وقفتا عز في محرَّم 2019!

رنا محمد صادق

عاشوراء هذا العام كانت بنكهة تاريخية خاصة، فضلاً عن قيمتها الفدائية النفسية والعقائدية بكونها أمثولة بطولة للمؤمنين بحقهم ويقفون مدافعين عنه حتى الرمق الأخير، خارج حسابات الأعداد والأرقام والأحجام والكميات والحلفاء والأدوات. فشرط الحق في الإنسانية ليكون حقاً ألا يعلن عن نفسه ساعة ويختفي، كما قال الزعيم سعاده.

فمنذ اليوم الأول من محرّم لذكرى عاشوراء السنوية التي افتتحها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بخطاب أكد انّ الردّ آتٍ، وما كان الأحد أول أيلول، الساعة الرابعة عصراً إلا ميقاتاً لأول ردّ على الغارة العدوانية التي ارتكبها عدو وجودنا في الجمهورية العربية السورية ثأراً لاستشهاد مقاومين. وعلّق بعد وقفة العز في «أفيفيم» المحتلة أنّ الردّ على المسيّرات العدوانية في الضاحية قريب. فكان ختامها في العاشر من محرم.

وكان التاسع من أيلول 2019 هو تاريخ استثنائي بحسب ما وصفه المغرّدون والناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام والمؤسسات. استثنائي بأيّ شكل؟ هل من الناحية العلمية الرقمية أم من الناحية الرمزيّة المعنوية أم لكونه تاريخاً لا يتكرّر؟

هذه التساؤلات وغيرها يمكن أن تكون للبعض غير مهمّة، وللبعض الآخر يوماً لطرح مناسبة، صنع ذكريات فيها، وتاريخ ميلاد مولود، أو تاريخ زواج أو حتى طلاق.

في 9 من أيلول، يوم استيقظ اللبنانيون على خبر إسقاط مجاهدي المقاومة مسيّرة إسرائيلية أثناء عبورها للحدود الفلسطينية اللبنانية باتجاه بلدة رامية الجنوبية، حيث تم إسقاط الطائرة المسيّرة في خراج البلدة، هذا الخير لم يمرّ تاريخه مرور الكرام لدى اللبنانيين، بل أطاح هذا الخبر صباح التاسع من أيلول أحاديث الناس ومقدمات نشرات الأخبار وعناوين الصحف وتغريدات مواقع التواصل الاجتماعي حيث أطلق هاشتاغ « صدق-وعده».

سجّل يا تاريخ! تاريخ 9 أيلول سجّل المسار الجديد الذي اتخذت فيه المقاومة اللبنانية قرار الردّ على كلّ إجراء عسكري «روتيني» للعدو يتخطّى الحدود اللبنانية الفلسطينية استطلاعياً كان أم تجسّسياً، وعليه صدق الوعد.

إلى ذلك، استغلّ بعض اللبنانيين يوم الاثنين، بإرسال رسائل ما بين الحبّ والكره، المدح والمواجهة، الصداقة وغيرها، كما كان يوماً للاعتراف، يوم إغلاق الحسابات وقلب الصفحة، أمّا البعض الآخر أيّ فئة غير المهتمّين برمزية التاريخ أو استثنائيته، كان بالنسبة إليهم «الاثنين» الروتيني المملّ..!

لهذا التاريخ خصوصية لدى بعض الشعوب والثقافات تختلف باختلاف المكان والزمان. فمنهم مَن يتفاءل به وهناك مَن يتشاءم منه، وتحديداً برقم 9، حيث يرمز التسعة في الحضارات القديمة إلى القداسة، وهو مضاعف الثلاثة رمز الخلق والخير، كذلك فإنّ الثمانية عشر، مضاعف التسعة عدد مقدّس أيضاً، ومن هنا كلّ عدد يضمّ الثلاثة والتسعة يعتبر مقدّساً في الحضارات الشرقية عموماً.

ونحن اللبنانيين، ننتظر أملاً من البعيد، أملاً بالبقاء، أملاً بالمستقبل، أملاً برقم قد يُفرح القلوب رغم معاناة الاستمرار، لكن لننس اليوم الألم، ونبقِ في ذاكرتنا أنّ 9 أيلول 2019 يوم فتحت المقاومة معادلة الردع الجويّ مع «إسرائيل».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى