الاتحاد الأوروبي لحزب الله: لن نعيد النازحين في الوقت الراهن وعرض مالي بريطاني جديد «اللوبي» الحكومي للانفتاح الاقتصادي على سورية يتوسّع بانتظار موقف الحريري
محمد حمية
وإن كانت السياسة الأميركية والعربية والخليجية تحافظ على ثباتها لجهة رفض عودة النازحين السوريين في لبنان الى بلدهم، فإن الموقف الأوروبي لم يلحظ أي تعديل حيال أزمة النزوح رغم التحذيرات العلنية التي يطلقها المسؤولون الرسميون في لبنان ويبلغونها للمسؤولين في الامم المتحدة والعواصم الأوروبية، بأن بقاء النازحين يشكل خطراً كبيراً على كيان لبنان واقتصاده في ظل تردي أوضاعه الاقتصادية والمالية والنقدية.
وبحسب مصادر رسمية لـ»البناء» فإن معظم الزيارات الاممية والاوروبية الى لبنان منذ سنوات عدة الى الآن، كان هدفها متابعة ملف النازحين ومعاينة أوضاعهم والبحث في سبل مساعدتهم ومساعدة الدولة اللبنانية المضيفة مالياً للاستمرار في إيوائهم أطول مدة ممكنة، فضلاً عن رصد أي محاولة لاعادتهم بالتعاون بين الحكومتين اللبنانية والسورية وإحباطها عبر الضغط على رئيس الحكومة وتجييش الفريق الوزاري المحسوب عليه، كما حصل مؤخراً في مجلس الوزراء. علماً ان رئيس الحكومة وفريقه الاقتصادي ومعظم مجلس الوزراء مقتنعون بأن أزمة النزوح تشكل نزيفاً للاقتصاد اللبناني والانفتاح على سورية بات حاجة اقتصادية ملحّة لتعزيز الصادرات ما يفعل القطاعات الإنتاجية بعد فتح معبر القائم البوكمال بين العراق وسورية. وبحسب معلومات وزارية لـ»البناء» فإن اللوبي الحكومي يتوسع باتجاه التوجه الى سورية رغم معارضة القوات والاشتراكي بانتظار موقف حاسم للرئيس الحريري الذي وعد في الجلسة الأخيرة بدراسة اقتراح الوزراء جبران باسيل ومحمد فنيش وحسن اللقيس وايجاد الصيغة الملائمة.
وآخر تلك الزيارات الدولية كان زائر بريطاني هو وزير الدولة للشؤون الخارجية والتنمية الدولية الدكتور اندرو موريسون الذي أكد أمس، بوضوح خلال لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون ووزير الخارجية جبران باسيل، بأن عودة النازحين يجب أن تتم وفق القوانين الدولية التي تنص على جملة معايير واضحة من بينها حظر الإعادة القسرية، متهماً «النظام السوري بأنه يحول دون عودة اللاجئين إلى بلادهم في الوقت الراهن».
وفي إطار الإغراءات التي يقدمها الأوروبيون مقابل إبقاء النازحين في الدول المضيفة أعلن المسؤول البريطاني امس، عن توفير تمويل جديد تفوق قيمته 41 مليون دولار لصالح المجتمعات المضيفة والنازحين على السواء.
وبحسب معلومات «البناء» فقد سأل مسؤول قيادي في حزب الله أحد المسؤولين في الاتحاد الاوروبي خلال لقائهما في وقت سابق: «لماذا لا تدفعون الاموال للنازحين داخل سورية بدلاً من لبنان أو نصف الاموال علّ ذلك يسهل عودتهم الى سورية؟ فأجابه «ومن قال لك إننا نريد عودة النازحين؟ أضاف: هناك قرار من الاتحاد الأوروبي بمنع عودة النازحين ولن نغطي العودة في ظل استمرار وجود النظام السوري الحالي.
جواب المسؤول الأوروبي كان كافياً لتفهم المصادر المسؤولة في حزب الله أن لا حلول دولية لأزمة النزوح والحل الوحيد المتبقي هو التفاوض المباشر مع الحكومة السورية، فكان تحرّك وزراء حزب الله ومعهم حركة أمل والتيار الوطني الحر على موجة واحدة في جلسة مجلس الوزراء أمس الأول، لتأمين لوبي حكومي ضاغط على رئيس الحكومة سعد الحريري لاستصدار قرار حكومي بالتواصل المباشر مع سورية لحل المشاكل العالقة لا سيما النازحين وعلى مستوى الأزمات الاقتصادية.
وتشير المصادر القيادية في حزب الله لـ»البناء» الى أن «العقوبات الاميركية على حزب الله ولبنان لا تساوي 1 في المئة من الأزمة الاقتصادية القائمة في لبنان والهدف من تضخيمها هو التعمية على الاسباب الحقيقية وتهرّب المسؤولين عنها من المسؤولية والتحريض على حزب الله وتحميله عبء الأزمة».
وتلفت الى أن «الوضع الاقتصادي في لبنان ليس جديداً بل بدأ يتداعى منذ عشرة أعوام وأكثر وله علاقة بمسألة مركزية تتمثل بالنظام الطائفي القائم المبني على المحاصصة والفساد وحماية المتهربين ضريبياً ولم تتمكن الحكومات الماضية من خرق هذا النظام ووضع سياسات متكاملة اقتصادية واجتماعية في الزراعة والصناعة». كما تؤكد أن «الحكومة الحالية لم تضع سياسات اقتصادية مع أملنا الكبير بنجاحها في تطبيق الخطط الموضوعة من الكهرباء والنفايات، كما أن اموال سيدر ممكن ان تحدث حراكاً اقتصادياً إذا أنفقت بطريقة صحيحة».
أما المشكلة الطارئة للوضع الاقتصادي، بحسب المصدر القيادي فهي «القرار الاميركي الاوروبي بتحويل لبنان الى مستودع للنازحين السوريين ورفض عودتهم وربطه بأهداف سياسية عدة، أهمها استخدامهم في الانتخابات المقبلة في سورية وللقول بأنه لو لم يكن هناك مشكلة في سورية لما بقيت أزمة النازحين».
وتخلص المصادر الى أن «لا قرار خارجي بإسقاط لبنان اقتصادياً، لكن هذا ليس حباً به، بل حرصاً على المصالح الخارجية. وبالتالي لا مؤامرة اقتصادية خارجية بل أسباب الأزمة داخلية بمجملها».
وإذ تشير مصادر دبلوماسية روسية في لبنان لـ»البناء» الى أن قوى دولية وإقليمية تعرقل عودة النازحين ما أدى الى تجميد المبادرة الروسية وأن الحل بالتواصل المباشر بين الدولتين اللبنانية والسورية، يؤكد مرجع دبلوماسي سوري في لبنان لـ»البناء» أن «سورية قدمت كل التسهيلات لعودة النازحين الى بلدهم وهي مستعدة للتعاون مع الحكومة اللبنانية لهذه الغاية، إلا أنها لم تجد خطوات عملية جدية من الحكومة اللبنانية»، ويضيف: «سورية قدمت كل التطمينات للنازحين في حال عودتهم من مراسيم وإجراءات قانونية تسهل عودتهم بما خص الخدمة الإلزامية والاحتياط».
ودعا كل أطراف الحكومة اللبنانية الى «اعادة النظر في خطابها من اجل لبنان وليس سورية، فأبواب دمشق مفتوحة لمن يريد زيارتها»، ويشجع المصدر التعاون الاقتصادي بين البلدين، ويؤكد أن العائق الاساسي لعودة السوريين هو بث الخوف في نفوسهم من المنظمات الدولية».
واعتبر الرئيس عون خلال استقباله الوزير البريطاني اندرو موريسون ان «العودة الطوعيّة والآمنة التي تحققت حتى الآن من لبنان شملت 276 الف نازح عادوا الى سورية ولم يتبلغ لبنان أي شكوى عن ممارسات تعرضوا لها بعد عودتهم».