير وتهجير لتغدو مكافحة الإرهاب فرض عين على كل إنسان متحضّر؟ ألم يحن الوقت بعد أربع سنوات مما نواجهه في سورية والمنطقة لفهم الواقع لمن أصابه العمى والصمم لتحمّل المسؤولية؟ ألا يكفي ما يزيد على 1400 عام من فهم حكم الله وسنة رسوله والقرآن والعمل فيه، ورسول الله قال حتى في آداب الوضوء: «فمن زاد على ذلك فقد أساءَ وظلم»؟ هل هناك عقل أو عاقل بعد الآن يمكن أن يدعم هذا الإرهاب المتوحش أو يدير ويقود التوحش، أو حتى يقف على الحياد، والأخطر أن يبتكر مصطلحات ويجترّ ما يسمى إرهاباً معتدلاً وإرهاباً متطرفاً أو يحتال على القانون بمسميات المعارضة المسلحة المعتدلة، كإرهاب مجمَّل والتي هي والقانون ضدان لا يلتقيان حتى يلتقي الخطان المتوازيان؟
أما آن الأوان لنعرّف الإرهاب بما عرّف نفسه به ونتصدى له كمسؤولية تاريخية إنسانية قانونية عسكرية جماعية بكلّ أسبابه وتجلياته، أسوة بالدولة السورية وواقع حالها يقول إنّ دماء الشهداء وحماة الديار رجال العزة والإباء والكبرياء، وحماة القانون من الفقهاء والشرفاء، والأوفياء للأديان والرسالات السماوية والإنسانية، والصادقين الوعد والعهد من الخلفاء ورجال صحيح الدين من الفقهاء الأنقياء الأتقياء هو الذي سيهزم الإرهاب ويوفر دماء الأبرياء ويحفظ البشرية من هذا الوباء؟