المهمّ والأهمّ في اجتماع بعبدا…

خالد الداعوق

لم يعد ممكناً على الإطلاق أن يتحمّل لبنان المزيد من التسويف والتأجيل والمماطلة في وضع الحلول الاقتصادية والمالية على سكة التنفيذ، حتى ولو كانت انطلاقة هذه الحلول بطيئة بعض الشيء، لكن المهمّ أن تنطلق، لتفتح على الأقلّ كوّة ضوء صغيرة في دوامة الحلقة المفرغة التي ندور فيها حول أنفسنا فيما الأزمات تكبر والمشاكل تتفاقم لتصبح مستعصية على الحلول، بينما الناس على كلّ المستويات تئنّ وتتوجّع وتشكو البطالة وانعدام فرص العمل وانكماش الاقتصاد إلى درجات غير مسبوقة في تاريخ لبنان.

ما هو مؤكد أنّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون دعا إلى اجتماع بعبدا الاقتصادي المالي الاقتصادي يوم الاثنين الماضي لكي يضع الجميع أمام مسؤولياتهم، خاصة أنّ عدداً غير قليل من الحاضرين كانوا وما زالوا في مواقع المسؤولية بشكل مباشر أو غير مباشر، وبالتالي عليهم التعاون بجدية مطلقة مع مساعي الإنقاذ والإصلاح، وذلك عبر التخلي عن بعض المكتسبات التي راكموها في الفترات السابقة.

وقد أفادت المعلومات أنّ الاجتماع في القصر الجمهوري ناقش جملة آراء وطروحات بشأن الحلول المطلوبة، يتعلق جزء منها بفرض ضرائب جديدة أهمّها رفع الضريبة على البنزين بنسبة قد تصل إلى 5000 ليرة على الصفيحة الواحدة، وزيادة الضريبة على القيمة المضافة على بعض السلع الكمالية إلى 15 في المئة وغير ذلك من زيادات ضريبية أو حسومات من بعض متمّمات الرواتب لموظفي القطاع العام والمتقاعدين… . ويتعلق الجزء الآخر ببعض الأمور المطلوب إنجازها من قبل إدارات الدولة المعنية أهمّها تنفيذ خطة الكهرباء لتخفيض عجز المؤسسة الذي يتسبّب بنحو ثلث العجز في الموازنة العامة، إضافة إلى ما يمكن تحصيله من موارد إضافية للخزينة العامة من خلال وقف الهدر في الجمارك والتهرّب الضريبي ومداخيل المرافئ لا سيما مرفأ بيروت، وإعادة النظر بما يتمّ تحصيله من الأملاك البحرية… وغير ذلك من أبواب لا تزال تستنزف الخزينة العامة . أما عن الإنفاق الاستثماري الذي يحرّك الدورة الاقتصادية في البلد فالاتكال على أموال «سيدر» البالغة أكثر بقليل من 11 مليار دولار، والمخصّصة لتنفيذ مشاريع محدّدة أغلبها في البنى التحتية في معظم المناطق.

طبعاً مبادرة رئيس الجمهورية مشكورة ومقدّرة ولا بدّ منها، خاصة أنه المسؤول الأول في الدولة، والحريص على مقدّراتها وحسن سير العمل في إداراتها وتلبية تطلعات مواطنيها وأجيالها الصاعدة نحو غد أفضل ومستقبل زاهر ومشرق…

لكن المهمّ طبعاً هو التنفيذ، لأننا بغير ذلك نكون كمن يسير إلى الهاوية بعيون مفتوحة، وهذا ما لا يريده أحد على ما نعتقد، ولذلك يجب أن يتجنّد الجميع في ورشة الإنقاذ، كلّ في حقله ومجاله… على أنّ الأهمّ يبقى في تطبيق القوانين بل التشدّد في تطبيقها، بعيداً عن المحسوبيات والحمايات المذهبية والطائفية، وهي مقتل أيّ عملية إصلاح وإنقاذ.

وإذا كان الشيء بالشيء يُذكر فإنّ أحد أهمّ القوانين الإصلاحية التي لا تطبّق هو قانون وسيط الجمهورية الصادر عن المجلس النيابي في مطلع العام 2005، في عهد الرئيس العماد إميل لحود، والذي يتطلب تنفيذه إصدار مراسيمه التطبيقية من مجلس الوزراء، وهو قانون عصري وحديث ومعمول به في أكثر من 110 دول في العالم، ويسهم بشكل أساسي بمنع الظلم وجعل كلّ صاحب حق قادراً على بلوغ حقه، والعمل على تصحيح أداء إدارات الدولة ومؤسساتها العامة، بشكل يجعل هذه الإدارات والمؤسسات فعلاً في خدمة المواطن، وليس العكس…

أمين عام منبر الوحدة الوطنية

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى