طلال حيدر… صدمتنا وأسأت إلى نفسك
د. طوني كرم مطر
ربما لأنني أحببتك أكثر مما ينبغي، وتابعتك في أكثر من مكان، وكنت اعتبر أنك في صفنا الوطني والقومي، وأنك شاعر بعلبكي… لذلك صُعقت حين رأيتك وسمعتك تمدح السلطان.
لا أدري لماذا انتحر طلال حيدر ثقافياً! ورمى كلّ تاريخه الوطني بقصيدته الأخيرة، حيث ظهر أنه شاعر متكسّب، والتكسّب من خلال الشعر جريمة كبرى، فمهما كانت موهبة الشاعر وقدرته الإبداعية عالية إنما تقتلها تكسّبيته وتقلباته.
لا مانع عندي إذا مدح شاعر زعيماً أو قائداً أو نهجاً أو فكراً لأنه مؤمن به ومقتنع بكلّ تفاصيله ولا يبدّل تبديلاً… ولكن ما لا يجوز هو أن يمدح الشاعر ملكاً لا لشيء عنده إلا دراهمه.
هذا الأمر يسيء للشاعر ويقتل أجمل ما عنده، وعارٌ أن يكون الشاعر رخيصاً ولو لمرة واحدة، ولطالما انتقدت بعض المستشعرين المتكسّبين.
غلطة الشاطر بألف ، وأنت يا طلال خطيئتك مميتة لا تغتفر، لأنك صدمت أهلك وناسك ومحبيك.
عد إلى رشدك، عد إلى وطنيتك، وحاول أن تقنع نفسك بأنك قادر على أن تبتدئ من جديد بعد خيبة أملنا بك.
وصدقاً أقول لك إنني عندما سمعتك تمدح السلطان شعرت بانزعاج شديد، لأنني أعتبر المادح أهمّ من الممدوح، لقد ضربت دماغي بمجرد سماعك محاولاً لملمة أجزائي التي تبعثرت علّني أكون في حلم لكنني مع الأسف الشديد كنت في اليقظة.
الشعر يا طلال جزء من الإبداع، والإبداع أساس الحياة، والحياة صراع والصراع للأحرار، والشعر الوطني اللبناني لا يليق مدحاً إلا لحماة الأرض والعرض، حماة الأمة حماة العزّة والكرامة.
قصيدتك بالأمس خلطت كلّ المشاعر فانهارت القناعات القديمة وحلت مكانها علاماتُ استفهام وتعجّب لا جواب لها ولا ردّ عليها.
شاعر وناقد