الحكومة اليوم على إيقاع حمّى توقعات التصنيف الإئتماني… المواكب للعقوبات بري لحالة طوارئ اقتصادية… و الوفاء للمقاومة للجنة تحقيق برلمانية في الخلوي

كتب المحرّر السياسيّ

في المنطقة مسار واضح يظهر خلاله التحالف الروسي السوري الإيراني المزيد من القدرة على التفوق التكتيكي على خلفية امتلاك القدرة على المبادرة من جهة، والاستناد إلى خيار استراتيجي عنوانه لا نريد الحرب لكننا لا نخشاها ، مقابل حلف تقوده واشنطن عاجز عن المبادرة ويلجأ للتهويل والضغط والابتزاز، في ظل خيار استراتيجي عنوانه نريد الحرب لكننا نخشاها ، وفي المنطقة تترجم المواقف هذه المفارقة، فمقابل التهديدات الأميركية للناقلة الإيرانية ومَن يستقبلها في المتوسط تهديد إيراني على لسان الرئيس حسن روحاني بأن الممرات البحرية التي لا توفر فرصة حركة الملاحة لبيع النفط الإيراني لن تبقى آمنة، ومقابل الارتباك الأميركي التركي في كيفية التعامل مع نجاحات الجيش السوري في منطقة إدلب وجبهاتها، وضوح روسي وموقف متماسك مع سورية عبّر عنه وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف، بالإعلان عن العزم على استئصال الإرهاب الذي بات مسيطراً على إدلب.

في وسط معادلة الاستقطاب يظهر انفتاح روسي إيراني على فرنسا، سواء عبر المحادثات الهاتفية المطوّلة بشكل شبه أسبوعي بين الرئيس الفرنسي امانويل ماركون والرئيس الإيراني حسن روحاني أو عبر الزيارة الأخيرة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى باريس والاجتماعات المتعددة التي عقدها مع الرئيس الفرنسي، وما تتداوله المواقف الفرنسية الرسمية من إعلان تمسك بالاتفاق النووي والسعي لقيادة مفاوضات دولية لرفع العقوبات عن إيران، وضمان آلية تعاون مع إيران لتبدبد الهواجس من برنامجها الصاروخي ونفوذها الإقليمي.

لبنانياً، ينعقد اليوم مجلس الوزراء في بيت الدين لمناقشة جدول أعمال عادي، لكن الخلفية الحاضرة دائماً هي إيقاع التهديدات بتخفيض مستوى التصنيف الإئتماني للبنان، التي باتت أشبه بحرب نفسية تتكامل مع العقوبات، وما يجعلهما معاً أداة ضغط سياسية للحصول على تنازلات لبنانية تطال ملف التفاوض حول الحدود وما يتصل بمستقبل ثروة النفط والغاز، أو مستقبل سلاح المقاومة، وهو ما عبّرت عنه الحملة المنظمة إعلامياً وسياسياً لاستحضار عنوان الاستراتيجية الدفاعية فجأة وبدون مقدمات.

لبنانياً، أيضاً جدّد رئيس مجلس النواب نبيه بري الدعوة لحالة طوارئ اقتصادية ومالية، لمواجهة التحديات التي تنتظر لبنان على هذا الصعيد، بينما دعت كتلة الوفاء للمقاومة لتشكيل لجنة تحقيق برلمانية في ملف الهاتف الخلوي في ظل الحديث عن هدر مستدام ومتمادٍ لأموال الخزينة، وسوء إدارة للإنفاق الاستثماريّ والتشغيليّ، وهو ما تحدث عنه رئيس لجنة الاتصالات النيابية حسين الحاج حسن من عين التينة مؤكداً دعم الرئيس بري للمسعى.

مجلس الوزراء في بيت الدين

في ما يعقد مجلس الوزراء اليوم، جلسة عادية برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في بيت الدين، توقعت مصادر وزارية أن تكون هادئة وتقتصر على بحث جدول الأعمال وإطلاع رئيس الحكومة سعد الحريري رئيس الجمهورية والمجلس على نتائج زيارته إلى واشنطن، شهدت الساحة الداخلية تصاعد الحملة الإعلامية عشية صدور تقرير وكالة التصنيف المالية الدولية حول تقييمها للوضع المالي في لبنان المتوقع يوم غدٍ، وسط تسريبات متضاربة بين من يقول إن التقرير لن يغير درجة التصنيف وسيمنح الحكومة مزيداً من الوقت لإصلاح اقتصادها وماليتها العامة، وبين مَن يرجح أن تنخفض درجة التصنيف درجة واحدة، إلا أن المستغرب بحسب أوساط سياسية هو حملة التهديدات والضغوط الخارجة الموجهة والمنسّقة على لبنان باشتراك قوى سياسية ووسائل إعلامية لبنانية! والأمر نفسه يحصل بموضوع الاستراتيجية الدفاعية، ما يدفع للتساؤل بحسب الأوساط: لماذا تصاعدت الضغوط المالية وتحرك ملف الاستراتيجية الدفاعية وبدأ التصويب على موقف رئيس الجمهورية وعلى حزب الله غداة عودة الرئيس الحريري من الولايات المتحدة! وما علاقة ذلك بالمشروع الأميركي الإسرائيلي الخليجي الجديد «صفقة القرن»!

وإذ تتداول بعض الأوساط السياسية التزامات قدمها الحريري للمسؤولين الأميركيين تتعلق بقضايا أساسية لبنانية كمسألة الاستراتيجية الدفاعية وترسيم الحدود وملفات مالية والعلاقة مع سورية، نقلت قناة أم تي في عن مصادر مرافقة لزيارة الحريري إلى واشنطن أنه «أثناء زيارة رئيس الحكومة كان مستشار الرئيس الأميركي جاريد كوشنر موجوداً في نيويورك »، مشيرةً إلى أن «الحريري أكد في واشنطن أنه سيتمّ عرض ملف الحدود البحرية والبرية على مجلس الوزراء، لكنه لم يتعهد بأي نتيجة للتصويت سلبية كانت ام إيجابية»، مؤكدةً أن «الموقف اللبناني في ملف النفط والغاز موحّد والحريري نسّق مع رئيس مجلس النواب نبيه بري بشأن إحالة الملف على مجلس الوزراء للتصويت»، كما أكدت مصادر بيت الوسط أن الحريري لم يعقد أي لقاءات سرية.

قرار خارجي يمنع تسليح الجيش!

وفي سياق ذلك، تشير مصادر عسكرية مطلعة لـ»البناء» الى أنه «لا يمكن وضع استراتيجية دفاعية في ظل غياب القرار السياسي لتسليح الجيش بإمكانات تمكنه من حماية الحدود البرية والبحرية والجوية فضلاً عن الثروة النفطية والغازية»، كاشفة أن «الجيش لا يملك أنواع الأسلحة الدفاعية اللازمة من صواريخ أرض جو وأرض بحر وحتى أنه لا يمتلك شبكة رصد جوي من ردارات وأجهزة لرصد الحركة الجوية الاسرائيلية وكشف الاختراقات للمجال الجوي اللبناني وحتى الآن يتزود الجيش بالمعلومات الجوية من الأجهزة التابعة لمطار بيروت الدولي».

وتُبدي المصادر استغرابها لـ»خفض موازنة وزارة الدفاع اللبناني المقدرة بمليار دولار فيما تبلغ موازنة وزارة الدفاع لدى العدو الاسرائيلي 21 مليار دولار»، وترى المصادر أن «الجيش بإمكاناته الحالية يعتبر حاجة دفاعية ضرورية وأساسية لكنها غير كافية ولا بد من وجود المقاومة كعنصر تكاملي ومكمل للجيش في أي استراتيجية دفاعية مقبلة»، موضحة أن «وجود المقاومة الى جانب الجيش هو الذي حقق هذا الاستقرار الأمني في لبنان والمعادلات الردعية إن كان مع العدو الاسرائيلي او الارهابي».

ولفتت المصادر الى أن «اي استراتيجية دفاعية يجب أن تنطلق من وثيقة الوفاق الوطني والدستور وعقيدة قتالية واضحة ومن الحاجة الاستراتيجية للبنان التي تتغيّر معاييرها وأسسها وفق التطورات في المنطقة ولا تخضع لأهواء بعض اللبنانيين المعروفي الانتماء والولاء ولا لتعليمات خارجية، بل يجب الأخذ بعين الاعتبار التطورات الاقليمية والمناخ الامني والسياسي في المنطقة لان لا يمكن فصل لبنان عن محيطه مهما حاولت بعض الاطراف السياسية ذلك لاعتبارات يريدها الخارج، فلبنان لا يزال يتعرض لاخطار كبيرة من «إسرائيل» ومشاريع أميركية كصفقة القرن وخلايا ارهابية نائمة تتحين الفرص للعودة الى لبنان وسورية والعراق». وتتساءل المصادر: «كيف يريد بعض الداخل ان يواجه الجيش بمفرده اسرائيل والارهاب وكل المشاريع والمخططات ولم يزود بالأسلحة الكافية؟».

لقاء الحريري – باسيل

وبعد عودة رئيس الحكومة من واشنطن وما رافقها من حديث عن استبعاد لوزير الخارجية جبران باسيل عن الزيارة، وعشية انعقاد مجلس الوزراء في بيت الدين، زار رئيس تكتل لبنان القوي الرئيس الحريري في بيت الوسط، وفي حين أشارت مصادر اللقاء الى أنه يأتي لتأكيد التسوية الرئاسية وعلى إيجابية العلاقة بين الحريري والتيار الوطني الحر وتمهيد للاتفاق على ملف التعيينات الذي سيطرح أكدت مصادر أن «الاجتماع تنسيقي والأجواء ممتازة كالعادة».

وإذ بات مؤكداً أن رئيس التيار الوطني الحر سيعود الى الجبل من بوابة قصر بيت الدين للمشاركة في جلسة مجلس الوزراء بعدما مُنع من دخوله من باب قبرشمون في الزيارة الماضية، كان لافتاً كلام عضو كتلة اللقاء الديموقراطي النائب بلال عبدالله ، الذي أكد «ان باسيل مرحب فيه دائماً في الشوف وبكل لبنان، وهذا الترحيب موجّه الى كل المسؤولين، اذا ارادوا زيارة المنطقة»، موضحاً أن «نحن منطقة من لبنان ونخضع للقانون اللبناني، على أن نتيقن من المواقف الصادرة عنا جميعاً». ما فُسر على أن باسيل سيدخل الجبل هذه المرة من بوابة المختارة.

وشدّد عبدالله في تصريح، على أن اللقاء بين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط والنائب تيمور جنبلاط من جهة، مع رئيس الجمهورية العماد في قصر بيت الدين ، سيحصل وهو طبيعي يدخل في اطار البروتوكول، ويأتي في سياق العادات وتقاليد اهل الجبل،» موضحاً ان جنبلاط سيوجه دعوة للرئيس عون خلال اللقاء، لزيارة قصر المختارة».

وبحسب معلومات «البناء» فإن الأجواء الايجابية بين عون وجنبلاط ستنسحب على الاشتراكي والتيار الوطني الحر، وبحسب مصادر الطرفين فإن الرئيس عون سيستغل الأجواء الهادئة الذي يشهدها الجبل والمصالحة في بعبدا بخطوة للجمع بينهما، حيث أعلنت مصادر التيار والاشتراكي عن استعدادهما للقاء والمصالحة في أي وقت.

وأكد البطريرك الماروني مار بشارة الراعي من بيت الدين بعد لقائه رئيس الجمهورية «أن مجيء الرئيس الى بيت الدين لتكريس المصالحة التاريخية»، وأشار الى «اننا تحدثنا مع الرئيس عون عن تفسير المادة 95، والدستور يتم الأخذ به كاملاً لا انتقاء، وهناك أمور أخرى منه لم تطبق»، معتبراً ان «المادة 95 لا تخيف إنما تعطي الضمانة لكل الناس».

على صعيد آخر، اعتبر عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب ابراهيم الموسوي تعليقاً على الفيديو المسرّب للوزير باسيل والنائب طلال أرسلان، ان «ليس كل ما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي، مجبرون على التعليق عليه»، مشيراً الى ان «لا تأثير على العلاقة بين حزب الله و التيار الوطني الحر بسبب مقطع الفيديو الذي نشر عن باسيل ». وأكد الموسوي في حديث تلفزيوني «ان التحالف بين الحزب والتيار متين لا تهزه هكذا أمور ونحن مرت علينا صعوبات كبيرة ولم تؤثر على عمق العلاقة بيننا».

وعلى مقلب آخر، أكد سفير روسيا الكسندر زاسيبكين من وزارة الخارجية، على «ان يكون القرار الداخلي للبنان بعيداً من اي تدخلات خارجية» مشيراً بعد لقائه باسيل الى «الموقف الروسي الرافض دائماً للعقوبات التي تفرضها الادارة الأميركية والكونغرس على الدول الاخرى». ولفت الى «ضرورة تعزيز الحوار والتعاون بين روسيا ولبنان لتنقية الأجواء الدولية وإيجاد الحلول السلمية السياسية للنزاعات في هذه المنطقة وتأمين عودة النازحين».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى