مسؤولية تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية
ناصر قنديل
– بالرغم من كل المناخ المحيط بمواقف رئيس التيار الوطني الحر حول نيات مضمرة للخروج عن اتفاق الطائف باتجاه استعادة صيغة تحاكي ما قبل الطائف سواء في الحفاظ على النظام الطائفي أو في توزيع الصلاحيات في السلطة الإجرائية بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، فإن رئيس الجمهورية لا ينفك عن وضع مواقفه تحت سقف الدستور الذي ولد من اتفاق الطائف. وقد جاء مثال مخاطبته للمجلس النيابي طلباً لتفسير المادة 95 من الدستور التي تنظم الوظيفة العامة وحدود التنظيم الطائفي لها، خير مصداق للكلام الرئاسي، ولا يمكن تخيل تحرك متناقض لكل من رئيس الجمهورية ورئيس التيار، ورئيس الجمهورية بمثابة الأب الروحي للتيار وزعيمه الشعبي التاريخي.
– فضيتان رئيسيتان أثارهما رئيس التيار وقدّم رئيس الجمهورية لهما التغطية في هذا المجال، لكن من قلب الدستور، وهذه هي وظيفة رسالة رئيس الجمهورية إلى مجلس النواب. والقضيتان هما، أولاً التساؤل حول كيفية تطبيق نص المادة 95 على اعتماد الكفاءة في الوظيفة العامة ما دون الوظائف الأولى، وربطها بجملة اعتراضية هي وفقاً لمقتضيات الوفاق الوطني ، واعتبار ذلك دعوة لنوع من التنظيم الطائفي ضمناً، كبديل للمناصفة، لضمان حد أدنى من التوازن بين الطوائف أسماه مقتضيات الوفاق الوطني، واعتبار عدم النص صراحة على إلغاء التنظيم الطائفي للوظيفة، والاكتفاء بالدعوة لاعتماد الكفاءة وفق مقتضيات الوفاق دليلاً على ذلك، مستعيناً بكون اعتماد المناصفة في وظائف الفئة الأولى جاء مرفقاً أيضاً بمراعاة الكفاءة.
– ثانياً التساؤل حول موعد ابتداء العمل بترتيبات المادة 95 طالما ورد الحديث عن ربط الإجراءات المرحلية لإلغاء الطائفية بخطة تضعها الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية، ورفض الاعتراف بالفوارق بين المرحلة الانتقالية التي تنص عليها المادة 95 استباقاً لتشكيل الهيئة، وبين الخطة المرحلية التي تضعها الهيئة، وتميز نص المادة 95 عن نص المادة 22 الخاصة بقانون الانتخابات النيابية والتي قالت بإنشاء مجلس للشيوخ مع انتخاب أول مجلس نيابي خارج القيد الطائفي، فربطت موعداً بموعد بخلاف المادة 95.
– سيصل النقاش النيابي إلى أن قضية تنظيم كيفية تحقيق مقتضيات الوفاق الوطني في الوظائف ما دون الفئة الأولى إجرائياً أمر يجب أن تبت به الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية، وإلى أن تخطي الجدل حول موعد بدء المرحلة الانتقالية يحسمه الإسراع بتشكيل الهيئة الوطنية، وبالتالي يصير السؤال نيابياً وليس رئاسياً، فيسأل المجلس نفسه بنفسه عن الجهة المسؤولة عن تشكيل الهيئة، والجواب في الدستور، أنه مع انتخاب أول مجلس نيابي على أساس المناصفة تشكل هيئة وطنية لإلغاء الطائفية، يترأسها رئيس الجمهورية وتضم رئيسي مجلس النواب والحكومة تتولى وضع خطة مرحلية لإلغاء الطائفية، فكيف سيتصدّى مجلس النواب لهذه المسؤولية؟
– سبق لرئيس مجلس النواب أن حاول مراراً المبادرة لتشكيل الهيئة واصطدم بمناخات طائفية حالت دون ذلك كان أغلبها رئاسي المصدر في حينها، ومع رسالة رئيس الجمهورية صار راهناً أن تبادر رئاسة المجلس إلى التحرك بسرعة من داخل الدستور، طالما لا يزال هو الحكم، وليكن تشكيل الهيئة هو الردّ على كل التساؤلات، وبدونها سيتجمّد تطبيق اتفاق الطائف.