أردوغان يعلن نصف تفاهم مع بوتين وواشنطن تعلن رفضها لـ«المنطقة العازلة» جنبلاط يدخل «مشرط» أبو فاعور على المفاوضات مع «النصرة» فتنفجر «الزائدة»
كتب المحرر السياسي:
من المبكر معرفة ما تمّ في لقاء القمة الذي جمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب أردوغان، خصوصاً أن أحداً لا يمكن أن يتوقع بعد السقوف العالية لمواقف أردوغان تبدّلاً دراماتيكياً، يبدو كهزيمة كاملة، فالنزول عن شجرة التصعيد يحتاج إلى سلّم، والسلم الروسي يتحمّل الدرجة درجة، كما علق مصدر إعلامي روسي لـ«البناء» على قبول أردوغان الدعوة إلى مجموعة أصدقاء الحلّ في سورية، وتسميتها بمنتدى حوار دولي وإقليمي للبحث عن حلّ شامل للأزمة السورية، مجدداً مواقفه العدائية للدولة السورية ورئيسها، وأضاف المصدر: لو تأمّلنا حجم الاتفاقات الاقتصادية، ومجالاتها، سنكتشف أنّ تركيا حصلت على الكثير، وأنّ التعاون النووي وفي مجال الغاز، يتسع كثيراً، فهل كان هذا ليحصل لو لم تتمّ تفاهمات أعمق في السياسة يجب أن يُترك لها الوقت للتظهّر تدريجاً؟
بينما كان بوتين يلتقي أردوغان، كانت واشنطن تسدّد الدفعة المتوجبة، لإنجاح مساعي تسهيل التراجع التركي، بتأكيد رفضها للمنطقة العازلة على الحدود السورية التي طلبتها تركيا، مؤكدة بلسان الناطقة بلسان الخارجية الأميركية خلافات كبيرة مع تركيا.
لبنانياً، بين الحوار البارد المنتظر بين حزب الله وتيار المستقبل، والمأساة التي تلفّ قضية العسكريين المخطوفين، بعدما صارت ساحة للعب والعبث السياسي، تأزم الوضع ودخل مرحلة الحرج، مع تصعيد «جبهة النصرة»، بما بدا أنه جرعة دعم أو مقايضة سياسية كبرى، استمدّتها من دخول مشرط الوزير وائل أبو فاعور على خط القضية من دون تكليف حكومي، في توقيت دقيق لتفاوض يُفترض أنه محصور بالمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، فتضيع الطاسة، وتنفخت طاقية أبو طاقية، وكما يحدث بدخول مشرط ممرّض على جرح عملية يديرها جراح محترف، فتنفجر الزائدة قبل الوصول إليها واستئصالها، ويتسمّم الجسد وتصبح مخاطر الاشتراكات والالتهابات كلها حاضرة، وهذا هو ليل لبنان أمس.
ومساء تسارعت التطورات الدراماتيكية في ملف العسكريين المخطوفين وعمّت موجة من الهلع لدى أهاليهم بعد إعلان «جبهة النصرة» عبر «تويتر» إنها تلقت من الحكومة اللبنانية عدم قبولها بالمقايضة ولذلك هدّدت الجبهة بإعدام الجندي علي البزال، متهمة الدولة بالاستخفاف بمطالبها.
وذكرت معلومات أنّ البزال نقل برفقة مخطوف آخر من المكان الذي يتواجد فيه المخطوفون في جرود عرسال.
وبعد هذه الأنباء سارع الأهالي إلى قطع طريق الصيفي في الاتجاهين، فيما ناشدت والدة البزال المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم التدخل لوقف إعدام ابنها. كما قطع أهالي بلدة البزالية في البقاع الشمالي، وهي مسقط الجندي البزال الطريق كذلك تجمع أهالي القلمون قرب الطريق الدولية تضامناً مع أهالي العسكريين.
لكن، وفي حال صحة ما زعمته الجبهة، يبقى السؤال كيف عرفت الجبهة موقف الحكومة، علماً أن لا أحد يعرف تفاصيل التفاوض ومستجداته سوى رئيس الحكومة وأعضاء خلية الأزمة، والغريب أكثر أن مصطفى الحجيري أبو طاقية أوحى بهذا الأمر خلال النهار معلناً رفع يده عن قضية الجندي البزال. وهنا ترددت معلومات أن وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور كان على تواصل دائم مع أبو طاقية بحسب الأهالي.
وكان أبو فاعور تولى مهمة التفاوض مع الخاطفين من دون تكليف حكومي، على ما كشفت مصادر وزارية لـ«البناء». فقد أكدت المصادر «أن ملف العسكريين المخطوفين لم يطرح في أي جلسة لمجلس الوزراء، ولم يتخذ أي قرار في شأن التفاوض مع الخاطفين، ولم يكلف أي شخصية به».
وأشارت المصادر إلى «أن كل ما جرى هو أن مجلس الوزراء شكل خلية الأزمة التي أوكل إليها أن تأتي بأي طرح تتخذه إلى المجلس، إلا أنها حتى الساعة لم تأت بأي طرح»، لافتة إلى امتعاض الوزراء من عدم معرفتهم شيئاً عن التفاوض و»بتنا كالأطرش في الزفة لا نعلم عن هذا الموضوع سوى ما نسمعه في وسائل الإعلام».
وأكدت المصادر أن أبو فاعور لم يكلف من الحكومة بالتفاوض مع الخاطفين، مضيفة «أن الأخير فتح على حسابه في ملف العسكريين من دون العودة إلى الحكومة أو خلية الأزمة».
وكشفت المصادر «أن رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط هو من أوعز إلى وزير الصحة أن يعلن موقفاً الأحد الماضي بأن الحكومة وافقت على التفاوض المباشر، وأبلغ الأهالي بذلك، من دون العودة إلى الحكومة».
وسألت: «هل يريد جنبلاط تقديم سلفة خدمة لجبهة النصرة استكمالاً لما بدأه عندما نفى عنها تهمة الإرهاب، مبرراً ذلك بأنه يحمي أبناء طائفته؟ وهل سيدفع العسكريون ثمن استفراد جنبلاط وسياساته عبر وزيره أبو فاعور، لا سيما أن الأهالي ارتاحوا لفكرة التفاوض المباشر عبر أبو فاعور الذي أبدى استعداداً كلياً للاستجابة إلى كل مطالب الخاطفين»؟ في حين شددت مصادر وزارية في «8 آذار» على «أن اللواء عباس إبراهيم لم ينسحب من المفاوضات، إلا انه ملتزم الضوابط التي وضعها لنفسه في اجتماع خلية الأزمة عندما كلف التفاوض، وهي أنه لا يفاوض تحت وطأة التهديد والابتزاز، ولا يفاوض على جثث، ولا يخاطب الإرهابيين».
كذلك أكد وزير العمل سجعان قزي «أن اللواء إبراهيم هو المكلف الوحيد رسمياً بملف العسكريين المخطوفين، ونحن لسنا في وارد إطلاق مجرمين قتلوا مدنيين وعسكريين ومحكوم عليهم بالإعدام».
استغراب جنبلاط
وكان جنبلاط استغرب «الاتهامات التي تصدر من هنا وهناك حيال مواقفنا من قضيّة العسكريين المخطوفين».
وفي موقفه الأسبوعي لصحيفة «الأنباء» الإلكترونية، استغرب «كيف يحاول البعض تظهير رأينا على أنه ينطلق من اعتبارات مذهبيّة، مع العلم أن المخطوفين ينتمون إلى مختلف الطوائف والمذاهب».
ورأى أن «من الغريب أيضاً كيف تظهر بعض الأوساط الوزاريّة ضيقها بالمجهود الذي يقوم به الحزب التقدمي الاشتراكي في ملف العسكريين المخطوفين وكأن المطلوب عدم تقديم المساعدة لإنهاء هذه القضيّة التي ترقى إلى مستوى المأساة الوطنيّة. فإما أن تتوحد الكلمة داخل خليّة الأزمة الوزاريّة لوضع حدٍ لهذا الأمر أو تتوقف نوايا التشكيك الدائمة بما نقوم به لا سيّما أن وقتاً طويلاً قد مرّ على هذه المسألة من دون إيجاد الحلول الجذريّة لها».
وكان شباب آل البزال أصدروا بياناً اعتبروا فيه «أن علي البزال هو أمانة بأعناق أهل عرسال وليعلم القاصي والداني أنه لن يكون أحد بمنأى عن ثأرهم إذا ما أصاب علي البزال مكروه».
وأضاف البيان: «لن نرحم ولداً أو امرأة أو شيخاً من عرسال أو أي سوري، ولا تقولوا بأن لا علاقة لكم إذ إن ابننا ليس للمتاجرة وتحصيل الأهداف لمصلحة أي طرف فلا تجبرونا على قطع صلة الوصل ولا تجربونا».
كما حمل آل البزال أبو طاقية مسؤولية كل ما يجري.
فرص جيدة للحوار
على صعيد الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل الذي لا يزال ينتظر الانتهاء من جدول أعماله لينطلق، أكدت مصادر نيابية في «14 آذار» لـ«البناء» «أن التطورات الإقليمية ستجعل من فرص هذا الحوار أكثر من جيدة»، لافتة إلى «أن الانتخابات الرئاسية لم تعد ملحة في الوقت الحاضر، في ظل الاستقرار والهدوء الأمني النسبي في السلسلة الشرقية».