شركاء النصر

العلامة الشيخ عفيف النابلسي

في البداية أريد أن أؤكد حقيقة أساسية، وهي أنني في هذه المقالة الموجزة لا أحاول أن أدلل على الانتصار الذي حصل في تموز من العام 2006، فهذا عند العدو قبل الصديق قضية واضحة بيَّنة لا تحتاج إلى كثير نقاش. ولا جدال أنّ أعظم شهادة هي ما يشهد به الأعداء. وقد حاول البعض هنا في لبنان أن يقول كلاماً في الحرب والنتائج بعيداً عن وجه الحقيقة، لكن تشاء إرادة الله أن تظهر الحقيقة ناقصة على لسان العدو نفسه.

وعلى الرغم من تعمّد هذا البعض لاحقاً بتشويه التاريخ والتشويش على شخصيات لعبت دوراً بارزاً فيه، بيد أنّ صورة الحق استمرت بشعاعها وضيائها بكلّ قوة. في هذه المناسبة علينا ان نتذكر الرئيس اللبناني البطل إميل لحود، هذا الرجل الوطني بامتياز الذي كان برَّ الطوية، نبيل النزعة في مواقفه ضدّ فريق من السياسيين الانهزاميين المغرضين، والذي يمكن تسميته بفريق «كونداليسا رايس»، فجابههم بحجته، وثبت في وجه نزقهم وإساءاتهم، حتى حقت عليهم كلمة الخيبة والخزي، وفاز هو بشهامته ووفائه وإخلاصه لشعبه وتفانيه في واجبه الوطني. ولقد كان للرئيس نبيه بري دور رائد في لجم شطط هذا الفريق الذي استقال من وطنيته واستتر وراء شعارات زائفة لتغطية مسؤوليته في المؤامرة على لبنان. حاول أن يوحد الموقف اللبناني لكن هوى هؤلاء كان في مكان آخر، ومقصد هؤلاء كان أريكة لبنان الجديدة، لبنان «كوندليسا رايس» المنضمّ الى خريطة «الشرق الأوسط الإسرائيلي». فاوض باسم لبنان المقاوم حتى آخر نفس، ولم يفرّط بأمانة حفظ المقاومين ودمائهم لتذهب هدراً في السياسة. حتى نُقل عنه قوله: «ما لم يأخذه العدو في الميدان لن يأخذه في السياسة حتماً». أما فريق كوندليسا فتركه خلف ظهره ومعه كلّ الخائبين والمغامرين بمستقبل لبنان يتجرّعون كأس يأسهم وفشلهم ورهاناتهم الخاسرة.

أما العماد عون الشريك الثالث بالنصر فقد كان جبلاً كما وصفه سماحة السيد حسن نصرالله، أثار حنق الأميركيين عندما جاؤوا يطلبون منه موقفاً سلبياً من المقاومة، أو أن يقف على الحياد فأجابهم: «يا منربح كلنا مع السيد حسن نصرلله يا منموت كلنا معو». وهذا موقف سيسجله التاريخ عن رجل كان يمكن له أمام مغريات السلطة أن يبيع المقاومة لكنه لم يفعل وفضّل الموت على الاستسلام للعدو وشروطه!

العماد إميل لحود والرئيس نبيه بري والعماد ميشال عون شركاء النصر. هؤلاء ثلاثية ذهبية من الوعي والوطنية والوفاء تشبه ثلاثية الوطن: الجيش، الشعب، المقاومة. بمثل هؤلاء نتنصر، وبمثل هذه المعادلات نكسر شوكة العدو.

مرّ الكثير من الحوادث في بلدنا وفي العالم العربي كانت جارية مجرى الضعف والإنسحاب والتواكل والخذلان والرضوخ، وفي المقابل مرّت حوادث أخرى كحرب تموز عام 2006 التي هيّأ الله سبحانه وتعالى لوطننا وأمتنا ولقائد المقاومين وسيدهم مخرجاً من هذا الضيق والخوف، فكان هؤلاء إلى جانبه، وكانت سورية بشخص رئيسها الفذّ الدكتور بشار الأسد، والجمهورية الإسلامية الإيرانية بمرشدها الملهم الشجاع الإمام السيد علي الخامنئي، جميعاً يقفون وقفة العز ويحققون موجبات النصر واستحقاقاته. وها نحن أمام أمل جديد. فعندما يتحدث رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الأخ يحيى السنوار حول إمكانيات المقاومة في غزة، وعندما نجد الأخوة في اليمن والعراق في هذه الجهوزية العالية، وعندما نجد كلّ هذه الاستعددات التي تحدّث عنها سماحة السيد حسن نصرالله. وعندما نجد أبناء الأمة المؤمنين الشرفاء الملتزمين بقضية فلسطين يتطلعون بكامل الثقة بالنصر القادم. فعندها نكون أمام تحوّل كبير…

تأخرت الأمة نعم، لكن كان يلزمنا الوعي والإرادة والشجاعة والعدة والعديدة والقيادة الصادقة، وكلّ ذلك بحمد لله بات اليوم متوفراً، وننتظر الصبح، أليس الصبح بقريب؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى