«بيلنغسلي» مكلف بالمهمة الأدق في المنطقة

روزانا رمّال

وصل مساعد وزير الخزانة لشؤون مكافحة تمويل الإرهاب وتبييض الأموال، مارشال بلينغسلي، الى بيروت بجدول أعمال رسمي يتضمن لقاءات بكل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري وشخصيات وزارية واقتصادية ومصرفية.. الزيارة أتت في أجواء محلية مريبة تبث خيارات أحلاها مرّ تتقدم نحو لبنان مشحونة بوضع مالي صعب وأسئلة حول مصير توفر الدولار ومصير مؤتمرات وهبات تتقدّم نحو لبنان ببطء مثل سيدر وشروطه التي تخضع لتدقيق دولي واضح.

بما أن مساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون مكافحة الارهاب وتبييض الأموال مارشال بلينغسلي موجود في لبنان، فهذا يعني ان المهمة الاساس ترتبط بحزب الله، على أن الحزب ضمن المنظمات المصنفة ارهاباً من الدرجة الرفيعة حسب التصنيف الأميركي. وعلى ان الزيارة التي سبقها المعلومات المسربة تحدّثت ليلة امس عن «خلوة مع عدد من الإعلاميين أن وزارة الخزانة الاميركية مستعدة لدفع عشرة ملايين دولار لكل جهة ممكن ان تساهم في إعطاء معلومات مالية عن حزب الله».

هذا التسريب هو الأخطر على الإطلاق لأنه يعني أمراً أساسياً وهو انتهاك السرية المصرفية عن أي من رجال الأعمال «الشيعة» او المؤيدين لحزب الله ومعرفة تفاصيل بنكية أو مصرفية عبر مكافأة من هذا النوع لاستدراج موظفين ومعلومات عما يملكون في المصارف في لبنان وربما الخارج. الأمر الذي لا يمكن حصره. وبهذا الاطار وعلى الرغم من ان الامين العام لحزب الله غالباً ما يكرر التذكير عدم لجوء أفراد حزبه الى التعامل مع مصارف لبنانية وأنهم بالموضوع المالي لهم طرقهم و»نوافذهم» الخاصة، فإن هذا لا يبدو ان واشنطن تجاهلته الا انها تدرك أنه صحيح عملاً بنمطية تعاطي حزب الله. ما يؤكد أن المطلوب هو نوع من الملاحقة والتجسس على مَن يؤيدون الحزب وبالتحديد من يمولون اي مصلحة من مصالح حزب الله أو مؤسساته وهم غالباً من المؤيدين، وذلك من اجل التركيع الاقتصادي في هذه البيئة.

العقوبات التي فرضت على جمال ترست بنك ما هي الا مقدمة تحذيرية لما يمكن ان تتطور اليه الأمور. وهي بأي حال من الاحوال دليل جدية المرحلة الجديدة التي بدأتها واشنطن في معرض حربها مع الحزب، لكن هذه المرة من بوابة بيئته ليس الشعبية انما بيئة «التمويل» القادرة على بث نوع من الزخم والصمود المالي وضخ سيولة قادرة على اعادة توازن لدى أي أزمة يتعرّض لها حزب الله من حرب او اي اعتداء كما جرى عام 2006، حيث كان هناك جزء لا يتجزأ من مساعدات رجال اعمال لبنانيين بينهم مغتربون.

تتحدث مصادر متابعة للزيارة لـ«البناء» عن اهتمام منقطع النظير لبلينغسلي بملفه. وهو يعتبره الملف «الأدق» بين يديه من ضمن المهمة التي اوكلت اليه في المنطقة نظراً لارتباطها بحزب الله وكيفية مواجهته كأحد أقوى حلفاء ايران في المنطقة، علماً ان هذه الزيارة بطبيعة الحال ليست الأولى وقد سبقتها تصريحات ومتابعات له من واشنطن حيال الملف نفسه كانت تلقي أثرها على الشارع اللبناني بشكل ملحوظ، وهو أتى لاستكمال ومتابعة نتائج العقوبات التي فرضت على جمال ترست بنك وإجراء «تقييم» واضح لها وارسالها لبلاده للمناقشة ولقاء بعض المسؤولين اللبنانيين لتبنى على اساسه الخطوة الثانية، على الرغم من ان بلينغسلي اكد انه «لم يأت هذه المرة بلائحة عقوبات أميركية ولا نية لإدراج مصارف لبنانية جديدة على هذه اللائحة».

من جهة اخرى تتحدث مصادر في 14 آذار «سابقاً» وهي قريبة من الأجواء الاميركية وتتابع الملف عن قرب مع مجموعة من مناهضي سياسة حزب الله عن تأكيدات بأن «هناك عقوبات اميركية مقبلة على حلفاء حزب الله. وهذا قد لا يستثني التيار الوطني الحر».

واذا صحت هذه التقديرات فان هذا ربما يؤكد ان جهات لبنانية تحثّ المجتمع الدولي وتحديداً واشنطن على اتخاذ هذا النوع من الخيارات الدراماتيكية القادرة على قلب المشهد بالكامل. المسؤول الأميركي من دون شك نجح برسم مساحة من الترقب لكل تصريح أو موقف او زيارة يتقدم بها نحو لبنان بسبب الوضع الاقتصادي الصعب والمنهك وفي لحظة نزف مالي كهذه يصبح اي نوع من العقوبات مقتلاً في الوضع الحالي. من هنا دعا امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في أحد خطاباته الحكومة اللبنانية الى تحمل مسؤوليتها والاعتراض دولياً، معتبراً ان ما جرى مع جمال تريت بنك أمر خطير جداً.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى