رواية «إذا سورية سألت» للميس بلال تربط الأسطورة بالأزمة
ثناء عليان
«إذا سورية سألت» عنوان رواية للميس بلال، صدرت لدى «دار بعل» في دمشق عام 2013، وتدور حوادثها بحسب الكاتبة بين ملحمتين، الأولى مستقاة من بعض الأساطير، والملحمة الثانية تدور رحاها في معارك ضروس ضمن سورية الآن، فتبدأ من «سيد الحواس» مروراً بـ»سيد القيم والحكمة»، لتختزل العطاء والحب في «ليليث» سيدة الحب والإنجاب والعطاء والإنسانية. هذه الرواية كانت في ميزان النقد ضمن ندوة أقامها ملتقى بانياس الأدبي، في المركز الثقافي في بانياس، بمشاركة ثلة من المثقفين والنقاد.
بدءاً، تساءل الشاعر علي سعادة عن هوية الرواية التي أجابته على لسان طلاسم إيليا أبو ماضي جئت لا أعلم من أين وماذا تريد الروائية أن تقول؟ واعتبر النص متعِباً ومرهِقاً، نص أراد أن يقول كل شيء دفعة واحدة، فلم يفلح في قول شيء محدد. أضاف: «إن الغناء مفيد لتأمين فاصل ذهني والانتقال من دون صدمة بين الأفكار المتناقضة. إن الرواية هي مشاريع روايات»! مسجلاً إعجابه بشخصية «ليليث» التي أنقذت في رأيه ما يمكن إنقاذه من سفينة الرواية الغارقة في تفاصيل الواقع المتلاطم الأمواج! وبقدرة الروائية على اختيار أسماء شخوص روايتها ذات الدلالات الأسطورية والدينية.
أما القاص جعفر نيوف فيشير «إلى أن الكاتبة حاولت استخدام الأسطورة في روايتها لتفسير تجربة الإنسان وتعميق معنى العمل وإعطائه أصداء من المغزى، فاهتمت بالشعور الداخلي والباطني للإنسان، كما حاولت الربط بين زمنين لملحمتين فسقطت الشخوص الأسطورية كلها، ويرى نيوف أن تصريح الكاتبة بآرائها وتوضيح مواقفها بشكل مباشر، ووضوح خطها السياسي أوقعها في مطب التصريحات والعلنية واغتصاب مهمة الاستنتاج».
واعتبر رزق الله ابراهيم «أن الكاتبة استخدمت الجري السريع للأفكار، كما انحدرت إلى السرد البسيط، ولم توفق في استحضار التاريخ، ولم تجب عن سؤال الرواية الأهم: «إذا سورية سألت». وأضاف أن ثمة إرهاقاً يتعرض له القارئ في قراءتها.
الجمال الشائق
القاص محمد عزوز اعتبر جديد الكاتبة أكثر نضجاً بعد إفادتها من ملاحظات وجهت إليها في عملها الأول، لكنه لم ينف تعب القراءة في طرح أسطورة «ليليث» على هذا النحو في الرواية. ورغم إعجابه المعلن بعالم «ليلى الكوسا» و»سامر» و»غيث» و»يمان الفخري» وابنه «عمران» يشير إلى أن أجواء الحرب على سورية بدت مقحمة في الرواية، وتمنى لو أنها حذفتها وأعطت للرواية عنواناً آخر، وفيما أشار كمن سبقه إلى أنها لم تجب عن السؤال الأهم «إذا سورية سألت»، منوّهاً بثقافة الكاتبة وشاعريتها ومثنياً على عامل الشغف الواضح في معظم فصول الرواية.
بدوره، تحدّث الشاعر مجد إبراهيم عن بعض مواطن الجمال الشائق في الرواية، بتعبيره، منوهاً بالانتقال الموفق للكاتبة من الواقعي إلى الأسطوري، وببنائها أسطورة على أساطير بل على أسماء أسطوريّة، بعضها معروف مثل منيرفا، وبعضها مرتجل «دحم- عيلي»، مؤكداً أن في الرواية إعلاء لشأن الأنثى واستحضارُ رموزها، وهذا الإعلاء لم يكن من خلال انتقاص الذكر، بل من خلال إعادة القيمة الحقيقيّة للأنثى، إضافة إلى إثارة مفاهيم فلسفيّة وتصوير الحالات النفسيّة بعبارات مألوفة، لكنّها تجعل سياق الكلام غير مألوف بل يحمل طابع الجِدّة والإدهاش، وهناك عبارات كثيرة فيها انزياح وتصوير يليق بالرواية.
ختام الندوة كان مع الروائية لميس بالرد فعلقت بالقول: «بدأت بكتابة هذه الرواية عام 2005 وانتهيت منها عام 2012 ما كتبته عن أسطورة ليليث في الرواية كان يعني ليليت السومرية الخيرة والمحبة للبشر، وهي العين الساهرة على الأطفال وأمهاتهم، والمرأة المساوية للرجل والمخلوقة من ماء وطين، والتي تمّ تشويه سمعتها والعمل على شيطنتها في الإعلام اليهودي والسلطة الذكورية لتبقى المرأة التابعة المخلوقة من ضلع الرجل والأقل منه شأناً. هذه هي المؤامرة التي تعرضت لها المرأة منذ غابر العصور، وهذا ما أربطه بشكل مباشر بالمؤامرة التي تتعرض لها سورية الآن». تضيف: «سورية قديمة قدم الخلق الأول، وهي مهد الحضارات ومنها خرجت الآلهة جميعها والديانات القديمة، كما خرج منها المبشرون والأنبياء بالديانات الجديدة، وهذا جواب عن سؤال الرواية المبطّن: «إذا سورية سألت» فسورية هي الربّة الخالقة العالية وهي من تسأل: بأي ذنب يتقاتل أبناؤها ويسيل كلّ هذا الدّم؟».
Sna.alyan gmail.com