الراعي من بيت الدين: الجبل لا يعيش إلا بوحدته والمادة 95 ضمانة عون: الموضوع الاقتصادي بند أول في مجلس الوزراء
أبلغ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، الذي استقبله في المقر الرئاسي الصيفي في بيت الدين، أنّ الموضوع الاقتصادي سيكون البند الأول في اهتمامات مجلس الوزراء اليوم لمواجهة التداعيات التي يحدثها على حياة المواطنين الذين لم يعد في مقدورهم التحمل أكثر.
وبعد اللقاء، تحدّث البطريرك الراعي الى الصحافيين، فقال: «إن مجيء رئيس الجمهورية الى بيت الدين في غاية الاهمية لأنه كرئيس للبلاد وأب للجميع ومسؤول عن الجميع، ساعد حضوره هنا في إراحة الوضع. وشعر أهل الجبل جميعاً من دروز ومسيحيين ومسلمين على مختلف اطيافهم ان هذا الجبل لا يعيش الا بوحدته. ومن هنا فإن مجيء رئيس الجمهورية الى هنا هو بمثابة تكريس وترجمة للمصالحة التاريخية. لقد أتينا لتهنئته بما قام به من اجل هذه المصالحة لأنّ ذلك يأتي في صلب عمله كرئيس للبلاد».
اضاف: «لقد تكلمنا كذلك في الموضوع الاقتصادي الذي يشغل بال الجميع ويطاول بتداعياته الجميع وتطرقنا كذلك الى مواضيع اخرى اساسية سبق ان تكلمنا بها، لا سيما لجهة كيفية احترام الانسان بكرامته وحقوقه في المؤسسات، من دون ان تكون عرضة لأي تعدٍ في التحقيقات او سواها. وتكلمنا عن رسالة الرئيس عون الى المجلس النيابي لتفسير المادة 95 من الدستور التي هي لخير جميع اللبنانيين، ومن الواجب تطبيقها في الطائف. ويجب ألا يكون ايّ خلاف في الرأي بخصوصها لأنّ كلّ ما هو ضمن الدستور يجمع اللبنانيين. كما أنه يجب عدم الأخذ بالدستور بصورة انتقائية، بل كمجموعة متكاملة. هناك قضايا عدة يجب الأخذ بها كاللامركزية الإدارية ومجلس الشيوخ وغير ذلك. ونأمل أن تشكل الرسالة مناسبة لتطبيق الدستور واتفاق الطائف الذي هو جزء من الدستور».
واذا كان يخشى ان يؤثر تفسير المادة 95 على الشراكة في البلد ويحدث بعض الزعزعة، قال: «لا أعتقد ذلك، فالمادة واضحة، والمطلوب تطبيقها بموادها كافة لا بطريقة انتقائية. وهي مادة لا تثير الخوف بل تعطي ضمانة لجميع الناس. لقد أثار البعض حولها ضجة ولم يقرأها. اقرأوها، اذ ذاك ترتاحون جميعاً».
ورداً على سؤال حول ما يطرح من مبادرة لجمع الأقطاب المسيحيين، قال الراعي: «هل تذكرون عندما انتقدنا احدهم يوم جمعنا النواب الموارنة؟ فلنبدأ أولاً ببيتنا ومن ثم نسير مع غيرنا. نحن علينا ان نجتمع كي نوحد رؤيتنا للخروج من الخلافات اليومية، ويكون المجتمعون هم من يتعاملون ويتواصلون مع زملائهم الآخرين من مسيحيين ومسلمين. كما أننا نعتبر انّ هذا هو دور البطريركية المارونية في جمع وتوحيد اللبنانيين ومساعدتهم لأننا جميعا ابناء هذا الوطن، الذي تكمن قيمته في انه وطن تعدّدي».
وعن التفسيرات التي أعطيت لكلام رئيس الجمهورية الأخير في ما خصّ الاستراتيجية الدفاعية، فقال: «لم يسنح لي الوقت للكلام مع رئيس الجمهورية حول هذا الموضوع، لكن مسألة الاستراتيجية الدفاعية أساسية، وقد طرحت اولاً في عهد الرئيس سليمان. وهي ضرورية، فبالنسبة إليّ الموضوع منتهٍ منذ ان تمّ طرحه. من الضروري ان يتمّ اعتمادها، فهذه الاستراتيجية الدفاعية ضرورة ماسّة في حياة لبنان».
وحول ما يُثار من كلام حول فتح الاستحقاق الرئاسي منذ الآن ومدى تأثير هذا الأمر على الوضع العام، قال البطريرك الماروني: «من المبكر جداً الكلام عن هذا الأمر. اعرف انّ لدى البعض طموحات ولكن لا طعم لحديث كهذا اليوم. حديث اليوم يجب ان يكون حول كيفية النهوض بالبلد المهدد اقتصادياً ومالياً ومعيشياً واجتماعياً قبل ان نفكر بماذا سنعمل بعد عشر أو اربع او ثلاث سنوات. علينا ان نبحث في كيفية معالجة موضوع الساعة الملح، وايّ موضوع آخر لا طعم ولا لزوم له».
وبحث الرئيس عون أوضاع القضاء وعمل المحاكم مع رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد الذي أشار الى انه أعلم الرئيس عون أن 32 قاضياً متدرّجاً أنهوا تدرّجهم في معهد الدروس القضائية، واعلن مجلس القضاء أهليتهم وينتظرون صدور مرسوم تعيينهم قضاة أصيلين في ملاك القضاء العدلي.
وأضاف انه طلب العمل على استكمال التعيينات القضائية للانتقال الى تشكيلات قضائية كي يصبح في الإمكان تعيين القضاة الجدد في المحاكم. واشار الى انّ مجلس القضاء الأعلى يستعدّ للمشاركة في خلوة عمل وتخطيط دعا اليها وزير العدل في منتصف الشهر المقبل.
ثم استقبل رئيس الجمهورية سفير العراق في لبنان علي عباس بندر العامري في زيارة وداعية لمناسبة انتهاء عمله الديبلوماسي في لبنان. وقد منحه الرئيس عون وسام الأرز الوطني من رتبة ضابط اكبر تقديراً للدور الذي لعبه في توطيد العلاقات اللبنانية العراقية وتطويرها في كافة المجالات، متمنيا له التوفيق في مهامه الجديدة.
من جهة أخرى، واصل الرئيس عون استقبال الوفود الشعبية التي أمّت قصر بيت الدين للترحيب به، فالتقى وفداً من بلدية دير القمر برئاسة رئيس البلدية السفير السابق ملحم مستو. وقال: «من ابرز اهداف اقامتي هنا المساعدة على توطيد هذه الثقة والتوازن. ونحن نبذل قصارى جهدنا من أجل إرساء الوحدة الوطنية والمساواة بين اللبنانيين»، مشيراً الى «انّ موضوع مستشفى دير القمر الحكومي هو أولوية عنده ويعمل على متابعته»، ومشدّداً «على انّ الإرث الاقتصادي والمالي الذي حملناه كبير، ونحن نعمل بأقصى جهدنا للتوصل الى حلول له تكون لمصلحة الجميع».
الى ذلك، حرص الرئيس عون على الترحيب بالسياح العرب والأجانب الوافدين الى بيت الدين في إطار الجولات السياحية للتعرّف على المعالم اللبنانية، فالتقى لهذه الغاية وفداً مصرياً برئاسة الأب عيد نظمي حضر الى لبنان للمشاركة في مؤتمر الرحمة الإلهية الثاني في الشرق الأوسط، والذي عقد في دير مار يوحنا الحبيب في غوسطا الأسبوع الماضي في حضور وفود من مصر وسورية والعراق والأردن ولبنان.