أهداف خفية لعودة الفاخوري الى لبنان؟
محمد حميّة
بعد أيام على توقيف جزار معتقل الخيام، كما يصفه الأسرى المحررون، بدأت حقيقة وخفايا تهريبه الى لبنان عبر مطار بيروت تتظهر تدريجياً، وإن كان القضاء هو الفيصل في كشف ملابسات هذه القضية، إلا أن أغلب المؤشرات والتحقيقات الأولية التي أجريت معه في سجن المديرية العام للأمن العام، تؤكد أن عودته ليست عملاً فردياً، بل تقف خلفه جهات عدة وأمر عودته مرتبط بأهداف خفية سياسية وقضائية وأمنية!
فما هي هذه الأهداف؟
هل لعودة العميل عامر الفاخوري الى لبنان علاقة بقانون العفو عن العملاء؟
لا يمكن فصل هذا الحدث عن هدف بعض الجهات اعادة طرح ملف العملاء اللبنانيين المبعدين الى فلسطين المحتلة، لاسيما أن تياراً سياسياً أساسياً شكل رأس حربة لمعالجة هذا الموضوع منذ عقود، وقد لا يكون هذا التيار السياسي هو مَن تعمّد استدراج الفاخوري لدفع هذا الملف الى الواجهة، لكن ربما جهات سياسية وأمنية استغلت ذلك وأعطت الاشارة لكبار عملاء الاحتلال بالعودة وحددت التوقيت والظرف السياسي بعدما اطمأنت من تبييض ملفه القضائي والأمني.
وتجدر الاشارة الى أن مجلس النواب أقرّ عام 2011 مشروع قانون تقدّم به «تكتل التغيير والإصلاح» انذاك نصّ على معالجة أوضاع جميع اللبنانيين الذين لجأوا قسراً إلى «إسرائيل» خلال انسحابها من لبنان في عام 2000، وحدّد الأسباب الموجبة لهذا القانون على «أن هؤلاء المواطنين غير مسؤولين في الأصل عما أصابهم بسبب تخلي الدولة عنهم منذ بدء الأحداث اللبنانية وتركهم لمصيرهم الأسود تحت نيران الاحتلال الإسرائيلي». لكن هذا القانون بحسب وزير العدل الأسبق شكيب قرطباوي لم توضع له المراسيم التطبيقية ما يعني انه لم ينفذ.
فكان المطلوب افتعال حالة جدل سياسي وقضائي وإعلامي لفتح ملف العملاء في جيش لحد على مصراعيه ووضع قانون عودة المبعدين قيد التطبيق وتقديمه كقانون مقابل لقانون العفو العام المزمع صدوره عن رئيس الجمهورية ويشمل المطلوبين في في البقاع والموقوفين الإسلاميين. لا سيما أن قانون العفو العام يتضمّن ايضاً العفو عن 5 آلاف من عناصر جيش لحد.
فكان تهريب الفاخوري الى لبنان بمثابة جس نبض للأجهزة الأمنية والقضائية وفحص الحالة السياسية والشعبية، فإذا تم إدخاله ولم يلقَ أي معارضة فتكون فاتحة لإدخال غيره من العملاء وإن لاقى اعتراضاً، فيذهب ملفه الى القضاء لتسوية وضعه فيفتح بالتالي الباب أمام ملفات باقي العملاء واسعاً أمام التسويات، ولهذا السبب كان الاختبار بكبار العملاء أو «عميد العملاء»، لأن تسوية ملف عميل بحجم الفاخوري يُسهل تسوية ملفات غيره من العملاء من الأقل درجة ورتبة…
وما يعزز هذا الاعتقاد، تكليف الجهات المرتبطة بهذا الملف أحد ضباط الجيش برتبة عميد بمرافقة العميل الفاخوري الى الأمن العام. ومعلومات تكشف وجود جهات نافذة في الدولة تعمل على تنظيف ملفات ستين عميلاً، فهل سنشهد عشرات الفاخوري قريباً؟
أما دخول الفاخوري خلسة بالتزامن مع زيارة المسؤول الاميركي دافيد شينكر الى بيروت والهجمة الاميركية السياسية والمالية على لبنان وحزب الله، وامتلاك الفاخوري جواز سفر إسرائيلياً وإقامته في الولايات المتحدة، فيطرح أكثر من علامة استفهام؟ فهل للفاخوري مهمة أمنية خاصة كان ينوي تنفيذها في لبنان او التحضير لها بجمع معلومات عن أهداف مدنية او عسكرية للجيش او للمقاومة كاغتيال او تفجير مثلاً لكونه يملك خبرة أمنية كبيرة؟ أم كان مكلفاً بتنفيذ مهمة أمنية ذات أبعاد سياسية بمعاونة قوى سياسية لها تاريخ في التعامل والتواصل مع الاحتلال الاسرائيلي؟
هنا تشير مصادر أمنية وسياسية لـ البناء الى أن جهات تعمل بتعليمات أميركية على إعادة تأسيس وضعية أمنية استخبارية في لبنان وتحديداً في الجنوب لمواجهة حزب الله، ومتسائلة: هل نحن أمام خطة أميركية اسرائيلية جديدة لإعادة العملاء الى لبنان لخلق حالة أمنية ضد المقاومة بعد فشل الوسائل الاستخبارية الاسرائيلية الاخيرة في ضرب المنظومة الأمنية للمقاومة؟ وما علاقة هذه الخطة بتصعيد القوات اللبنانية بوجه حزب الله؟ واللافت في هذا السياق، دفاع القوات عن الفاخوري والعملاء اللحديين ومقارنة تعاملهم مع إسرائيل بتعاون وتحالف آخرين مع سورية!