إسراء غريب… حين تموت فينا الإنسانية!
رنا محمد صادق
تعدّدت السيناريوات في روايتها، والنهاية واحدة، مقتلها وهي في ريعان شبابها، بقضية «شرف».
إسراء غريب، تلك الفتاة الفلسطينية البريئة قُتلت على أيدي نفوس حاقدة، وجاهلة، ليس حكماً ولا استباقاً، بل صرخة وجع من فتاة على فتاة أخرى ترى فيها نفسها، حالها وحياتها.
نعم، أرى في إسراء أنا، وهي، وهنّ وجميع النساء اللواتي تتعرّضن يومياً للانتهاك، أو قد يتعرّضن للعنف والذلّ على خلفيّة الحفاظ على الشرف، أو من باب الحفاظ على العادات والتقاليد البالية. هذه الصرخة، هي من كلّ أمّ، أخت وزوجة مسّها موت إسراء بأنوثتها وكيانها ووجودها.
مجتمع شرقي بالٍ، ونفوس ذكوريّة مريضة، ليس تفريقاً ولا ذمّاً بالرجل، على قدر ما هو ألم أيقظته إسراء فينا، كي نعود إلى إنسانيتنا كأفراد نعيش سوياً كأسر، ومجتمعات لها احتياجات ومصالح مرتبطة.
قضية إسراء أخذت حيّزاً واسعاً على نطاق مواقع التواصل الاجتماعي، وشحنت في النفوس غضباً على تلك العقول الجاهلة التي تدّعي العفّة، وسحبت آخر أنفاس إسراء.
أكتب اليوم، لغرضين لا ثالث لهما، الأول هو العودة إلى الإنسانية ورفع شعار لا للظلم، والثاني لتكون قضية إسراء درساً لمن تتحكّم به همجية الشرقية الخاطئة والأعراف الظالمة بحق المرأة كإنسان.
من هنا، وقبل الحكم على عائلة إسراء لا يسعني القول سوى أنّ في قضيتها الكلام لا ينتهي وجرح الموت لا يزول، فكيفما اذا كان الموت ظلماً، وفيه داس كلّ من رأى فيها «قضية شرف».
التربية الصالحة لم تنم يوماً عن التفرقة بين الأولاد والبنات، بل هي ما يجب أن يعلّمه الآباء لأبنائهم على حدّ سواء، في تحمّل المسؤولية وتحقيق الذات في شتى المجالات ليرتقي ما يسمّى المجتمع الشرقي فكرياً واجتماعياً، وتزداد فيه محاسن الخلق والأخلاق.
وأخيراً، لا بدّ من انتظار الحكم في دعوى إسراء على أن تعمّم قوانين تحمي الأسرة وتناهض العنف ضدّ المرأة، والأهمّ أن ترتقي العقول وتترفّع في الإنسانية كي يصبح مجتمعنا مجتمعاً يُحتذى به لا يلوّثه العار بلطخات القتل.
… كلنا إسراء غريب!