كلهم في عين الحلوة

روزانا رمّال

في كلّ مرة ينتصر الجيش اللبناني في معركته ضدّ الإرهاب تتعالى الأصوات التي تطالب الدولة اللبنانية بالكشف عن مصير المسلحين الذين في كلّ مرة لا يلبثون ان يهربوا من مسرح المعركة بطريقة غير مفهومة او مقبولة حتى الساعة…

حصل أن هرب شاكر العبسي بعد معارك نهر البارد الشهيرة، التي دامت أشهراً طويلة وتكبّد فيها الجيش اللبناني خسائر مؤلمة من كوادره بين ضباط ورتباء وجنود، وكانت فيها إنجازات مشهودة لقيادة الجيش وأجهزة الأمن والاستخبارات والتعاون والتنسيق مع سورية.

حصل أن هرب أحمد الأسير أيضاً ومجموعته بعد معركة صيدا عبرا التي استطاع الجيش اللبناني حسمها لصالحه وإعادة الأمن والاستقرار إلى منطقة عبرا التي كانت بفضل الأسير وأعوانه تشبه ثكنة عسكرية إرهابية بامتياز.

أيضاً وأيضاً هرب في نهاية معركة طرابلس الأخيرة في لبنان الشهر الماضي بطريقة غير مفهومة او واضحة كلّ من الارهابيين شادي المولوي وأسامة منصور وخالد بلحص وغيرهم، وأصبح السؤال عنهم يشغل أهل طرابلس تحديداً واللبنانيين عموماً، على الرغم من انّ أجهزة الامن اللبنانية لم تتوقف حتى الساعة عن تتبّع أخبارهم وملاحقتهم، حتى أنّ المعلومات المتوافرة مؤخراً تفيد انّ استخبارات الجيش اللبناني في الجنوب تتحدّث عن أنّ شادي المولوي وأعوانه موجودون في مخيم عين الحلوة، وقد سبق هذا تصريحات مباشرة تناولت الأسير وأعوانه، منها على لسان فضل شاكر، وغيرها من المعلومات المتقاطعة… كلّ هذا يعزز نسبة القلق من انّ مخيم عين الحلوة اصبح قنبلة موقوتة قابلة للانفجار بمدينة صيدا وبفلسطينيّي المخيم من الأهالي في أيّ وقت.

وعليه فإنّ المغامرة التكفيرية في عين الحلوة ليست بعيدة عن اعتبارها أحد الاحتمالات المتوقعة للضغط على الحكومة اللبنانية وابتكار منفذ او مخرج يخفف من ضغط فصل الشتاء المقبل على المسلحين في جرود عرسال الذين بدأت مؤشرات انزعاجهم وقلقهم تعود مجدّداً مع ابتزازهم لأهالي المخطوفين من جديد ومحاولتهم دخول الساحة اللبنانية بزعزعة أمنها تدريجياً، من هنا فإنّ المسؤولية لا تقع على عاتق الجيش اللبناني وحده بل على المسؤولين عن الأمن في المخيم من حركات فلسطينية تعرف جيداً انّ هذا الأمر يتطلب شجاعة لو كلف عملية عسكرية استباقية منسّقة مع الجيش اللبناني يتعاون الطرفان فيها امنياً، ويتمّ التدقيق في كلّ زاوية ومنزل وحيّ من هذا المخيم، لإلقاء القبض على هؤلاء قبل تفجير الوضع في المخيم واستدراجه الى نكبة او ازمة لا تحمد عقباها.

وإذا كان المسؤولون الفلسطينيون عن أمن المخيم لا يعتبرون انّ خطر تفجير الوضع أكيداً فإنهم بنفس الوقت لا يستطيعون الجزم بأن هذا الاحتمال غير وارد على الإطلاق اذا ما قاطعوه مع أوضاع الارهابيين المأزومة في البلاد، وعليه لا يمكن التهاون في اعتبار انّ الاكتفاء بعدم إمكانية تحديد أماكنهم في المخيم هو كلام مقنع او يوحي بنوايا جدية في التعاون.

كلهم في عين الحلوة اليوم أمام أعين المسؤولين الأمنيين والمسؤولين عن أمن المخيم… وشجاعة اليوم التي قد تسمّى مجازفة تبقى أفضل بكثير من أيّ مباغتة… ومن أي ندم في الغد.

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى