مبادرة باسيل الشجاعة
ـ لا يختلف الذين هبّوا لانتقاد كلام وزير الخارجية جبران باسيل في اجتماع وزراء الخارجية العرب عن ضرورة استعادة سورية لمقعدها في الجامعة العربية ومن ثم إعلان عزمه زيارة سورية، مع الأسباب الموجبة لمبادرته، حيث الإجماع على اعتبار قضيتي عودة النازحين واستثمار لبنان لعائدات فتح معبري نصيب والبوكمال عنوانين راهنين وشديدي الإلحاح من موقع المصلحة اللبنانية خصوصاً مع أزمة اقتصادية خانقة.
ـ المنافقون يفعلون ذلك دائماً، يبحثون عن الذرائع لتبرير المواقف المخزية، فباسيل لم يقل للفريق اللبناني المعترض على كلامه إنّ بيده حلاً سحرياً لملفي النازحين والمعابر الحدودية وتسهيلاتها المأمولة إنْ ذهب إلى دمشق، ولا قال للوزراء العرب إنّ سورية جاهزة لتلاقي دعوتهم بالإيجاب، لكنه سأل الفريقين هل لديكم بدائل تواجهون بها ما تعتبرونه تحديات راهنة؟
ـ معادلة باسيل مختلفة عن معادلات الفريقين لسبب بسيط لأنها تطبّق مبادئ علم السياسة، وهو القائم على البحث عن المشاكل وشروط حلها، وتحديد الجهة المقابلة القادرة، والتوجه إليها من منطلق توافر شرطين في المبادرة نحوه، الأول أنها نابعة من منطلق استقلالي حر، والثانية أنها تعتمد الواقعية في السعي للتفاهمات.
ـ الفارق بين باسيل والفريقين العربي واللبناني، أنهما عندما يشترطان ضمان باسيل لنجاح مبادرته لقبولها، يتذرّعان بذلك لإخفاء غياب القرار الإستقلالي لديهما، فكلهم ينتظر الضوء الأخضر من واشنطن على حساب مصالح حيوية لمن يدّعي تمثيلهم، وعسى ألا ينتظر باسيل إجماعاً على مبادرته لترجمتها، وفي تاريخنا لو انتظرت المقاومة إجماعاً لكان الإحتلال ما يزال جاثماً فوق أرضنا، والعلاقات مع الدول والاتفاقيات الدولية والمعاهدات تبدأ بتفاوض يجريه رئيس الجمهورية، وفقاً للدستور ويعرض نتائجه على مجلس الوزراء، والطبيعي أن يوفد رئيس الجمهورية وزير الخارجية ومن يريد معه من الوزراء لبدء البحث مع سورية في إتفايات تطال ملفي النازحين والمعابر الحدودية… وبعدها فليجرأوا على رفض التفاهمات؟!
التعليق السياسي