قالت له
قالت له: هل أصابت في فيروز عندما غنت أن الحب يقتل الوقت وأن الوقت يقتل الحب «بأول شتي تحت الشتي حبّوا بعضهن، وبتاني شتي تحت الشتي تركوا بعضن». وقالت له تعا يا حبيبي قبل الوقت وقبل الحب، فهل هكذا فعلنا؟ أم أننا دخلنا في لعبة القتل المتبادل بين الحب والوقت؟
قال لها: أظننا فعلنا فلعبنا لعبتنا قبل الوقت وقبل الحب فصارت خليطاً غريباً عجيباً.
قالت له: كيف لعبناها؟ وكيف صرنا؟ وقبل الحب ماذا تعني ما دمت قد فهمت قبل الوقت؟
قال لها: أن نكتشف الوقت فنسبقه بالحب، ونكتشف الحب فنخبئه من الوقت.
قالت له: والآن أين نحن؟
قال لها: نتخبّأ من الوقت فنمنح الحب اسماً سريّاً هو الصداقة المميّزة.
قالت: وهل عليّ أن أصدّق أن هذه لم تكن نهاية الحب؟
قال لها: الحب يعيش مراحل حياته وعمره كملاكم محترف أو كراقصة مبهرة. ولعله خليط منهما في القوة والحركة من جهة، وفن الإغواء والتلاعب بالمشاعر من جهة مقابلة، لكنه حكماً ليس كشاب يشيخ.
قالت: كيف هذا؟
قال لها: الملاكم المحترف يركض ويُسرع الحركة لنيل بطولاته قبل مرور الوقت فيسابقه. وعندما يتبوأ السدة يبدأ بالتفكير بالنزول طوعاً عنها قبل أن ينزله الوقت فيحفظ لنفسه كرامته ومكانته واعتزازه ويبقى تألقه زاداً في الذكريات الجميلة ومثله تفعل الراقصة المبهرة والحب هكذا ينهش القلوب والأجساد حتى يتبوأ القمة إن كان حقيقياً لكنه يخشى الذبول ويخشى الوقت واستحقاقات الأعمار التي قد تسرق منه الذروة وتنافسه على المكانة فينسحب طوعاً ويترجّل ليحفظ ألقه وإبهاره وإغواءه ويبقى أجمل الذكريات، لأن الوقت يمضي بعده ويكتشف أنه لن يجد له مثيلاً ولذلك لا يقاوم الوقت كي لا يسقط صريعاً.
قالت له: ألا تنظر لحبنا بعين الضعف والعطف وقد فقد الكثير من وزنه ومن الشغف والملاحقة؟
قال لها: أشعر بفخر أنه فارس يعرف كيف يترجّل ويدع الوقت يكمل، لأن الوقت سيف قاطع لا يُقاوَم ولم أفهم يوماً معنى أنه كالسيف إن لم تقطعه قطعك ومن للوقت يقطعه؟
قالت له: أما زلت بعينيك تلك الصورة الجميلة؟
قال: وأجمل.
قالت: أما زلت تراني في سرك وتبتسم؟
قال: وأكمل.
قالت: أتهرب من مواقيتي أم ترغب ملاقاتي؟
قال: بقدر ما أحتمل.
قالت: تحتمل رؤيتي؟
قال: أحتمل إغواء العودة للملاكمة وأنا معتزل.
قالت: والآن؟
قال: تعالي نحتفل.
قالت: والقبلة التي أريدها؟
قال: إنها تكتمل.
وتعانقا ومضيا معاً.