إضاءة
منال محمد يوسف
إن الأدب ومعرفة مداراته وفنونه الجميلة ودانيات قطوفه، دانيات المعرفة الساكنة على شطّه، في فضاء أفقه الواسع، تلك المعرفة التي تُضيء مدارات تستوطن بالأصل فوق جماليّات الثقافة الحقة.
تستوطن فوق جماليات كل حرفٍ نكتب أو نقرأ، وفي مدار كل جملة تُكتب وفق عجائبية الجمال الأدبي ووفق تجلّيات اسمه التوصيفي وأفعاله الموصوفة بشكل أو بآخر، والتي تأتي على قدرٍ هامٍ من التماثل الأدبي الذي لا يمكن الحياد عنه في حالٍ من الأحوال. فهو يمثّل أفقية الزمانيّة والمكانيّة في الأدب.. وهذا نلاحظ أن الأدب هو الذي يختصر كل لغات الجمال الحقيقي، الجمال المأمول وجوده أينما وُجدَ الأدب وأينما وجدَ محاره الأجمل…
متى كُتبَ فنّه الأبدي البقاء والتميّز الحالم الذي يشمل كل أطيافه وجدولة ما نبتغي جدولته فنياً وأدبياً، أي جدولة الأدب بكل محاره، ومجالاته الواعية الارتجاء، بكل تفصيلاته الوجودية، ومفصلات النهج الأدبي الذي يُساق له هذا المدار أو ذاك. هذا المدار الأدبي الذي تتعدّد عناوينه وتتعدّد مسوّغاته ودلائل معرفته، تساعد في تشكيل فعل أدبي مُستقل ومستفعل قصيدته، قصيدة الأدب بشكل عام، وعنونتها بتشكيلة الواقع، تشكيلة جوهر الشيء الواقعي المكتوب بلغة الأدب، بلغة الاستعطاف على ما نكتبه، وما يتجسّد في أدبنا.
هذا الأدب الذي نتمنى أن يستقرأ من لغات الصيرورة الدائمة، ما يجعله حاضراً في أبهى الحضور، نتمنى أن لا يعرف ورده الذبول، وبالتالي أن تبقى مداراته، كمن أُلقيت على شطّ بحره شعلة الإبداع وأقسم أن يسأل كلّ ذات إنسانية قائلاً لها: هل من مزيد؟ هل من عظمة تُضاف إلى ماضي الأدب التليد، تُضافُ إليه بفعل الاجتهاد بفعل انبعاث جمرات الإبداع المُتجددة حقاً.
والعمل الدائم المستديم على تزكيتها بشكل دائم، تزكيها في أديم الوقت الإبداعي، أديم الذوات المبدعة حقاً، في أديم الأدب وما تعنيه هذه الكلمة من معنى، وما تختص به من قيمة جيدة الاحتواء الأدبيّ، جيدة الِسفر التاريخي الأدبي لهذا المجال الأدبي أو ذاك.
كل هذا وذاك يجعلنا نقرأ عناوين خاصة بتلك المدارات، تلك العناوين تحضُ اتساع الرؤى الثقافية وبالتالي تشكيل بعضٍ من متمّمات أو وقعها ومتمّمات فرص نجاحها أو اتساعها بالمعنى الدقيق للكلمة… هذا المعنى الذي يجب أن يُشكل المعنى الدائري أو المداري لكل ما نستطيع التواجد في أفلاكه أو مداراته، وما تشكّله وما تنزع إليه في مجالات عديدة ومتعددة الأوجه، وفي تشكيلته الجادة كالرؤية الثقافية المنبثقة من عين صائبة اليقين الأدبي.
إن هذا يسترحب بكل أفقية المدارات الأدبية ويجعلها تجدد شيئاً من فنونها ومن بنيانها الفكري والثقافي، هذا البنيان المعرفي الذي يُجدد توكيد خبرها المعرفي، واتجاهاته الثقافية الجادة فعلياً والتي تستلزم الاشارة إلى حروف توكيدها ثقافياً ومعرفياً. ويؤكّد على إبراز تلك المسوّغات والتمدّد بالتالي ضمن انحناءات تابعة له، من حيث الشكل والمضمون ودائرية وأفقية المدار الثقافي الذي يتبع التابع والمتبوع المعرفيّ والجماليّ في آنٍ معاً، مما يرأب الصدع الحاصل هنا وهناك، بين كلّ مطّب ثقافي تجب الإشارة، إلى بعض حروفه وحركاته وتحرّكاته التي تعيق تمدّد تلك الأفق والمدارات وهذا ما لا نحبّذه ولا نحبذ وجوده، وإن ما نحبذه بالفعل هو اتساع شمولية الثقافة حتى ليشمل ذلك الاتساع مدارات الأدب كافة.