بيننا وبينهم بونٌ شاسع!!

كتب أحدهم على مواقع التواصل الاجتماعي معبّراً عن وجعه بعدما أخذ زوجته المريضة إلى أحد مشافي البلد، موجهّاً رسالة إلى الجهات المختصّة شارحاً فيها سوء المعاملة والتشخيص الطبّي الرديء لحالة زوجته…

«أمرني الطبيب بنقل زوجتي إلى مشفى معين بناءً على طلبه، ولكونه أكثر خبرة منّي في خدمات المشافي، وأضاف أنّه يجب إجراء عملية تنظيرية للمريضة وذهبنا برفقته إلى المشفى المطلوب». ولكنّ المفاجأة كانت أنّ العملية التنظيرية البسيطة تحوّلت سلسلة من العمليات المتتالية والتي بدورها أرهقت المريضة وزادت نسبة الألم والمعاناة.

والنتيجة الآن أصيبت المريضة بوزمة في الرئة اليمنى ويجب إجراء عمل جراحي جديد، والأنسب نقلها إلى مشفىً خاص قام بتسميته لي، وهو هناك سيتولى العناية بها على أكمل وجه.

وعند سؤالي الطبيب لماذا حصل كلّ هذا مع زوجتي رغم أنّ البداية كانت بعملية تنظيرية بسيطة؟ أجاب والغضب يملأ تقاسيم وجهه: «يا أخي إذا مو عاجبك شغلنا، فيك تنقلها ع مشفى تاني، وأمر الممرضة الناعمة أن تترك المريضة وتذهب لتحضر له كوباً من القهوة متذرّعاً أنني وترته»..

في المشافي الأجنبية تشعر أنك بحضرة مكان مقدس، فلا تسمع سوى الموسيقى الهادئة وصدى الهمس المُحدق بالجهل والمخرِس للصخب! أجمل ما في العلاج في الخارج أنه مهما كانت جنسيتك، فإنك تعامل كإنسان بمنتهى الاهتمام، بينما تسعيرة العلاج في بلادنا تختلف باختلاف الجنسية والمعرفة وحيثيات الشخص وشهرته في الوسط المحيط!!

مشافي وطننا يمكن أن تذيع أي شيء عدا توافد زغاريد الممرضات الطامحات للبقشيش عند ميلاد نفس جديدة، تلك ظاهرة شائعة شيوع الذباب على الأسماك، وتضاهي نظيرتها النائحة المستأجرة!! أمّا والليل قد أرخى سدوله، فالأمر متروك لمزاجية المناوبين الذين يحبّون الاستماع إلى أغاني الزمن الجميل بصوت عالٍ إلّا ما رحم ربي!!

وأغلب الخدمات التي تحتاجها ستكون أنت من يقوم بها، فتستمر في الطواف كصفر حول محور لا قيمة له، تنفيذاً لتعليمات الأطباء لضمان حركة العضلات وعدم تجلّط الأحمر في العروق!!

بالتأكيد لكلّ قاعدة استثناء، فهناك مشافٍ يعمل كادرها الطبّي بمنتهى الروعة، يعمل كفريق تعاهد على إنقاذ حياة المرضى مهما كلّفهم ذلك من تعب ووقت. يمرّ الطبيب على مرضاه كلّ يوم ويتأكد من مدى التحسّن بعد العمل الجراحي، لكنهم قلة قليلة وما نرجوه أن يصبحوا كثراً، فأقسى ما يمكن أن تتعرّض له هو أن يأتيك الجرح من الطبيب..

صباح برجس العلي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى