بوتين: لا بديل لمحادثات نورماندي وندعم جهود الجيش السوري للقضاء على الإرهابيين في إدلب ويتساءل عن موقف باريس مما يحدث في ليبيا
بعد عامين من تجديد العلاقات الفرنسية – الروسية، استقبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمس، نظيره الروسي فلاديمير بوتين «الجار المهم» والأساسي في ملفات أزمات عديدة جارية، في محاولة للتخفيف من وطأة غياب موسكو عن قمة مجموعة السبع خلال عطلة نهاية الأسبوع المقبل.
واستمرّت هذه الزيارة يوماً واحداً، حيث عقد الرئيسان جلسة عمل وعشاء تناولا خلالهما أهم القضايا الدولية، لا سيّما تلك التي ستعرض على قمة قادة الدول الصناعية السبع المقبلة وعلى رأسها أزمة أوكرانيا، والملف النووي الإيراني، والأزمة السورية، إلى جانب الأوضاع في لبيبا ومنطقة الخليج.
وفي الملف السوري، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس، أن «روسيا تدعم جهود الجيش السوري للقضاء على الإرهابيين في محافظة إدلب».
وقال بوتين في مؤتمر صحافي مع نظيره الفرنسي: «نرصد هجمات الإرهابيين من المنطقة منزوعة السلاح في سورية وانتقالهم لمناطق أخرى».
وأكد الرئيس الروسي «دعم روسيا الاتحادية لجهود الجيش السوري في القضاء على الإرهابيين في محافظة إدلب». وقال:
«كانت هناك محاولات لمهاجمة قاعدتنا الجوية في حميميم من منطقة إدلب. لذلك، نحن ندعم جهود الجيش السوري في العمليات التي ينفذها من أجل القضاء على التهديدات الإرهابية».
وأضاف الرئيس الروسي: «بالطبع ، سنتحدث عن سورية. وهنا أودّ أن أشير إلى أنه قبل التوقيع على الاتفاقات ذات الصلة في سوتشي حول نزع السلاح في جزء من منطقة إدلب، في ذلك الوقت كان 50 بالمئة من الأراضي تحت سيطرة الإرهابيين، الآن 90 بالمئة، ونحن نشهد هجمات جوية مستمرة من هناك».
وأردف بوتين «بالإضافة إلى ذلك، الأمر الخطير…، أننا نشهد نقل مسلحين من هذه المنطقة إلى مناطق أخرى من العالم، وهذا أمر خطير للغاية» .
من جهته، أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن قلقه «إزاء تطورات الأوضاع في محافظة إدلب السورية»، كما دعا أيضاً إلى «إحلال الاستقرار والنظام في ليبيا».
وفي الملف الأوكراني، أبلغ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون بأنه «لا يرى بديلاً لمحادثات ما يسمى بصيغة نورماندي على مستوى رؤساء الدول بشأن أزمة أوكرانيا»، لكنه أحجم أمس، عن «الموافقة على المشاركة في قمة جديدة حول الأزمة».
وفي الداخل الروسي، قال الرئيس الروسي، أمس، إن «عواقب الحادثة التي وقعت في سيفيرودفينسك لا تحمل أيّ تهديدات، ولا توجد أي زيادة في مستوى الإشعاع بعد الحادث».
وأكد الرئيس بوتين، خلال اللقاء مع نظيره الفرنسي، على أن «السلطات الروسية، تتخذ كل التدابير الوقائية الضرورية».
كما أعلن الرئيس الروسي، «ضرورة تحقيق المصالحة بين الأطراف المتصارعة في ليبيا»، معرباً عن «رغبته في سماع موقف فرنسا بشأن هذه القضية من أجل تنسيق الجهود».
وقال بوتين، في مؤتمر صحافي مع نظيره الفرنسي قبيل بدء مباحثاتهما أمس: «لدينا موضوع مهم، بالطبع، هو ليبيا».
وأضاف «من الضروري هنا السعي لتحقيق المصالحة بين الأطراف المتصارعة، وأود كثيراً معرفة موقف فرنسا ورئيسها حول هذا الموضوع، من أجل تنسيق جهودنا».
قمة ذات توقيت مثالي!
وليس من باب الصدفة عقد هذا الاجتماع بين الرئيسين الروسي والفرنسي قبل أيام من قمة مجموعة السبع في بياريتز، إذ يؤكد الجانب الفرنسي في تلميح واضح أن «باريس تحاول إعادة روسيا إلى قوام هذا النادي».
ويعتقد البعض أن «ماكرون يرتكب خطأ بلقائه مع بوتين قبل قمة G7»، لكن آخرين يُعربون عن أملهم في «استئناف الحوار بين أوروبا وروسيا»، ويتذكرون أنه «من هذا المبنى بالذات قرّر الرئيس الفرنسي الأسبق فرانسوا ميتران والمستشار الألماني هيلموت كول إطلاق خط هاتفي مباشر بين الكرملين والشانزليزيه خلال اجتماع عام 1985، وكان ذلك إحدى الخطوات نحو إنهاء الحرب الباردة».
ويرى فريق واسع من المراقبين أن التوقيت الذي اختاره ماكرون لدعوة الرئيس بوتين لزيارته هو «توقيت مثالي»، فهو من ناحية يسبق انعقاد قمة الدول السبع الكبرى، والتي يحاول ماكرون أن يلعب فيها دور «الوسيط» أو «همزة الوصل» بين الرئيس الروسي والقادة الأوروبيين في محاولة لنقل مواقف بوتين من مختلف الأزمات التي تلعب روسيا فيها دوراً فاعلاً، فضلاً عن محاولة دفع روسيا للعودة إلى قمة الدول الصناعية الكبرى بعد أن تركتها عام 2014 في أعقاب اندلاع الأزمة الأوكرانية وعودة شبه جزيرة القرم لأحضان الوطن الأم، والتي تحولت بخروج روسيا منها من «مجموعة الثماني» إلى «مجموعة السبع» الصناعية الكبرى.
وأكد وزير الخارجية الفرنسي الأسبق هوبير فيدرين أهمية تعزيز العلاقات الفرنسية الروسية خاصة في المرحلة الراهنة، مشيراً إلى أنه لو تمت إعادة انتخاب الرئيس ترامب مرة أخرى فإنه سيعمل على «توطيد العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة ولن يأخذ المصالح الأوروبية في عين الاعتبار».