جاري وأنا والانتخابات الإسرائيلية…؟

نصار إبراهيم

حوار جرى فعلاً وحقيقة وليس متخيّلاً

أمس عصراً، أردت أن أتناول حبة «الأسبرين» التي أتناولها يومياً لتكون بمثابة حاجز طيار في مواجهة مراوغات القلب وتقلباته، وجدت العلبة فارغة، فارتديت ملابسي وتوجهت نحو الصيدلية، كنت أسير مطرقاً كالعادة، فسمعت صوتاً ينادي: يا أستاذ! يا أستاذ! فالتفتّ فإذا به جارنا الشاب…

مرحبا كيفك؟

بخير الله يسعدك

بدي أسألك سؤال: من الذي سيفوز في الانتخابات الإسرائيلية اليوم؟

نظرت إليه… ثم ابتسمت وقلت: بصراحة لا أدري فأنا لم أتابعها ولم أنشغل بها كما إني لست مهتماً أيضاً..

معقول! كلّ مرة أسألك… وتجيب بما تيسّر… ليش غير مهتمّ… فما يجري هناك يؤثر علينا هنا.

صحيح معك حق…

طيب!

يعني برأيك لو فاز نتنياهو زعيم الليكود أو منافسه رئيس حزب أزرق أبيض بيني غانتس، أو ليبرمان… يعني راح تفرق عليك وعليّ وعلى الشعب الفلسطيني!

يعني ليس هناك فرق!

طبعاً هناك فرق.. لكنه فرق يتعلق بهم هم وليس بنا… بالنسبة لنا.. لا شيء… لا شيء!

معقول هالحكي!

ليش مش معقول… لنتذكر جميع رؤساء حكومات «إسرائيل» منذ عام 1948 وحتى اليوم… ولنتذكر أنه في كلّ انتخابات كانت منافسة حامية، رهانات وتقديرات وأمنيات وهلوسات، هذا أفضل وهذا أسوأ… وهذا طويل وهذا قصير.. وهذا وذاك… ثم يفتي أحدهم «درء المفاسد مقدم على جلب المغانم»… وأنا بغبائي السياسي والتاريخي لم أفهم ما المقصود بالمفاسد والمغانم في مثل حالتنا… أقصد كيف ستتحرّك معادلة المفاسد والمغانم يا ترى في ميدان العلاقة ما بين الاحتلال وشعبنا المحتلّ… شو يعني: تقية مثلاً…

المهمّ… قلت لجاري… تعال لنتذكر لو سمحت رؤساء حكومات إسرائيل منذ عام 1948 وحتى اليوم… يلّا.. عَدِّد معي:

ـ دافيد بن غوريون 1948 ـ 1954

ـ موشيه شاريت 1954 ـ 1955

ـ دافيد بن غوريون 1955 ـ 1963

ـ ليفي أشكول 1963 ـ 1969

ـ ييغال ألون شباط 1969 ـ آذار 1969

ـ غولدا مائير 1969 ـ 1974

ـ إسحاق رابين 1974 ـ 1977

ـ مناحم بيغن 1977 ـ 1983

ـ إسحاق شامير 1983 ـ 1984

ـ شمعون بيريز 1984 ـ 1986

ـ إسحاق شامير 1986 ـ 1992

ـ إسحاق رابين 1992 ـ 1995

ـ شمعون بيريز 1995 ـ 1996

ـ بنيامين نتنياهو 1996 ـ 1999

ـ إيهود باراك 1999 ـ 2001

ـ أرئيل شارون 2001 ـ 2006

ـ إيهود أولمرت 2006 ـ 2009

ـ بنيامين نتنياهو 2009 ـ حتى الآن…

والآن لنعود بالذاكرة لكلّ تاريخ هؤلاء… هل هناك أيّ واحد منهم لم يوقع بنا كفلسطينيين وعرب فجيعة ومجزرة وكارثة… أليست نتيجة حكم وسياسات هؤلاء على مدار سبعة عقود متواصلة مجسّدة تماماً بما نعيشه اليوم كشعب فلسطيني: رفض كامل لحقوقنا الوطنية، رفض حق العودة، وإعلان القدس عاصمة أبدية لـ «إسرائيل»، السطو على أكثر من 70 من أراضي الضفة الفلسطينية، رفض قيام دولة فلسطينية غربي نهر الأردن، ضمّ الأغوار والمستوطنات، حصار غزة وتدميرها، ستة آلاف معتقل كمعدل دائم في السجون والمعتقلات، عشرات بل مئات آلاف الشهداء، جدار الفصل العنصري، حواجز… تبعية اقتصادية… ثم يهودية الدولة… بعضهم تخصّص في اقتلاعنا، وبعضهم في ارتكاب المجازر، وبعضهم في اعتبار العربي أو الفلسطيني الجيّد هو الميت، وبعضهم في تكسير عظامنا، وبعضهم في الاستيطان، وبعضهم في تدمير بيوتنا، وبعضهم في الضحك علينا وركوبنا، و… و… و… و…

يعني…؟!

يعني هي ذات المفاضلة ما بين ضبع، وثعلب، وذئب وأفعى وعقرب… وصولاً إلى أم أربعة وأربعين والأرملة السوداء… درء المفاسد مقدم على جلب المغانم…

تأمّلني جاري الشاب ملياً وهو يبتسم.. فابتسمت بدوري… ومضيت في طريقي… نحو حبة «الأسبرين»… لدرء المفاسد بدلاً من جلب المغانم…

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى