الأسد: القوى المنتجة في العالم ليست شريكة في صنع القرار رغم أنها الشريحة الأكبر
التقى الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد وفداً من المشاركين في «الملتقى النقابي العمالي الدولي الثالث للتضامن مع عمال وشعب سورية» المنعقد في دمشق.
ونوّه الرئيس الأسد بأهمية اللقاء مع النقابات والمنظمات العمالية الممثلة لشريحة العمال، مؤكداً أهمية هذه الشريحة في أيّ مجتمع كونها تعبّر عن الهوية الوطنية والقومية في أيّ بلد ولذلك فعندما تكون بخير فهذا يعني أنّ المجتمع بخير.
وتحدّث الرئيس الأسد عن الخلل الكبير في التوازن الموجود في العالم لأنّ القوى المنتجة وعلى الرغم من أنها هي الشريحة الأكبر إلا أنها ليست شريكة في صنع القرار أو حتى في الأرباح، وذلك كله بفعل القوى المالية الكبرى التي تريد أن تتحكم بالعالم لتحقيق مصالحها الخاصة على حساب شريحة العمال التي تعبّر عن المصالح الحقيقية للشعوب.
وأشار إلى الدور الكبير الذي لعبه عمال سورية عبر تاريخها والذي تكرّس بشكل جلي في الدفاع عن البلاد في مواجهة التنظيمات الإرهابية إنْ كان عبر مواصلتهم عملهم بالرغم من المخاطر أو في الذوْد عن أماكن عملهم وقراهم ومدنهم، مؤكداً أنّ الرؤية السورية تنطلق دائماً من أنّ دور العامل هو جزء مهمّ في المجتمع وهو أساسي للاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، وأنّ بناء الوطن ينطلق من مشاركة جميع الشرائح في المجتمع والعمال هم الشريحة الأوسع.
ثم أجاب الرئيس الأسد عن أسئلة ومداخلات الحضور الذين عبّروا عن ثقتهم بانتصار سورية على الإرهاب، وأشادوا بالنضال الذي خاضه الشعب السوري من أجل الحفاظ على وحدة بلده وحضارته، مؤكدين دعمهم ووقوفهم إلى جانب الشعب السوري في وجه العقوبات والحصار الجائر الذي تفرضه عليه الدول المعادية لسورية.
كما أعربوا عن ثقتهم بقدرة السوريين، وفي مقدّمتهم جماهير العمال على إعادة بناء بلدهم مجدّداً ليعود أفضل مما كان قبل الحرب.
… وبرقية إلى الرئيس الأسد
وكان المشاركون في الملتقى النقابي العمالي الدولي الثالث للتضامن مع عمال وشعب سورية وجهوا في ختام أعمال المؤتمر أمس برقية إلى الرئيس بشار الأسد جاء فيها:
«المشاركون في الملتقى النقابي العمالي الدولي الثالث للتضامن مع عمال وشعب سورية في مواجهة الحصار الاقتصادي والتدخلات الإمبريالية والإرهاب، الذي انعقد برعايتكم الكريمة يومي 8 و 9 أيلول الحالي.. يشرفهم أن يرفعوا لسيادتكم أصدق آيات التحية والتقدير والاحترام مؤكدين باسم الملايين من عمال الوطن العربي والعالم وأحراره اعتزازهم بقيادتكم الحكيمة والشجاعة وأنتم تقودون سورية على طريق الانتصار الشامل على قوى البغي والعدوان والإرهاب.
سيادة الرئيس…
إننا باسم الملايين من عمالنا ونقابيينا وشرفاء العالم وأحراره من مختلف أنحاء العالم، نجدّد دعمنا لسورية عمالاً وشعباً في حربها على الإرهاب ومواجهتها كلّ أشكال الاستهداف الإمبريالي الصهيوني، ونقدّر عالياً الصمود الأسطوري لسورية، الذي أصبح انموذجاً لكلّ حر شريف، ونقف إلى جانبكم بكلّ قوة وحزم، ونطالب برفع الحصارات والعقوبات الجائرة عنكم لما تشكله من انتهاك لشرعة الأمم المتحدة، ولما لها من تداعيات خطيرة على مختلف مناحي حياة المواطن السوري.
لقد تشرّفنا بلقاء سيادتكم واستمعنا للعرض الهامّ الذي قدّمتموه، والذي سيكون منهاج عملنا المستقبلي.. ونحن واثقون ثقة مطلقة بحتمية انتصار الأهداف والتوجهات التي تناضلون من أجلها، ولن ندّخر وسعاً في نقل انطباعاتنا إلى عمال وشعوب بلداننا بكلّ صدق ومسؤولية.
اختتام أعمال المؤتمر
وقد اختتم «الملتقى النقابي العمالي الدولي الثالث للتضامن مع عمال وشعب سورية في مواجهة الحصار الاقتصادي والتدخلات الإمبريالية والإرهاب» أعماله أمس بحضور الوفود المشاركة من أكثر من ٥٠ دولة عربية وغربية.
وتخللت الجلسة الختامية كلمات لأعضاء من الوفود المشاركة حول أهمية الملتقى الذي يُعقد للسنة الثالثة على التوالي، مؤكدين وقوف المنظمات النقابية العربية والعالمية إلى جانب عمال سورية وأبنائها في مواجهة العقوبات الجائرة والحصار الاقتصادي.
النتائج والتوصيات
وجدّد المشاركون في الملتقى «التأكيد على تضامن عمال وشعوب بلدانهم مع عمال وشعب سورية ودولته الوطنية ومواصلة دعم نضالهم الوطني ضدّ سياسات وانتهاكات القوى الامبريالية والصهيونية والرجعية والتدخل في الشؤون الداخلية للشعب السوري».
وأكد الملتقى «على ضرورة وأهمية توسيع التعاون بين جميع الدول دون استثناء من أجل مكافحة الإرهاب بشكل جدي بجميع أشكاله الاقتصادية والفكرية والثقافية وتجفيف مصادر تمويله ومنابعه المادية والأيديولوجية».
كما أكد «التضامن مع عمال وشعوب البلدان التي تواجه الإرهاب والحصارات الجائرة ويطالب منظمات المجتمع الدولي وفي مقدمتها منظمتا العمل العربية والدولية لتوسيع مساهماتهما في معالجة تداعيات وآثار الحصار والعقوبات الاقتصادية».
وأدان الملتقى «الاستغلال اللاإنساني لمشكلة اللاجئين والمهجرين السوريين، خاصة من قبل حكومات بعض البلدان مطالبين بملاحقة جميع الجهات التي تنتهك حقوق هؤلاء اللاجئين».
واستنكر المشاركون «محاولات الدول الداعمة للإرهاب عرقلة عودة اللاجئين السوريين».
كما أدان «تقصير المنظمات الدولية المعنية لعدم تقديمها الرعاية والاهتمام اللازمين لهم، والممارسات العدوانية التي تقوم بها ميليشيا »قسد» المدعومة من العدو الأميركي والصهيوني والتواطؤ مع نظام أردوغان الرجعي في إقامة ما يسمّى الحزام الأمني شمال سورية والذي يُعتبر انتهاكاً فاضحاً للسيادة السورية».
وطالب «بإغلاق جميع القواعد الأميركية والتركية في الأراضي السورية وسحب القوات الأجنبية غير الشرعية من سورية ووقف غارات طيران التحالف الأميركي العدواني على المناطق الآمنة داخل الأراضي السورية».
وحيا الملتقى انتصارات «الجيش السوري والقوى الحليفة والرديفة على العصابات الإرهابية المسلحة، ونضالات الطبقة العاملة العالمية ضدّ سياسات العولمة الرأسمالية المتوحشة التي تنتهك حقوق العمال ومصالح الدول والشعوب».
كما حيّا «قوى التحرّر والتقدّم والسلام في العالم التي أكدت تضامنها ووقوفها إلى جانب سورية وعلى رأسها اتحاد النقابات العالمي ومنظمة الوحدة النقابية الأفريقية أوزا والاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب وجميع المنظمات النقابية التقدمية في العالم ويدعو إلى مزيد من التعاون والتنسيق تجاه قضايا النضال المشترك».
وتوجه الملتقى «بأسمى وأصدق آيات التحية والتقدير» والاحترام لراعي الملتقى الرئيس بشار الأسد وللقيادة السياسية السورية «على كلّ ما تقدّمه سورية من دعم لقضايا التحرّر والعدل والسلام في العالم».
كما توجه بالتحية والتقدير والشكر لقيادة الاتحاد العام لنقابات العمال في سورية وإلى جميع العمال والنقابيين السوريين «الصامدين في أرضهم ومواقع عملهم رغم الأوضاع الكارثية التي خلفها الإرهاب ويحيّي جهودهم وتفانيهم في إعادة إعمار سورية والتغلب على آثار وانعكاسات العقوبات الاقتصادية الجائرة».
ودعا المؤتمر إلى «تشكيل لجنة متابعة تتولى متابعة تنفيذ توصيات وقرارات الملتقى وتوسيع دائرة أصدقاء سورية في المحافل الإقليمية والدولية».
وقرّر المشاركون إطلاق «الحملة النقابية العالمية لكسر الحصار الاقتصادي على عمال وشعب سورية بكلّ الوسائل النضالية المتاحة، وفضح وتعرية الدول المتدخلة بالعدوان، على أن يترك للمنظمات المشاركة القيام بالخطوات النضالية التي تحقق ذلك».
ويعلن المجتمعون «تضامنهم المطلق وتعاونهم في جميع المحافل النقابية الدولية لتحقيق ذلك».
وقرّر المشاركون في الملتقى توجيه رسالة تحية وتقدير واحترام إلى الرئيس بشار الأسد «عرفاناً بدوره البارز في تعزيز وحدة وصمود الشعب السوري وفي تحقيق الانتصارات الباهرة على العدوان والإرهاب».
فقيه: أهداف العدوان
على بلادنا لن تمرّ
وقد ألقى رئيس الاتحاد العمالي العام في لبنان بالإنابة حسن فقيه لبنان في الملتقى كلمة جاء فيها: «من لبنان، من جنوبه وشماله، من جبله وساحله، من الضاحية الجنوبية لبيروت، من كلّ عامل مصنع ومؤسسة ومتجر ومن كلّ مزارع وفلاح، من حقول التبغ ومواسم الزيتون، من كلّ عمال لبنان، أتوجه إليكم بأسمى التحيات وأصدقها سواء على تنظيمكم لهذا الملتقى الذي بات تقليداً نضالياً تضامنياً سنوياً أو لهذه المشاركة، بل التظاهرة، الأممية النقابية الكبرى التي تشهدها دمشق الصامدة قلب العروبة النابض كلّ عام في مثل هذه الأيام».
أضاف: «منذ شهر آذار 2011 شهدت سورية شعباً وقيادة وجيشاً وطنياً باسلاً هجوماً عدوانياً لم يسبق له مثيل في التاريخ المعاصر، تجسّد في حرب كونية شارك فيها بشكل أو بآخر أكثر من ثمانين دولة ومعها كلّ عصابات القتل والتدمير الهمجي من أمثال داعش وجبهة النصرة وسواهما من مسوخ ما قبل التاريخ. وإذا كان العدو الصهيوني قد شارك في هذه المؤامرة الكبرى لإسقاط سورية ودورها وقيادتها ودعمها لمحور المقاومة، ولا يزال يقوم بالاعتداءات والقصف والقتل فإنّ الامبريالية الأميركية والعديد من الدول الغربية لم تتأخر لا في فرض الحصار الاقتصادي القاسي على سورية وشعبها الصامد، ولا في تمويل وتجهيز منظمات الإرهاب العالمية عبر مخابراتها، وذلك من دون أن ننسى الدور المكشوف لعدد من البلدان العربية الرجعية ومشاركتها الفاعلة في هذا المجال.
لكن بعد هذه السنوات الثماني العجاف انتصرت سورية بجيشها العربي الأبيّ وبقيادته الحكيمة وبشعبها الصامد والصابر على كلّ أشكال الحصار والدمار. انتصرت سورية بفضل رؤية قيادتها البعيدة والآن انتهت أسطورة الدواعش وباتت جيوباً صغيرة محاصرة، وتتهافت العديد من الدول الغربية المعادية ومعها بعض الدول العربية المقاطعة لفتح سفارات وإجراء مباحثات للعودة الى سورية المنتصرة وبدأت وفود النازحين قسراً من ديارهم السورية بالعودة التدريجية الى بيوتهم وأرزاقهم بعد تحرير أكثر من 90 من تلك العصابات وداعميها».
وتابع فقيه: «لم يكن ذلك ليتمّ لولا دعم بعض الدول الشقيقة والصديقة والقوى الحليفة والشرفاء من كلّ أنحاء العالم وغيرها من قوى محور المقاومة.
وإذا كان إسقاط سورية وقيادتها ودورها هو الهدف المعلن فإنّ القضاء على إنهاء الحق الفلسطيني بالعودة الى وطنه وتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة على كامل التراب الفلسطيني، وعودة تخريب السلم الأهلي في لبنان ومحاولة تفتيت العراق وإغراق اليمن بدماء شعبه هي الأهداف الحقيقية للامبريالية العالمية والكيان الصهيوني لتحقيق شعار بناء «الشرق الأوسط الجديد».
ولفت فقيه إلى «أنّ جريمة الإدارة الأميركية بالاعتراف بالقدس كعاصمة للكيان الصهيوني ونقل سفارة الولايات المتحدة إليها والاعتراف بالدولة اليهودية «وإهداء» الجولان السوري إلى الكيان المغتصب، لن تمرّ طالما هناك عربي واحد من مشرق العالم العربي إلى مغربه يمارس رفضه بالبندقية والكلمة والموقف مهما طالت الأزمة ومهما كان الثمن».
وقال: «لقد كان الاحتلال الإسرائيلي واعتداءاته المتكرّرة على لبنان في ما مضى نزهة للجنود المعتدين. فكان الدرس القاسي بدءاً من مواجهة احتلاله عام 1982 لقسم واسع من لبنان وعاصمته بيروت وبمساعدة ودعم في كافة المجالات من الشقيقة سورية التي دفعت كوكبة من شهداء جيشها في تلك المواجهات، ثم صدّ عدواني 1993 و 1996 والتحرير شبه الكامل عام 2000 وكسر شوكة العدو وتدمير دبابات «الميركافا» فخر الصناعة العدوانية في وادي الحجير وبنت جبيل ومارون الراس… وغيرها من ساحات المواجهة.
وها نحن اليوم نتعرّض في ضاحية بيروت الجنوبية إلى عدوان نوعي، أيّ في عمق العاصمة، بطائرات مسيّرة هدفها الاغتيال والتدمير لكننا واجهنا شعباً ومقاومة ودولة وجيشاً ونقابات عمالية، كلٌ من موقعه هذا العدوان بموقف موحّد وبوعد أكيد بالردّ المؤلم ما جعل العدو يعيش على أعصابه، فلا هو قادر على شنّ حرب واسعة جراّء توازن الرعب وفتح الجحيم في المنطقة بأكملها ولا هو قادر على البقاء على استنفار قواته على أعصابها لمدّة طويلة».
وختم فقيه: «إننا أمام فجر جديد بدأت تبزغ خيوطه من خلال انتصار سورية على الإرهاب والتكفير وكذلك انتصار لبنان والعراق على تلك المجموعات الهمجية وسيعود الربيع الحقيقي يزهر في فلسطين من خلال أجيالها الجديدة التي تجاوزت اتفاق أوسلو المذلّ وحملت الحجر والبندقية والسلاح الأبيض ودهس المستوطنين وحملات العودة المستمرّة لأكثر من عام على حدود غزة فلسطين وستزهر في سورية والعراق واليمن والبحرين وفي كلّ الوطن العربي وسنكسر الحصار على سورية وشعبها بفضل صمود الجيش العربي السوري وهذا التضامن الأممي النقابي والشعبي.
ولكم من شعب لبنان وعماله كلّ التحيات والوعد باستمرار الكفاح المشترك حتى النصر».