المولوي في عين الحلوة بضيافة هيثم الشعبي

يوسف المصري

لم يكتمل عقد اجتماع وفد القوى الفلسطينية من مخيم عين الحلوة مع نائب مدير المخابرات العميد عبد الكريم يونس الذي عقد يوم السبت الماضي والسبب هي ظروف مستجدة أنتجت بعض التحفظات التي أدت إلى تغيب فصائل فلسطينية وازنة معنية بهذا الاجتماع. ولكن سياق الحوار بين الدولة اللبنانية عبر الجيش وفصائل عين الحلوة الفلسطينية، لا يزال مستمراً لمعالجة نتوءات موجودة بالمخيم تهدد في حال تفاقمها أمنه وآمن جواره اللبناني في آن.

ولم يعد خافياً أن الدولة اللبنانية تطالب القوى الفلسطينية في المخيم، بتسليم رموز إرهابية تكفيرية مقيمة بداخله أو أقله في منطقتي التعمير والطوارئ. وكانت برزت هذه المطالبة بعد هروب الشيخ أحمد الأسير إلى عين الحلوة إثر سقوط مربعه الأمني في منطقة عبرا بيد الجيش اللبناني. ثم تكثف هذا المطلب اثر اتضاح أن شادي المولوي أحد الزعماء التكفيريين في منطقة باب التبانة في صيدا هرب من طرابلس بعد إحكام الجيش سيطرته عليها، إلى مخيم عين الحلوة.

وحتى الآن لم تتضح الطريقة التي هرب فيها المولوي من عاصمة الشمال إلى عين الحلوة قرب صيدا. ولكن المعلومات بخصوص هذه الجزئية تؤكد معلومتين اثنتين، الأولى أن شادي المولوي موجود في منطقة التعمير في مخيم عين الحلوة. والثانية أن جماعة هيثم الشعبي هي الجهة التي تقدم له الضيافة والحماية.

البداوي رفض استقبال المولوي

وتكشف هذه المعلومات أن المولوي بعد إصابته بقدمه أثناء حرب طرابلس الأخيرة، حاول الالتجاء إلى مخيم البداوي للاجئين الفلسطينيين، لكن قوى المخيم وهيئاته المدنية المختلفة رفضت استقباله، وعليه فان فترة مكوثه في البداوي لم تدم سوى نحو تسع ساعات ليضطر بعدها للخروج منه، ويتم تدبير أمر تهريبه لاحقاً إلى عين الحلوة.

مصدر فلسطيني كشف للبناء أن المولوي يوجد عملياً في منطقة لا تعتبر قانونياً جزءاً من المخيم، بل هي ملحقة به نتيجة ظروف موضوعية تتمثل بامتداد المخيم ديموغرافياً نحو عشوائيات مجاورة له يقطنها الآن لاجئون فلسطينيون وفقراء لبنانيون. وفي هذه المنطقة المسماة حيي الطوارئ والتعمير يقيم الآن المولوي بضيافة هيثم الشعبي الموالي لفكر القاعدة.

وأضاف المصدر إن الفصائل والقوى الفلسطينية والإسلامية ردت على طلب الدولة اللبنانية تسليمها المولوي بأنه غير موجود لديها، أي أنها لا تملك إمكانية إلقاء القبض عليه لأنه في عهدة قوى الأمر الواقع الإرهابية الموجودة في منطقة التعمير والطوارئ المعتبرة امتداداً للمخيم من الناحية الموضوعية وليس من الناحية العقارية أو القانونية إن جاز التعبير.

تسليم المولوي أو توقيفه

وفي الواقع فإن الدولة اللبنانية تعلم التعقيدات المتصلة بقيام القوى الفلسطينية الإسلامية والوطنية بمبادرة لإلقاء القبض على المولوي، ولكنها في الوقت عينه تعلم بوجود نوع من الغطاء غير المباشر المقدم من قوى موجودة في المخيم لإرهابيي التعمير والطوارئ. وكانت الدولة قدمت نوعين من الحلول لهذا الوضع للجهات الفلسطينية المعنية، وهو إما قيامها بتسليم الإرهابيين المطلوبين الذين يشكلون خطراً على أمن المخيم والأمن اللبناني في آن وعلى رأسهم المولوي، أو أن تتم المبادرة إلى توقيفهم داخل المخيم.

حتى الآن لم يصل حوار الدولة اللبنانية مع الفصائل الفلسطينية في عين الحلوة إلى أية حلول حول كيفية التعاطي مع وجود الأسير والمولوي وإرهابيين آخرين في المخيم، على رغم أن الجانب الفلسطيني يصر على التأكيد بأن عين الحلوة لن يكون ساحة للإضرار بأمن لبنان. ولكن كيف تتم ترجمة هذا القرار؟ هذا السؤال هو الذي يتم تدارس إجابة عنه ضمن حوار جار منذ فترة داخل أطر مختلفة منها لجنة التشاور وهيئة الحوار الفلسطيني داخل المخيم وأيضاً بين القوى الفلسطينية والجيش اللبناني.

الاستنجاد بأبي محجن

وبحسب المصدر الفلسطيني الذي سبق الإشارة إليه، فإن مشكلة تنامي جماعات الإرهاب في عين الحلوة، هي محل عناية القوى الفلسطينية داخله، لأن هذا الأمر هو خطر باتجاهين، الأول ضد الأمن اللبناني والثاني ضد أمن المخيم ذاته.

وكشف المصدر أنه لفترة غير قليلة تم نقاش حل لإمكانية أن تصل موجة التكفير الإسلامية التي تعم المنطقة إلى داخل عين الحلوة، ولذا تم التفكير باحتوائها من خلال فكرة إعادة تظهير دور» أبو محجن» أمير عصبة الأنصار إلى واجهة العمل الإسلامي في المخيم، ما يكبح محاولة التكفيريين تنصيب أنفسهم كزعامة للساحة الإسلامية في عين الحلوة التي تعاني حالياً من فراغ على مستوى زعيم له البعد الكاريزمي فيها. لكن هذه الفكرة طويت لمصلحة بناء وحدة صف فلسطينية وطنية وإسلامية بوجه دخول التكفيريين إلى المخيم.

ويرى المصدر عينه أن دخول المولوي إلى المخيم بعد فرار الأسير إليه، هو بلا شك علامة خطر يستشعر بها المخيم، ولكن يجب التنبه إلى فكرة أن عين الحلوة لن يكون ملاذاً للتكفيريين، بل ربما يكون هناك فكرة لتحويله إلى مستوعب يتم إرسال الرموز الإرهابية التي لم يعد لها دور على الساحة اللبنانية، إليه !! .

وبمقابل هذا الميل لدى قوى المخيم الفلسطينية للتقليل من خطورة تحوله لملاذ لعدد من رموز الإرهاب التكفيري، فان مصادر رسمية خارجية استخبارية لا تنفك تحذر بيروت من إمكانية أن يشهد لبنان موجة إرهاب جديدة يكون مصدرها عين الحلوة. وبالتزامن مع ذلك عادت التحذيرات الاستخبارية للبروز على مستوى خطر أن يكون الصف الثاني من إرهابي الشمال وبضمنها مدينة طرابلس، قد أعاد ترتيب صفوف بنية الإرهاب هناك، بعد ضرب الصف الأول من هيكليتها نتيجة الضربة الاستباقية التي قام بها الجيش اللبناني خلال الشهر الماضي.

ويتم في هذه الأونة بخصوص تحصين الوضع في طرابلس تدارس فكرة توصي بان تقوم وزارة الداخلية بنشر المخافر في كل أحياء طرابلس لتستقيم العلاقة من جديد فيها بين الدولة والمواطن، بحيث أن الأخير يقصد هذه المخافر لحل مشاكله الأمنية بعد أن اعتاد على أن يقصد قادة المحاور لتحقيق هذا الغرض. وتضمن هذه الخطة تخفيف وجود الجيش اللبناني في شكل تدريجي من داخل أحياء طرابلس.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى