تكتُّم حريري عن مضمون اللقاء ومصادر «البناء» تربط الزيارة بالحرب على إيران واستهداف «أرامكو» سلامة: زيارة بلينغسلي للاستطلاع وإذا كانوا يريدون فرض عقوبات يضعوها في واشنطن

محمد حمية

لا يمكن فصل زيارة مساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون مكافحة تمويل الإرهاب مارشال بلينغسلي الى لبنان وتصاعد حرب العقوبات الأميركية على حزب الله، عن اشتداد حماوة الصراع في المنطقة وتحديداً في الخليج، إلا أن مصادر مطلعة على ملف العقوبات الأميركية تربط في حديثها لـ»البناء» بين زيارة المسؤول الأميركي وبين المستجدات العسكرية الاخيرة في الخليج لا سيما استهداف «أرامكو»، إذ يعتبر الأميركيون أن أنصار الله ومن خلفهم إيران قد بدأوا بتخطي الخطوط الحمر للمصالح الأميركية في الخليج. وتبدي المصادر استغرابها حيال توقيت الزيارة علماً أن بلينغسلي التقى رئيس الحكومة سعد الحريري خلال زيارة الاخير الى واشنطن!

وإذ لم يُدلِ بلينغسلي بدلوه في مقرّي الرئاستين الثانية والثالثة مرجئاً مواقفه الى لقائه المسائي أمس في السفارة الأميركية، لم تكن أجواء لقائه مع الرئيس الحريري إيجابية بحسب المعلومات المتوافرة وسط تكتم من الحريري حول أجواء اللقاء، وقد اكتفى بلينغسلي بعد لقائه رئيس المجلس النيابي نبيه بري في عين التينة بالإعلان أنه سيتطرق الى كل الامور في لقاء صحافي.

إلا أن ما كتمه مساعد وزير الخزانة الأميركي سرّبه مصدر لبناني مطلع على مضمون المحادثات ولم يكشف عن هويته، ويقول المصدر لوكالة عالمية إن «بلينغسلي شدد على أن الولايات المتحدة ستعاقب أي فريق يقدم دعماً عينياً لحزب الله، سواء عبر الأسلحة أو المال أو أي وسائل مادية أخرى». ونقل المصدر عن المسؤول الأميركي تأكيده أن «العقوبات تستهدف إيران وأتباعها في المنطقة من دون المساس بالفرقاء التي يربطها مع حزب الله علاقة أو تعاون سياسي في لبنان».

وعلّقت مصادر مطلعة على ملف العقوبات الأميركية على لبنان على كلام المصدر بالقول لـ»البناء» إنه «من الواضح أن العقوبات الأميركية على حزب الله وكل من يتعامل معه تأخذ منحىً تصعيدياً والعقوبات على الحزب جزء من العقوبات والحرب على إيران»، لكنها تشير الى أن «قانون العقوبات الأميركي «أوفاك» واضح لجهة تحديد الجهات التي تدعم حزب الله أي من يقدّم دعماً مالياً كبيراً وعن سابق علم ومعرفة وبشكل متكرّر. واستبعدت المصادر «أن تدرج واشنطن مزيداً من المصارف اللبنانية على لائحة العقوبات طالما ان هذه المصارف تعرض عملياتها المصرفية وعملائها على رقابة داخلية من البنك المصرفي ولجنة المصارف وعلى مدققين من الخارج وتملك ايضاً مكاتب حقوقية في واشنطن».

وقد لخصت مصادر لـ«البناء» أجواء الزيارة كالآتي: استطلاع مناخ الإجراءات المتخذة على أكثر من صعيد، وتحديداً سياسي ومصرفي، حيال العقوبات الأميركية التي تفرضها واشنطن على قنوات تمويل «حزب الله». ثانياً: تأكيده مضي بلاده في التشدد وفرض المزيد من العقوبات»، ولفت بيلغنسلي بحسب المصادر الى أولوية العقوبات وسبل مكافحة القنوات المالية لـ»حزب الله»، والتي باتت تتقدم على الاستقرار اللبناني، وانتقاده حجم الفساد في لبنان معتبراً «ان هذا ما صنعته أيديكم».

وتلفت الى أن «زيارة المسؤول الأميركي تتركز على آليات تصفية «جمال ترست بنك» بكل تفاصيلها، حيث طالب المسؤولين في بيروت باتخاذ المزيد من الإجراءات الوقائية والعلاجية، ملمحاً الى «امكان ادراج بعض زبائن المصرف على لائحة «أوفاك»، وفق ما ابلغ لجنة الرقابة على المصارف. ونفى وجود مصارف أخرى ستتم تسميتها بخلاف ما تردد في بعض الاعلام اللبناني»، وحمل المسؤول الأميركي رسالة مفادها ان واشنطن لن تتساهل حيال أي حسابات غير مشروعة في «جمال ترست»، تحسباً لدخولها الى مصارف أخرى، الامر الذي اكد عليه خلال لقائه مع جمعية المصارف، لتؤكد بدورها عدم وجود أي رغبة في خرق القوانين بدليل ان أيا من المصارف لم يبد شهية في شراء «جمّال ترست».

ولم يخف بليغنسلي عتبا مباشراً حيال «بعض المصارف» التي لم تمتثل وتحسّن أوضاعها رغم التحذيرات التي نقلها الى بيروت قبل نحو عام. وكان عتبه كبيراً جداً وقاسياً على «جمال ترست» الذي أدرك مسبقاً مع من يتعامل ولم يتنبه او يتحسب للعواقب. وسأل عن مبررات عدم تعيين نواب الحاكم في هذه الأوضاع الحرجة، ولم يجد اعذاراً تحول دون ذلك. ورأى في تعيين النائب السابق للحاكم محمد بعاصيري للإشراف على تصفية «جمال ترست»، قراراً صائباً و»خطوة إيجابية».

إلا أن اللافت بحسب أوساط مراقبة هو الحملة السياسية والإعلامية المحلية المواكبة للزيارة عبر إشاعة أجواء تشاؤمية وتعميم أجواء انهيار مقبل في لبنان بالتزامن مع أزمة دولار تعيشها الأسواق المحلية والحديث عن ارتفاع في سعر صرف العملة وذلك في إطار الضغط على الحكومة للضغط على حزب الله في ملف ترسيم الحدود وتقييد حركته العسكرية في الجنوب.

وبحسب مصادر إعلامية فإن بلينغسلي لم يقدم انطباعاً أن العقوبات ستطال مؤسسات بل أفراداً يدعمون حزب الله، وبدوره أشار حاكم البنك المركزي رياض سلامة في تصريح أن «زيارة بلينغسلي للاستطلاع، وإذا كانوا يريدون فرض عقوبات يضعونها في واشنطن».

وكان بلينغسلي وفريق عمله المرافق اجتمع مع مجلس إدارة جمعية مصارف، وأوضح بيان للجمعية، أن بلينغسلي «رحب بالتزام المصارف اللبنانية بالقواعد والمعايير العالمية لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب»، مشدداً على «ضرورة متابعة هذه الجهود حرصاً على مصلحة القطاع». و»أعاد تأكيد موقف بلاده من دعم الاقتصاد اللبناني، خصوصاً القطاع المصرفي».

وأشار نائب رئيس الحكومة غسان حاصباني لـ»البناء» الى ان «ما يهمنا ليس ما يصدر من عقوبات من الولايات المتحدة بل يهمنا الاستقرار المصرفي والمالي والاجتماعي في لبنان اضافة الى استمرار الولايات المتحدة في دعم الجيش اللبناني وألا تؤثر العقوبات الأميركية على حزب الله على علاقة الدولة الأميركية بالدولة اللبنانية أو على الدعم الأميركي للبنان بكافة اشكاله، وان لا يتأثر القطاع المصرفي أيضاً جراء أي عقوبات»، ولفت حاصباني ايضا الى أننا «نحاول كطرف في الحكومة أن نحقق الاستقرار المالي في اطار الموازنة والاصلاحات والاجراءات الاقتصادية التي قدمناها».

وكانت السفارة الأميركية في بيروت أوردت في بيان، أن بلينغسلي خلال لقاءاته مع المسؤولين الرسميّين والمصرفيين، «سيشجع لبنان على اتخاذ الخطوات اللازمة للبقاء على مسافة من حزب الله وغيره من الجهات الخبيثة التي تحاول زعزعة استقرار لبنان ومؤسساته». والتقى مساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون مكافحة تمويل الإرهاب مارشال بلينغسلي، الإثنين كلاً من رئيس البرلمان نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى