أزمة المحروقات انتهت… والأفران على الطريق… والموازنة خلال 10 أيام الحريري يدرس مقترحات للعلاقة مع سورية في ملفي النازحين والترانزيت
كتب المحرّر السياسيّ
لم ينجح الرئيس التركي رجب أردوغان في تحقيق اي اختراق سياسي أو عسكري يذكر، في الحرب التي يفترض أنها حصانه الرابح بعد سلسلة الخسائر التي أصابته. فالرئيس التركي رجب أردوغان منذ تراجعه في معركة حلب نحو مسار أستانة، وهو يدفع داخلياً وخارجياً أثماناً باهظة. فقد خسر وعوده بتأمين نفوذ تركي في مستقبل سورية عبر بوابة إدلب، واضطر بعد ممانعة ومراوغة ورعاية لجبهة النصرة والجماعات المسلحة لإحباط تقدم الجيش السوري، إلى التموضع مجدداً موافقاً على صيغة سورية حكومية للجنة الدستورية، وعلى تحمل نتائج فتح طريق حلب – حماة وحلب – اللاذقية أمام الجيش السوري، حسب مقررات قمة أنقرة الروسية التركية الإيرانية، ولا يزال يماطل في التنفيذ، مراهناً على عمليته في شرق سورية أن تمنحه وضعاً جديداً. وهو خسر انتخابات بلدية إسطمبول وخسر نصف حزبه، ويعرف أن زعامته باتت مهددة، وأن عليه تقديم إنجاز بحجم كافٍ لتعويم هذه الزعامة، في ظل أوضاع اقتصادية تزداد سوءاً، وتعتمد بصورة رئيسية على تجارة الترانزيت نحو إيران والسياحة الروسية، إضافة للاعتماد على الصادرات الصناعية نحو إيران والزراعية نحو روسيا، ورهان أردوغان على فوز ساحق في معارك شرق الفرات تتيح له تغيير وجهة مستقبله من الهبوط السريع نحو استعادة مسار الصعود.
النتائج العسكرية لليومين الأولين لحرب أردوغان تكاد لا تُذكر. فالمواقع التي هجرها عناصر قسد في رأس العين وتل أبيض مع بدء العملية عادت الحياة لتدبّ فيها بعد يومين، ويبدو التقدم الذي يريده أردوغان بدون خسائر في جيشه، صعب التحقق بالاعتماد على جماعات الأخوان المسلمين السوريين الذين حشدهم في بنية ملحقة بالجيش التركي ودفع بهم إلى الخطوط الأمامية، بينما سياسياً لم ينجح أردوغان في الحصول على دعم أي دولة في العالم باستثناء قطر، ويعيش عزلة واسعة النطاق، وسط تصاعد المطالبات الأوروبية والأميركية بفرض عقوبات مشددة على نظامه، ودعوة روسية لسلوك طريق الحل السياسي للأزمة مع الجماعات الكردية، واعتبار العودة لاتفاق أضنة مع الدولة السورية طريقاً آمناً لتحقيق المصالح التركية المشروعة، بينما رفعت إيران سقف توصيفها للعملية التركية باعتبارها عدواناً على سورية، رغم مشاركتها للقلق التركي من مشروع انفصالي كردي، لكن يبدو أن قلقها من سقوط مسار أستانة، وحدوث صدام سوري تركي أكبر، في ظل استعداد إيراني روسي للمساهمة بوساطة تنتهي بحل سياسي تتسلم عبره الدولة السورية بموافقة كردية الأمن في مناطق شرق الفرات، وتفتح الطريق للقيادة الكردية نحو المشاركة في الحل السياسي، بينما يعتمد اتفاق أضنة كأساس لتنظيم الوضع عبر الحدود بين الدولتين السورية والتركية.
لبنانياً، كشفت أزمة المحروقات والدولار هشاشة الترتيبات التي أعلن اعتمادها خلال الأسبوعين الماضيين، وللمرة الثالثة أعيد الإعلان عن التوصل لحل نهائي بعد اجتماعات رعاها رئيس الحكومة سعد الحريري، بينما الأفران التي قرّرت الإضراب يوم الإثنين تنتظر مساعي الحلول خلال اليوم وغداً، والتي أكدت مصادر حكومية أنها ستنتهي إلى حلول أكيدة، بينما تتواصل مناقشات الموازنة التي قالت المصادر الحكومية إنها ستكون منجزة خلال عشرة أيام، لتلاقي الدعوة لجلسة نيابية في 22 الشهر الحالي يبدأ بعدها الدور التشريعي الخاص بمناقشة الموازنة أصولاً.
على مستوى العلاقة الحكومية بسورية في ضوء مناقشات جلسة الحكومة أول أمس، أكدت مصادر وزارية أن الرئيس الحريري يدرس مقترحات عدة جدية لتأمين الاتصال المنتظم بين الحكومتين، ويسعى للحصول على تغطية عربية لهذا التواصل الذي يفترض أن يؤمن فرصاً لمناقشة ملفي النازحين وتأمين التعاون في عودتهم من لبنان وسورية بصورة أقوى مما هو قائم، كما يتيح التوصل لتفاهمات تسمح باستفادة لبنان بصورة واسعة من فتح المعابر الحدودية بين سورية والأردن وبين سورية والعراق.
تشهد الساحة الداخلية سلسلة لقاءات مكثفة على المستويين الرئاسي والقيادي على وقع نفاد المهل الدستورية لإحالة الموازنة من الحكومة الى المجلس النيابي وعودة الأزمات الحياتية الى الواجهة. فبعد ساعات على لقاء بعبدا الذي جمع رئيسي الجمهورية العماد ميشال عون والمجلس النيابي نبيه بري، شكل اللقاء الذي جمع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مساء أمس الأول برئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، الحدث الداخلي الأبرز.
اللقاء الذي جرى بحضور مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا، تناول التطورات الإقليمية والمحلية. وبحسب بيان للحزب «استحوذت الأوضاع الداخلية على الحيز الأكبر من اللقاء المطول، وتمّ الاتفاق على ضرورة تأمين الاستقرار الاقتصادي من خلال القيام بكل الإجراءات اللازمة لضبط الوضع الاقتصادي وتحسينه، وضرورة العمل على زيادة موارد الدولة وإصدار موازنة 2020 وفيها إصلاحات جذرية من شأنها تحسين الواقع الاقتصادي والمالي ووجوب الانتقال من الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد المنتج، كذلك وجوب تخفيض عجز ميزان المدفوعات وحل مشكلة النازحين».
وتوقف اللقاء عند «أهمية الحفاظ على الاستقرار السياسي الأمني وتفعيل العمل النيابي والحكومي، كما تفعيل عمل مؤسسات الرقابة ومقاومة الفساد».
على صعيد آخر، وفيما كان اتجاه أصحاب محطات وتوزيع الوقود الى الإضراب العام ابتداءً من اليوم، أعلن نقيب الشركات المستوردة للنفط جورج فياض في تصريح له مساء أمس، بعد لقائه رئيس الحكومة سعد الحريري في السراي الحكومية ان «أزمة المحروقات انتهت وتسليم المحروقات سيتم ابتداء من صباح غدّ السبت اليوم بالليرة اللبنانية»، مشيراً إلى انه «تم حل المشاكل المتعلقة بالآلية المتفق عليها مع مصرف لبنان وكذلك بالنسبة لما سيتم استيراده من مشتقات».
وكان الرئيس بري دعا الحكومة الى حل أزمة المحروقات بأسرع وقت ممكن وأجرى سلسلة اتصالات لهذه الغاية. وأكد زوار بري أنه «تحدث عن ضرورة تحرك الحكومة لبت أزمتي المحروقات والطحين بأسرع وقت، وأن يتمّ التوصل الى حل نهار الإثنين كحد أقصى، لأن المواطن اللبناني لا يحتمل تأجيلاً من دون حلول».
وعلق وزير الدولة لشؤون التجارة الخارجية حسن مراد، في تصريح عبر مواقع التواصل الاجتماعي، قائلاً: «يتضح وجود منظومة خفية تعمل في ليل لتعطيل البلد وضرب عملته واقتصاده لا حل لأزمة المحروقات إلا من خلال تولي الدولة استيراد المشتقات النفطية وتسليمها لشركات التوزيع».
وكانت محطات الوقود بمختلف المناطق شهدت ازدحاماً بالمواطنين لتزويد سياراتهم بالوقود ما ادى الى زحمة سير كبيرة أمام المحطات وفي الشوارع المحيطة بها. وفي الموازاة، تهافت اللبنانيون على الافران لشراء الخبز قبل الإضراب المرتقب يوم الاثنين المقبل، وفقد انتشرت الكثير من الصور عبر مواقع التواصل الاجتماعي تظهر زحمة المواطنين داخل الافران اللبنانية.
وقام عدد من المحتجين بالتجمع في محلة جسر الكولا، احتجاجاً على الوضع الاقتصادي، ورفعوا شعارات ولافتات تطالب بمعالجة الأزمة.
وجابت مسيرة شبابية شارع مار الياس في بيروت وصولاً الى كركول الدروز، البطركية، مرددين هتافات منددة بالاوضاع الاقتصادية المتردية، واؤضح المشاركون انهم انطلقوا في مسيرتهم بصورة عفوية تعبيراً عن معاناة الشباب جراء الازمات الاقتصادية المتلاحقة، وهم لا ينتمون لاي فريق سياسي.
وقال وزير المال علي حسن خليل في رده على سؤال حول أزمة الطحين والمحرقات: «ما في مشكل».
وعن الموازنة قال: «ونأمل الانتهاء من الموازنة الإثنين المقبل».
وكانت لجنة الاصلاحات واصلت درسها للمقترحات المقدمة من القوى السياسية، على أن تحال المقترحات المتفق عليها الى مجلس الوزراء لضمّها الى الموازنة أو الحاقها بمشاريع قوانين تحال الى المجلس النيابي.
وفي خطوة كانت متوقّعة نتيجة الاتصالات واللقاءات التي تمت في الساعات الماضية، اعلنت الامانة العامة للمجلس النيابي في بيان تعديل موعد الجلسة التي كانت مقررة في الحادية عشرة من يوم الثلثاء في الخامس عشر من تشرين ا ول 2019 الى يوم الثلثاء الواقع فيه 22 -10 -2019 الساعة الحادية عشرة. كذلك تحديد الجلسة التي كانت مقررة في السابع عشر من هذا الشهر لتفسير مادة دستورية الى يوم ا ربعاء الواقع فيه السابع والعشرين من تشرين الثاني 2019 الساعة الحادية عشرة.
وبحسب المعلومات، فإن سبب التأجيل هو لمنح الحكومة مزيداً من الوقت لبت أمر الموازنة المالية.