بعبدا… لوبي سياسي داخلي – خارجي يستهدف العهد
محمد حميّة
بعد الفوضى المالية التي سادت الأسواق خلال الأسبوعين الماضيين وحرب الشائعات والحديث عن توتر في العلاقة بين رئيسي الجمهورية والحكومة من جهة وبين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل من جهة ثانية والمعلومات المسرّبة حول انهيار التسوية واستقالة للحكومة، وُضعت النقاط على الحروف أمس، في جلسة مجلس الوزراء التي عقدت في بعبدا برئاسة الرئيس ميشال عون وحضور رئيس الحكومة سعد الحريري. وكان تشديد من أطراف التسوية على التمسك بها ومختلف الأطراف على التمسك بالحكومة الحالية وضرورة تفعيل عملها ورفع درجة التضامن الوزاري لمواجهة التحديات والأزمات الداهمة.
فقال عون في مستهلّ الجلسة: «أنا رئيس الدولة وأمثل كرامة اللبنانيين وهيبة الدولة، ونحن جميعاً نمثل السلطة الإجرائية وأي فشل لنا هو فشل لكل السلطة، لذلك ممنوع ان نفشل ولن نفشل». ودعا الى «ان يمارس كل مسؤول صلاحياته، وإذا أخطأ لا بد من محاسبته وفقاً للأصول والقواعد القانونية»، طالباً من الوزراء «تحمّل مسؤولياتكم والدفاع عن الحكومة وشرح ما تقومون به للمواطنين ليكونوا على بينة ولا يستمعون للشائعات التي تطلق من هنا وهناك»، مشدداً على أن «القوانين وضعت للتطبيق وليس للاطلاع عليها فقط».
كما وجّه عون رسالة الى المتظاهرين في الشارع بأن «حق التظاهر لا يعني حق الشتيمة، وحرية الإعلام لا تعني حرية إطلاق الشائعات المغرضة والمؤذية للوطن»، وشدّد على ان «الوقت اليوم ليس للمزايدة، بل لحل المشاكل وخصوصاً الاقتصادية منها وأولها إكمال الموازنة».
وكانت لافتة كلمة وزير الخارجية جبران باسيل الذي كرّر على مسامع رئيس الحكومة والوزراء أمس، ما قاله خلال زيارته الأخيرة الى الولايات المتحدة عن فتنة اقتصادية يعمل عليها البعض متهماً شركاء محليين بالتآمر على الدولة، إلا أن باسيل لم يعلن أسماء ولا جهات، بحسب ما علمت «البناء».
فمن هي هذه الجهات؟ هل لوبي مالي داخلي أم أطراف سياسية في الخارج؟ وهل أصبح عهد الرئيس عون في دائرة الاستهداف الخارجي؟
أوساط وزارية في تكتل لبنان القوي تشير لـ»البناء» الى أن «باسيل لم يسمِ الجهات التي تتآمر على لبنان فهم ليسوا لوبي مصرفي داخلي، بل لوبي سياسي داخلي موجّه من الخارج وعابر للحدود، فمن غير المعقول أن تملك مكنة داخلية كل هذه الإمكانيات لافتعال الأزمات من أزمة الدولار الى المحروقات الى تحريك الشارع». وكان هناك توافق واقتناع في مجلس الوزراء بحسب معلومات «البناء» أن «أحداً من أركان الحكومة ليس بمنأى عن النتيجة إذا انهار الهيكل على رؤوس الجميع. وهذا ما قاله وزير الصناعة وائل أبو فاعور ووزير المال علي حسن خليل ووزراء القوات اللبنانية».
وتنفي الأوساط الوزارية العونية الكلام المنسوب للرئيس عون عن الرئيس الحريري في اللقاء بين عون والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، واصفة إياها بأنها «أخبار صالونات ولا قيمة لها»، وشدّدت على أن «التسوية الرئاسية بين الحريري وعون خيار استراتيجي ووفرت مظلة داخلية للاستقرار السياسي والأمني وحتى الاقتصادي الى حد كبير رغم حجم المخاطر والتحديات والأزمات»، وحذرت الأوساط بأن «هناك استهدافاً خارجياً للعهد»، مؤكدة أن عون لن يتنازل عن مواقفه الوطنية لأنه ينطلق في اي موقف من مصالح الدولة الوطنية وليس السياسية والشخصية»، لافتة الى «ملفين لن يتنازل عنهما عون هما حماية لبنان من العدوان الإسرائيلي وحق لبنان بالدفاع بكل الوسائل المتاحة بما فيها المقاومة مع الجيش والشعب، وملف النزوح السوري»، وتقول مصادر سياسية لـ»البناء» إن الرئيس عون يحاول الدفع بمشروع الحل لقضية النازحين السوريين عبر التوجه الى سورية، ولن يتنازل في هذا الأمر، وإذا تمكن لبنان من إعادة مليون نازح سوري، فإننا نكون أمام انفراج سياسي واقتصادي كبير يوفر على الدولة الكثير من الأعباء».
وعن العلاقة بين التيارين البرتقالي والأزرق وصعوبة نقلها من القيادة الى القواعد الشعبية، لا تنفي المصادر العونية صعوبة نقل التحالف الى القواعد، لكنها تلفت الى أن «هناك فرقاً بين العلاقة بين التيارين وبين العلاقة بين الرئيسين عون والحريري»، مشيرة الى أن «العلاقة بين التيارين تمرّ بطلعات ونزلات وليست الأزمة الأولى بينهما وتم تجاوزها وتحديداً حديث باسيل عن المارونية السياسية والسنية السياسية».