«إسرائيل» بيتها من زجاج
حميدي العبدالله
درج قادة الكيان الصهيوني، لا سيما في معسكر اليمين، أن يطلقوا تهديدات ضدّ لبنان تشدّد على أنه إذا وقعت الحرب فإنّ ردّ تل أبيب سيعيد لبنان إلى العصر الحجري.
إذا كان من عودة للبنان إلى الوراء فإنّ الاجتياح الإسرائيلي للبنان واحتلاله لمدة 18 عاماً، وقبل ذلك اعتداءات العدو التي لم تنقطع، هي التي أوصلت لبنان إلى ما هو عليه الآن، ولم يعد ثمة بمقدور حرب أخرى تنشب أن تدفع لبنان أكثر إلى الوراء. ويمكن القول إنّ جزءاً من معاناة لبنان الاقتصادية، بل الجزء الأكبر كان بسبب الاحتلال الإسرائيلي للبنان لمدة 18 عاماً، حيث أدّى هذا الاحتلال إلى ارتفاع أسعار الدولار مقابل الليرة اللبنانية من 3 ليرات قبل اجتياح عام 1982 إلى 1500 ليرة بعد احتلاله.
في الواقع إذا ما نشبت حربٌ جديدة بين الكيان الصهيوني والمقاومة في لبنان, فإنّ من يعود إلى العصر الحجري بسبب هذه الحرب ليس لبنان، بل الكيان الصهيوني، وهذا الاستنتاج ليس فيه أيّ مبالغة على الإطلاق وذلك للأسباب التالية:
أولاً، حزب الله بات الآن يمتلك أسلحة تدمير صواريخ ذكية قادرة على إصابة كلّ الأهداف العسكرية أو الاقتصادية أو المنشآت الحيوية، وهذه الصواريخ قادرة على تدمير أيّ هدف تتقصّده تدميراً كاملاً، وهذه الأسلحة لم تكن متوفرة لحزب الله في حروبه السابقة مع العدو الصهيوني، بما في ذلك حرب عام 2006.
ثانياً، منشآت العدو الاقتصادية ومرافقه الحيوية، وحتى منشآته العسكرية، كلها بُنيت من دون تحصين، لأنّ حروب «إسرائيل» السابقة خيضت خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبالتالي فإنّ صواريخ المقاومة ذات القدرة التدميرية والإصابة الدقيقة قادرة هذه المرة على استهداف وتدمير كلّ هذه المرافق وإلحاق الأذى بها.
ثالثاً، نظراً لأنّ البنية الصناعية والاقتصادية والخدمية الإسرائيلية أكثر تطوّراً بكثير من بنية لبنان المماثلة، فإنّ استهداف هذه البنية، سيكون أذاه أكبر بكثير من أيّ أذى تلحقه الاعتداءات الإسرائيلية بلبنان في حال وقوع حرب كبرى بين الطرفين.
في ضوء هذا الواقع، إذا وقعت الحرب الكبرى بين المقاومة والعدو الصهيوني فإنّ من هو مرشح للعودة إلى العصر الحجري هو الكيان الصهيوني وليس لبنان. وبهذا المعنى فإنّ «إسرائيل» بيتها من زجاج على هذا الصعيد.