هذا هو محور المقاومة فمن أنتم؟
جمال محسن العفلق
قواعد اشتباك جديدة تفرضها المقاومة على الأرض بعملية نوعية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة تستهدف من خلالها عربة نقل جنود صهيونية كانت تسير بالقرب من الحدود اللبنانية ـ الفلسطينية، وحجم العملية بالمقارنة مع قدرات المقاومة هي عملية بسيطة ومحدودة إذا نظرنا الى ما بعد العملية واستمرار عناصر المقاومة في تصوير عملية الإجلاء للمصابين، وبمعنى أكثر دقة السماح للكيان الصهيوني وفرق الإنقاذ بنقل المصابين رغم أنهم كانوا في مرمى وعلى مرأى فريق العملية، ولكن قرار العملية كان محدّداً وهو الردّ على غطرسة نتنياهو بتحديد قواعد الاشتباك الجديدة ورسم الحدود العسكرية، وأنّ المقاومة لن تنتظر دخول قطعان الكيان الصهيوني الى لبنان للردّ عليها إنما سيكون الردّ داخل الأراضي المحتلة إذا ما فكرت «إسرائيل» تنفيذ أيّ اعتداءات جديدة في المنطقة، كما أنّ العملية أثبتت ضعف الكيان الصهيوني وعجزه عن رصد حدوده وإمكانية اختراقها في أيّ زمان ومكان تختارهما المقاومة، والأهمّ من ذلك أنّ المقاومة ليست ضعيفة وجاهزة لأيّ تطوّر عسكري محتمل بالمنطقة وقادرة على العمل في عدة جبهات وبنفس السوية العسكرية وهذا ما فاجأ أعداءها وخصومها السياسيين الذين يسوّقون لفكرة أنّ حزب الله منشغل في سورية ولا يملك القدرة على الردّ، وانّ إيران محاصرة وسورية منشغلة في محاربة الجماعات الإرهابية، وانّ هذا الكيان الصهيوني قادر على تنفيذ أيّ عمل عسكري متى يشاء وفي أيّ وقت يريده وأنّ الغطرسة الصهيونية هي أمر واقع ولا يمكن الردّ عليها او وقفها…! بل وصل الأمر للتسويق لجرائم الصهيونية على أنها قدر مسلّم به ويجب القبول به والرضى والتسليم، فـ «إسرائيل» مدعومة من أكبر قوة في العالم ولا يجوز محاربتها.
كما أنّ العملية لم تكن مفاجئة لجمهور المقاومة كذلك هي التصريحات والردود العربية الحليفة للكيان الصهيوني والسائرة على درب مشروع ما يسمّى «صفقة القرن»، والواضح أنّ العملية كانت صادمه لحلفاء «إسرائيل» أكثر من «إسرائيل» نفسها، فالجامعة العربية تكرّر موقفها الذي أطلقته في 2006 وتتهم المقاومة بالانفراد بقرار الحرب والسلم، لتتالى التصريحات من الداخل والخارج، ولكن الغريب بالأمر أنّ الكيان الصهيوني نفسه التزم الصمت وحدّد على المسؤولين فيه التحدث عن العملية في وقت انبرى فيه وزراء عرب ومسؤولين بأخذ الدور الإعلامي للدفاع عن الكيان الصهيوني وتصويره على أنه ضحية! وهنا يأتي السؤال لكلّ المدافعين والغاضبين من هذه العملية هذا هو محور المقاومة فمن أنتم؟
لقد ارتضيتم العمل في فلك الصهيونية وتنفيذ مخططها، دعمتم الجماعات الإرهابية بالمال والسلاح، قسّمتم العراق وعملتم على تقسيم سورية، أسلحتكم قتلت مئات الآلاف في اليمن، انقلبتم على من تحالفتم معهم حتى أسراكم أصبحوا اليوم ضحايا قصفكم الهمجي! تحاصرون الشعوب وتمنعون مرور النفط عن الدول العربية، تنفذون أوامر أميركا في تضييق الحصار الاقتصادي والمالي على كلّ من رفض ويرفض «صفقة القرن»، ثم ترفعون شعارات طائفية هدفها بث الفرقة في البيت الواحد. ولم تتعلّموا الدرس بعد! فدفع بكم ترامب الى معاداة إيران ووعدكم بمسح طهران خلال ست ساعات، فدفعتم مليارات الدولارات له لينسحب في اللحظة الأخيرة ويترككم لمصيركم! جعلتم الكيان الصهيوني حليفكم الأول على حساب مصالح شعوبكم، واليوم تخرجون عبر منصات التواصل الاجتماعي لإدانة العملية النوعية داخل الأرضي الفلسطينية وكأنها كانت ضدّكم وليست ضدّ كيان غاصب؟! وعبر سنوات طويلة وإعلامكم يغزو العقول ويبث الأفكار الطائفية ويسوّق للكيان الصهيوني ويساوي بين الضحية والجلاد…! حاولتم شيطنة المقاومة ومنعتم الدواء والغذاء عن الشعب الفلسطيني، لكن كلّ هذا ذهب مع الريح، فمع نشر خبر تنفيذ العملية خرج جمهور المقاومة ليقول لكم نعم نحن مع المقاومة حتى تحرير آخر شبر من أراضينا المحتلة ورفع علم التحرير فوق القدس عاصمة أبدية لفلسطين.
لهذا من حقكم أن تغضبوا ومن حقكم إدانة العملية ومن حق الكيان الصهيوني عليكم ان ترسلوا البرقيات السرية له لتعبّروا عن وقوفكم معه، وكلّ هذا يصبّ في إطار واحد وهو سقوطكم وهزيمتكم،
فكما هزمتم في العراق وسورية واليمن ولبنان ستهزمون في فلسطين المحتلة، لهذا نحن مصرّون على انّ هذا هو محور المقاومة ومصرّون على سؤالنا لكم من أنتم؟
انّ من يتابع العفوية والصدق على منصات التواصل الاجتماعي يعلم علم اليقين أنّ في هذه الأمة بقية باقية ترفض الذلّ والهوان ومؤمنة بالحق وحق العودة لا باستبدال الأرض بأرض أخرى، ولا ببيع الحقوق مقابل مشاريع ضخمة سيعود ريعها للكيان الغاصب والصهيونية العالمية لتبقى شعوب المنطقة تعيش على الفتات بل تحت خط الفقر.