«أنا الكتابُ بناء العقل»… يحادثُ تواريخ الإباء والمنطق
منال محمد يوسف
ما أجمل ذلك النداء، نداء الكتابُ والعقل معاً…
ذلك النداء الذي يسمو عزف نشيده إذ يمثلُ كلمة اقرأ هداية من رب الأكوان للعالمين وفصاحة الأيام وصحائف من ورقٍ تختصرُ عظمة الإلهام، وذاك الوقت الذي يُخاطب سِيَر ونهج العقلاء وحكمة التوارد المعرفيّ الذي يحُادث فنون الإلقاء. يحادثُ تواريخ الإباء ومنطق العقول وخير الأصحاب ويمتثلُ كصراط النّور إذ لا يعترف بي الجهلاء، وسِيَر الحاضرين إذ حضروا وسِيَر الغائبين إذ غابوا وعلامات الزمرّد والنون الموجودة بين قوسي الرقي والنون، وينشدُ نطق العقلاء إذ نطق قولهم.
أنا الباقي منذ الأزل «حكايتي» تشبه حكاية الدّرِ المكنون… ويا ذاك الألق المنثور اذ ينشدُ الرقي ّ حالاً يرتقُ الأحوال كأنّه سِيَر الأولين والنّور حاله بين دفتيّ كتابٍ منثور كصفحات عاطرة الفكر، نورها خيرُ جليس يؤنس الأنام، يؤنسُ مدارات العقل وفصاحة الإدراكِ، ويُضيءُ مدارات الإشراق، يُضيء وهجها ونبالة الإبراقِ، يُضيء توحدها مع منطق الإلهام، وسرّ الأسرار إذ علا ذكره، فكان الكتاب صورة مُشرقة تختصرُ وجه الأزمان، وكان صوت العقل إذ تسامى وقت النداء، فالكتاب لمن يترجم نوره تشعُّ منه لغات الأنوار اذ يختصر بينات الأمور وترجمان التبيان، يختصر معاني البيان إذ جاء ذكرها وباتت حاضرة التذكار، باتت كعنوان الألق إذ أختصر سرّ الكتابِ والعنوان، اذ أختصرُ كلّ فلسفات الإشراق وكان ديوان العقول والعقلاء وصوت المنطق إذ تمّ به الإمداد، ولغة تختصرُ حكمة الحكماء، كان علامة نور، ونهجٌ من الأنوار وسرّ يختصر لغة وموئل الفصاحة ونور بلاغتها والرّقي بحدّ ذاته، وعظمة الشيء المتفرّد وعزفه المُتميز.
العظمة الموجودة بين قابي التميّز فمن يقرأ صفحاتي، يستدير الجمال والألق من حوله ويتأصّل كمعانٍ يُشرق وميض حالها ويُختتم بمسكِ الإمضاءِ، خليل من يُنشد الرقي ويتعلّم فنون الإنشاد إذ يعلو شأن الكتاب ويشتعل بين سطوره نور الأحقاب ويتألق النّور من صوت الأسلاف وتجسّد المقروء. إذ تسامى ذكر الكتاب الوهّاج وتعالى بعظمة نهج يضم سرّ الألقاب.. ويحادث بنوره مسترسل نور العقل عبر الأزمان، فتكبرُ الحروف وعظمتها شيء من بوراق الفنّ الملهم والإيهاب، تكبرُ المعاني في لحن المعنى والإمعانِ، تكبرُ حتى ليأتي على ذكر الكتاب، على ذكر فحواه ومحتواه، وذاكرته، ذاكرة الألق وصوتها الذي يقول:
«أنا الكتابُ مجدي القلم وعنواني الكلمة الطيبة ومجلّد يضمّ جماليّات الفكر وبحر الثقافة اللامتناهي وصفحات الزمن إن خُلَّد ذكره وشأن عظمته التي قيلت وسوف تقالُ وتتسامى صبوة الثقافة إن تصابى نهجها القويم. أنا التقويم لزمن النهج المعرفيّ وذاك الوقت المزدان أدباً… فهل عرفتموني؟ أنا الكتابُ، ذاك مداد الألق الممتدُ الذي لا ينتهي والمرسَل منذُ أقدم الأقدمين، لغتي تختصرُ كلّ لغات الارتقاء وحكايتي يمتدُ أصلها وفرعها من الألف إلى الياء، أنا رواية الألق وفصول مجدها الممتد منذُ الأزلّ وإلى الأبد».
أنا الكتاب… وبناء العقل.