لوحاته تعبير عن الهموم الإنسانية وقضاياها والهواجس… وضمّ أعماله إلى مقتنيات وزارة الثقافة التشكيليّة
ملامح الجبل المتراخي فوق التلال الإهدنية بشقّ الضوء على ملمح غيم يلوّن المساحة بين الأخضر والبنفسجيّ والبرتقاليّ القاتم حيناً والمتسامح أحياناً تستقبلك قبل الوصول للقاعة الكبرى مقابل مبنى البلدية .كأن المشهد مقطع من لوحة للرسّام التشكيلي العالمي سايد يمّين الذي استعادته بلدته وهو لم يغادرها حتى بعد الرحيل .
الاحتفال الذي كاد أن يكونَ رسمياً بحضور وزير الثقافة الدكتور محمد داوود داوود، ووزير الأشغال العامة والنقل المحامي يوسف فنيانوس ونواب وفاعليات المنطقة كان عائلياً حميماً بالكلمات التي توالت من ابنة الراحل إلى أصدقاء الطفولة والشباب وحتى الاغتراب، فمنهم من حضر خصيصاً للمشاركة بكلمة وداع لرسّام حمل روح إهدن أينما حلّ وعاد إليها عبيراً تستنشق فنّ معروضات توزّعت في قاعة المبنى بعد انتهاء الاحتفال.
داوود
خلال الحفل كانت لوزير الثقافة محمد داوود داوود كلمة قال فيها: تكريم فنان راحل، هو احتفال بحضوره الدائم عبر أعماله اللونيّة. سايد يمين مسار طويل، تلويناً وتشكيلاً وتدريساً. من زغرتا – إهدن إلى التعليم، إلى سويسرا استقراراً، ومعارض في غير مدينة أوروبية وعربية وفي لبنان. تدرج في مراحل تشكيليّة ضمن خطّه التجريدي. قرأنا عن آخر الأعمال، وانخراطه في استعمال الصورة كمحور يستنبط من خلاله معاني وإيحاءات لإخراج جمودية اللحظة إلى مناخ تفاعلي بينها وبين الرائي. بمعنى ربط أحداث الواقع بالسياقات الفنية. لم يكن الفعل التشكيلي عند مكرمنا ترفاً فنّياً فقط، فقد تعداه للتعبير عن الهموم الإنسانية وقضاياها والهواجس.
وتابع: التقينا تحلقاً حول وجه سايد يمين وأعماله الرائعة التي تركها لنا ولأجيال بعدنا، فإننا نستعيد عبر هذه المناسبة – وإن حزينة – مساراً جميلاً مُفرحاً – ثرياً من عطاء رجالات من أبناء أرض زغرتا – إهدن، في مجالات الأدب والتاريخ والفنون والوطنيات، أغنوا حياتنا الثقافية والفكرية في لبنان والخارج. ولا يغيبُ عن ذاكرتنا، حضور الفنان الزغرتاوي – الإهدني صليبا الدويهي، الذي انطلقت ألوانُه من تعبيرات انطباعياته وتأثّره بجماليّات بيوت القرميد والساحات والوجوه، إلى رحاب التجريد اللوني اللامحدود، في صالات ومتاحف الولايات المتحدة. صليبا الدويهي، وضع لبنان على الخريطة العالمية في الفنّ التشكيلي المعاصر وهي مأثرة لبنانية بها تعتزّ ونفاخر. ونحن في وزارة الثقافة بصدد إجراء اللازم لضمّ المتيسّر من أعماله، إلى مقتنيات وزارة الثقافة التشكيليّة.
فرنجية
وكان لرئيس بلدية زغرتا إهدن أنطونيو فرنجية بالمشاركين قال فيها: يجمعنا اليوم تكريم مبدع من منطقتنا. سايد يمين، ريشة من ريشات منطقتنا التي أبدعت بالرسم التشكيليّ وحملت موهبتها من لبنان إلى إيطاليا، سويسرا، فرنسا، ألمانيا وتونس. نجتمع لنكرّم الذي غادرنا من فترة قصيرة بل نجتمع لنثمن موهبته وإبداعه، لنتذكّره ونذكر بأن منطقتنا تزخر بطاقات وإبداعات بمختلف المجالات في لبنان وفي الاغتراب. سايد يمين الذي حفظ بلوحاته إهدن بألوانها وطبيعتها، الذي تغرّب وأبدع بقيت إهدن حاضرة بفنّه وبوجدانه، ولذلك نظّم عشرات المعارض فيها. كثر هم من يغادرون إهدن ولكن مستحيل أن تغادرهم هذه المنطقة. هذه المنطقة التي تودّع حتى زوارها بوعد «إهدن أنا راجع!». ونشهد اليوم تكريماً واحتفاء بفنان إهدني وموعداً ثقافياً، ومعرضاً لمجموعة من لوحاته هي فرصة إضافية ليحضر سايد من خلال أعماله بيننا.»
يمين
استعادت ابنة المكرّم ايلودي عالم والدها داخل محترفه بكلّ تفاصيله التي تشي بسعة خيال الفنان ورهافة إحساسه، وأفصحت عن آخر لوحة له لم تكتمل يعود بها إلى طفولته والذكريات ليتلاقى «مع جذوره التي تجسّدها إهدن بلدته المقيمة في وجدانه حيث العودة إليها طالما كانت العودة إلى الجوهر منبع الألوان والأضواء.
ضاهر
ورأى نقيب الفنانين التشكيليّين اللبنانيين الدكتور نزار ضاهر في كلمته أن سايد يمين ابن هذه الأرض، المشبّعة بالحنين والجمال والكائنات الحيّة، في استراحته التي طالت في السكينة السويسرية، لم يخن ذاكرته ولا ابتعد عن طفولته، ولم يتجرّد من دماثته التي لم تتناقض ولوحته، كما وصفه أحد الفنانين من أصدقائه: «سايد أكثر فنان يشبه لوحته، فبلوحته يعيد بناء عالم يليق به».
دحدح
كما كانت مداخلة لرئيس اللجنة الثقافية في بلدية زغرتا إهدن الدكتور جورج دحدح بالفرنسية: سايد الإنسان الرائع بكلّ المقاييس، متواضع ودمث، إلى جانب ذلك هو فنان استثنائي، صاحب فرادة بعطاءاته الفنّية عكست الجمال المنقذ بأبعاده كافّة.
ثم سلّم الوزير داوود درع الفنان المميّز سايد يمين التقديرية لعطائه الفنّي والإبداعي لزوجته جان مع ابنتيه ايلودي واوريليا.
وافتتح الوزير داوود مع الحاضرين المعرض – التحية للفنان التشكيليّ سايد يمين في أقبية الكبرى، وضمّ حوالي خمسين لوحة جميعها من بيوت أصدقائه ومحبّي فنّه في إهدن، استمر المعرض يومي السبت والأحد.