المستشاريّة الثقافيّة الإيرانيّة كرّمت جورج جرداق وكلمات أشادت بشخصيّته الفذّة
كرّمت المستشارية الثقافية للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان الشاعر والأديب جورج جرداق بحفل في قصر الأونيسكو في ذكرى رحيله، برعاية السفير الإيراني محمد فتحعلي، في حضور الرئيس حسين الحسيني وشخصيات سياسية ودينية واجتماعية وثقافية.
بداية، آي من الذكر الحكيم تلاها المقرىء عباس شرف الدين، فالنشيدان اللبناني والإيراني، وتقديم من الزميل علي قصير.
ثم كانت كلمة رئيس مجلس الشورى الإسلامي الإيراني الدكتور علي لاريجاني ألقاها المهندس حسين شيخ الإسلام الذي قال: «إن الأديب الراحل جورج جرداق ترك لنا كلمة طيبة بعدما قرأ الإمام علي وإرثه الإنساني وأحبه وكتب عنه، وقال فيه: لست لقوم ولا لدين إنما انت للناس اجمعين»، وختم: «التقدير العالي من إيران للشاعر الراحل جرداق الذي نعتبره مفخرة لبنان، والذي سيبقى حيا في ما تركه من إرث أدبي إنساني».
من ناحيته، قال فتحعلي: «نلتقي اليوم في رحاب العلم والثقافة لتكريم شخصية فذة رسمت الحياة بألوان زاهية وتسام إنساني. درس عبقرية الإمام علي منذ صغره، فغرف من معين نهج البلاغة، وكتب موسوعته عن الإمام علي. ان القيم الانسانية العليا هي نفحة من الذات القدسية الإلهية وقد استودعها الله في الإنسان، مما يعني أن التقدير المشترك لجميع أبناء البشر يتجاوز الألوان والقوميات واللغات، فإذا ما تجلت هذه القيم في شخص ما تداعى إليه الناس في كل زمان ومكان بصرف النظر عن ألوانهم وقومياتهم وهذا ما حصل مع أئمة أهل البيت عليهم السلام، فلقد كان الإمام علي عليه السلام وأبناؤه تجسيداً كاملاً للقيم الإنسانية العليا ومن هنا فإنهم لا ينتمون إلى زمان أو مكان معينين ولا يختصرون في دين أو مذهب، ومن عرفهم من أي دين أو مذهب كان وفي كل زمان تداعى إليهم، وهذه ميزة خاصة بالانسان المتكامل التي أبدعها أديبنا الراحل، فغرف من زلال العلم والمعرفة الخاصة بالأئمة عليهم السلام ولا سيما الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، فأثارت فيه حالة من الوجد عبر عنها من خلال كتابة آثار خالدة في سماء الشعر والأدب والثقافة».
إلى رئيس منظمة الثقافة والعلاقات الإسلامية في إيران الدكتور أبو ذر ابراهيمي تركمان عن شخصية الشاعر الراحل الذي «لم يحبس نفسه داخل الأطر الطائفية والسياسية الطبقية بل بقي يبحث عن الحقيقة والكمال، وعندما أصاب الحقيقة خضع لها فكانت تلك بداية تحمله المسؤولية. سخر كل طاقاته ليؤلف سفره الخالد «الإمام علي». جرداق ابن لبنان، ولبنان عبر التاريخ أفضل نموذج للتضامن السلمي والعيش الكريم بين الطوائف. لا شك في أن ظهور جرداق هو ثمرة هذا التعايش الفكري، لذا تكريمه هو تكريم لكل من عاش مثله وهم ليسوا قلة. إن احياء ذكراه هو تكريم لبنان التضامن والتسامح الديني والمذهبي … إن «التيار التكفيري لم يكن وليد لحظة بل نتاج أموال تم صرفها عليه من دول كبرى»، داعياً الى «الحشد العلمائي البناء والمواجهة الفكرية لهذا التيار».
ثم عرض فيلم وثائقي عن الراحل ومؤلفاته وبعض قصائده بصوته ومقابلات أجريت معه تحدث فيها عن كتابه «الإمام علي – صوت العدالة الإنسانية»، فضلاً عن شهادات من عارفيه.
كلمة العائلة ألقاها هادي جرداق، وممّا قال: «أرى أبي مع إطلالة كل صباح وفي كتبه وأوراقه المبعثرة»، عارضاً لمراحل حياته تحت كنف والده الذي كان يحكي له حكايات الأدب والقصص بحب وحنان.
مدير عام وزارة الثقافة الدكتور فيصل طالب ألقى كلمة وزير الثقافة روني عريجي، ومما جاء فيها: «في زمن غياب الوصل وحضور القطع وهتك العقل واختلال التوازن وتهديد الهوية والشخصية الثقافية، في مثل هذا الزمان نفتقد نجوما في الليالي الظلماء. جورج جرداق واحد من هؤلاء الذين وجدوا في قيم الحق والخير والجمال والشجاعة والحرية والعدالة مواضيع تستحق العمل لأجلها في ميادين الصحافة والنقد والنثر والشعر. جورج جرداق غادرنا مع أحاسيس الخوف من هجره العصافير من أوكارها».
المونسنيور شربل الحكيم ألقى كلمة البطريرك غريغوريوس الثالث لحام، وفيها:» كان هم جرداق هم الضم في الأمة وهم الضمة في اللغة»، ناقلاً «تحية البطريرك لحام الى قادة الجمهورية الإسلامية في إيران. «لقد ترعرع جرداق على لغة الإمام علي وعلى نحو مماثل نشأ على تعاليم الكنيسة التي تجمعها على القيم المنتشرة بإنسانيتها».
المفتي الشيخ أحمد قبلان ألقى كلمة نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى عبد الأمير قبلان، فقال «إن جرداق مسيحي قرأ الوجود بعين الإسلام، غاص في عقل علي بن ابي طالب وكرؤية وجود وتمعن مساره في الله. «إن الانسان بروحه لا بحجائل ضلالته، فمن استأثر على رعية الله لا يؤتمن على إدارة بلاد».
إلى الوزير السابق جوزف الهاشم ملقياً كلمة نثرية أدبية عن جرداق، وجاء فيها «قلم جرداق ما كان إلاّ جامحاً، رهيف الرقة، قيم بالجمال حتى الوله، لم يلج بلاطات القصور».
ثم القى المطران الياس كفوري كلمة البطريرك يوحنا العاشر اليازجي، فشكر الجمهورية الإسلامية الإيرانية على رعايتها الحفل، ثم تحدث عن أصل جرداق ونشأته وعن بيئة مرجعيون حيث عائلاتها عربية عريقة وأضاف «لقد اخذ جرداق من الشعر والنثر وتتلمذ على يد رئيف خوري، وقد تأثر بنهج البلاغة للامام علي فكانت موسوعة من خمسة أجزاء «علي صوت العدالة الإنسانية. وختم: «جرداق ينتمي الى الإنسانية جمعاء، وهي حيويته الوحيدة، وكتابته عن الإمام علي لهي صورة بليغة عن الإسلام وعظمته، لقد ركز على القيم المشتركة بين المسيحية والإسلام كالرحمة والخير والمحبة، لقد آمن بالقيامة والحياة الابدية لذلك أحب الله والناس».
إلى كلمة شيخ عقل الطائفة الدرزية ألقاها الشيخ سامي أبو المنى، ومما جاء فيها: «سأحكي عما كتبه في موسوعته عن الإمام علي وفيها تجلت الروح الإنسانية عند جرداق، في الانسان تلتقي المسيحية والإسلام، لأن الانسان هو خليفة الله في الأرض، وقد نجح جرداق في الكتابة عنه، هذا الإنسان الذي يقتل ويذبح كل يوم في بلادنا». وارتجل قصيدة شعرية من وحي المناسبة.
ختاماً، قدّم السفير محمد فتحعلي درعاً تكريميّة لعائلة الغائب المكرّم.