العقوبات المفرطة

ـ ساد استخدام مصطلح شائع حول بلوغ اللجوء إلى القوة حدوداً تتجاوز القدرة على تغيير المعادلات السياسية خلال القرن الماضي، فكان مصطلح القوة المفرطة تعبيراً عن لجوء مبالغ به من الأجهزة الأمنية في بلد معيّن بوجه المعارضة أو الاحتجاجات أو وصفاً لاستخدام قدرات عسكرية تتجاوز الحاجة المباشرة في معارك معينة والحاصل الدولي للتوصيف كان انهيار أنظمة الحكم التي تبني استقرارها على القوة المفرطة وخسارة الدول للحروب التي حاولت ربحاً باللجوء إلى القوة المفرطة.

ـ واشنطن كانت معنية بالقوة المفرطة في حروبها التي حصدت منذ مطلع القرن الحالي الفشل تلو الفشل رغم حجم ما خلفته وراءها من دمار وخراب وموت وتشريد ولجأت إلى بديل هو العقوبات، وشيئاً فشيئاً ظهرت العقوبات المفرطة كمّاً ونوعاً فصارت العقوبات الأميركية وسيلة بديلة للحروب الفاشلة لكنها تخاض بذات الوحشية والعشوائية، فالعقوبات الأميركية اليوم تشمل عشرات الخصوم ومثلهم عشرات الحلفاء والعقوبات الأميركية تعرّض اليوم دولاً وشعوباً لمخاطر المجاعة أو هي تسعى لذلك أملاً بالحصول على مكاسب سياسية.

ـ تسمية العقوبات المفرطة بالإرهاب الاقتصادي والمالي صحيحة علمياً لأنها استخدام للعنف الاقتصادي والمالي بوجه المدنيين بصورة تعرّض حياتهم للخطر لتحقيق أهداف سياسية لكن العقوبات المفرطة تبدو في آخر مراحلها لأنّ الاستغلال المفرط لمكانة الدولار الأميركي في التعاملات المالية والاتصادية بدأ يفرض التوجه لبدائل أكثر أماناً منه وهذا يطال خصوم واشنطن وأصدقائها والآليات البديلة ستزداد وتتسع وربما لا يكون عمر العقوبات المفرطة كعمر القوة المفرطة.

التعليق السياسي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى